الثلاثاء 18 مارس 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

من التقاليد الليبرالية.."الولاية الاحتياطية وتضارب المصالح"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تلقيت دعوة كريمة من مؤسسة “,”فريدريش ناومان من أجل الحرية“,” لحضور سيمنار علمي لمناقشة “,”ضمان الحرية الفردية والديمقراطية والديمقراطيون والمؤسسات“,”، وذلك بمدن ألمانية مختلفة، هي “,”جومرسباخ، وفايمر، ودرسدن، وبرلين“,”.. وما لفت نظري في هذا البرنامج المحكم، ليس فقط جدية القائمين عليه، وقوتهم العلمية وتمكنهم من تبسيط وشرح مفاهيم محل خلاف وجدل كبيرين في أوطاننا العربية، ولكن أيضًا حرارة وجدية المناقشات من جميع الوفود العربية بلا استثناء، حيث شاركت وفود من البلدان العربية التالية: “,”تونس وليبيا وفلسطين والمغرب والجزائر ومصر“,”.

وفي اليوم الأول، تعرض فولف بابست، ود. كريستيان تاكس مدير برنامج المنح الدراسية إلى مفاهيم الليبرالية “,”القيم والمبادئ، وسيادة القانون“,”، وما مدى أهمية هذا المفهوم فى بلدان التحول الديمقراطي، والمعنى الحقيقي للعلمانية، ولماذا يجب تشجيع فكرة الدولة العلمانية؟ وفي هذا الإطار يجب أن أعترف بأن ما سمعته وتعلمته عن أغلب هذه المفاهيم مختلف، في الكثير من الأحيان، عن ما هو متداول في مصر أو البلدان العربية، حيث أكد فولف بابست ـ على سبيل المثال ـ بأن من الأهداف الرئيسية للعلمانية هو حماية الأديان، وأن العلمانية ليس ضد الأديان، كما يعتقد البعض.
وما أثار انتباهي في اليوم الأول، ما طرحه “,”فولف“,” حول مفهوم “,”الولاية الاحتياطية“,”، Subsidiarity ، حيث ذهب الرجل إلى أنه يعني حل المشاكل يجب أن ينطلق من أسفل القاعدة وليس القمة، بمعنى أن حل أي مشكلة “,”سياسية – اقتصادية – اجتماعية“,”، لابد أن يبدأ بمحاولة فردية، ثم الأسرة، ثم الولاية والأقليم وأخيرًا الحكومة المركزية، أي أن الحلول يجب أن تأتي من أسفل القاعدة الجماهيرية، ويجب عدم الانتظار حتى تأتي الحلول من قمة السلطة في الدولة. وبالقياس على ذلك فإن ممارسة الاختصاصات والحريات والحقوق والمطالبة بها لابد أن تكون فردية.
أما المصطلح الثاني فهو “,”تضارب المصالح“,” وهو ما أثاره الوفد المصري المشارك، وكلهم من الشباب الأكاديمي والذي يعطي بالفعل الأمل بأن مصر سوف يكون لها شأن بهذه العقول الجبارة، حول “,”كيف أن نضمن عدم تضارب المصالح في حال تولى البعض السلطة التنفيذية أو سيطرة على السلطة التشريعية“,”.
وهنا يمكن القول، إن القاعدة الأساسية في كل دول العالم هي أنه من حق جميع فئات المجتمع أن تمارس السياسة، ولا توجد أي قواعد دستورية أو قانونية تحظر على أي فئة من فئات المجتمع ممارسة هذا الحق، وعلى الرغم من ذلك، فإن القاعدة الأهم في الديمقراطيات الراسخة، هي ألا تختلط المصالح، ولا يكون هناك مزج بين الدور السياسي والدور الاقتصادي، إلا في إطار ما يحدده القانون، وبما يمنع تضارب المصالح.
وفي الوقت الذي قامت فيه ثورة 25 يناير من أجل إقامة دولة القانون ومنع الفساد.. والشفافية، إلا أن حالات الفساد، عادت ـ سريعًاـ هي وظاهرة زواج المال بالسلطة من جديد، وذلك بتشكيل الرئيس المخلوع محمد مرسي مؤسسة الرئاسة من بعض رجال الأعمال أو عائلات “,”البيزنس“,” الإخوانية، ما أعطى انطباعًا بأن الوجوه قد تغيرت فقط، من رجال الأعمال في النظام السابق، إلى وجوه أخرى تربطها علاقات شراكة تجارية ومصاهرة داخل النظام الجديد، وأن الأغنياء داخل تنظيم الإخوان تم تصعيدهم لتولي مناصب عليا في الدولة.
إن خطورة زواج السلطة بالمال وأهمية صدور قانون يحدد القواعد والضوابط لعدم استغلال المناصب السياسية لتحقيق أرباح خاصة للحد من أي شبهات قد تحوم حول هذا أو ذاك وحفاظًا على حق المجتمع وإعلاء لمبادئ الشفافية والإفصاح مع التأكيد على أن رجال الأعمال فئة تؤدي أدوارًا وطنية في المجتمع، وهي ليست فئة ضالة أو منحرفة ومن حقها تولي أي منصب في الدولة مثل أي مواطن آخر ولابد من وضع ضوابط وقواعد قانونية تنظم عمل أصحاب المناصب العامة سواء كانوا رجال أعمال أو قضاة أو أساتذة جامعة ولا يقتصر الأمر على رجال الأعمال فقط وكل فئة من الممكن أن تسيء وتستغل منصبها لأهداف خاصة.
ولا شك أن عودة رأس المال ـ مستقبلاًـ للمشاركة في الحكم من مواقع مهيمنة في مجال الاقتصاد، هو أمر يضر بكل اعتبارات العدالة والشفافية ويضرب قاعدة العلم المتزامن بظروف السوق بين الرأسماليين أنفسهم، حيث يصبح لدى الموجودين في السلطة أفضلية مطلقة على حساب نظرائهم من الرأسماليين الموجودين خارجها، فضلاً عن الضرر الجسيم الذي تتعرض له الطبقات الفقيرة والمتوسطة من أي هيمنة لرأس المال على الحكم.