السبت 26 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

نقص الحضانات خطر يهدد حياة الرضع.. و200 ألف مولود لا يجدون مكانا بالمستشفيات العامة.. مواطنون: كدنا نفقد أبناءنا بسبب نقصها.. وصدمنا بقولهم إنها كاملة العدد.. أطباء: آلاف الأطفال على قائمة الانتظار

نقص الحضانات خطرا
نقص الحضانات خطرا يهدد حياة الرضع
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المستشفيات العامة "الحكومية" تعاني من نقص حاد في الحضانات، في حين أن حديثي الولادة يحتاجون إلى 200 ألف حضانة سنويا، مع العلم أن المستشفيات تساهم بـ3 آلاف و900 فقط، وهذه التقارير من أكبر وحدة للأمومة في مصر، وهي مستشفى الجلاء للولادة، وبخلاف ذلك فان المتضرر الوحيد هو المواطن البسيط الذي يعانى من هذا النقص.

السباق للحضانات
في غرفة الانتظار بمستشفى الجلاء للحصول على حضانة، يمكن للمرء أن يرى على الفور وجوه تنم عن قلق بالغ من الآباء والأمهات، فقال حسين، العامل بسيط في احدي المصانع: "كنت بين نارين لكي احفظ ابنتي، اطمأن زوجتي التي كانت مرتبكة تماما من فقدانها بسبب نقص وزنها الشديد، خاصة أنها جاءت بعد طول انتظار بعد 10 أعوام من الزواج، ولا يمكن أن اتخيل بعقلي أن أفقدها للحظة بسبب عدم وجود حضانة، فهذه المأساة الحقيقة".
وأضاف، لقد قمت بجولة في عديد من المستشفيات بما فيهم الدمرداش، والمطرية، على أمل العثور على الحضانة، ولكن دون الوصول إلى نتائج وصدمت بالرد، بان المستشفيات كاملة العدد ولا يمكن استقبال طفل بالحضانات، مشيرا إلى أنه قام بسباق مع الزمن فقد كان يخشي على حياة ابنته "جنى"، حتى لجأ إلى مستشفى الجلاء، ولم ينتظر كثيرا وقاموا بالرعاية الصحية اللازمة.
ويروي محمد 29 عاما مدرس ابتدائي، قائلا: بعد أربعة أيام من الانتظار، وضعت ابني أخيرا في حضانة بمستشفى الجلاء، وشعرت بالراحة بعد أن اصبحت اب جديدا، وقد عانيت كثيرا، وقمت بتقديم شكوي، لعدم وجود أي مكان لوضع ابني بسبب نقص الحضانات بالمستشفيات، ونصحتني الوزارة بأن أقدم في مستشفى الشيخ زايد.

وأضاف "محمد": كانت الصدمة الكبرى هناك عندما طلب مني دفع مبلغ 2600 جنيه و250 جنيها رسوم المستشفى في اليوم الواحد، فضلا عن انني لم أكن قادرا على تحمل هذه الرسوم الباهظة، مؤكدا أنه لحسن الحظ بعد طول انتظار لإنقاذ حياته من نقص الاكسجين الذي كان يعاني منه واوضعته في حضانة تستحق كل التقدير والاحترام بمستشفى الجلاء.
وأوضح دكتور عمرو الخشاب مسئول عن أطفال الحضانات، أنه بسبب نقص الحضانات لا يزال الآلاف من الأطفال على قائمة الانتظار، وبجناح جانب غرفة الانتظار، ويتم وضع عشرة من حديثي الولادة على سرير عادي على أمل إيجاد حضانة فارغة، وهذا خطر حقيقي لانتشار العدوى بينهم، نظرا أن حديثي الولادة تكون مناعتهم منخفضة.
وقال الدكتور محمد مراد مدير مستشفى الجلاء، أن اختلاف أسعار الحضانات بين المستشفيات الخاصة والعامة ادت إلى نقص الشديد في الحضانات، وابسط مثال على ذلك أن تكلفة الحضانة بالمستشفى الخاصة لا تقل عن 700جنيه، رغم من أن تكلفة المستشفى العام 20 جنيها فقط، وهذا من ضمن المشاكل في كل التطبيقات بمستشفى الجلاء، مضيفا أن مستشفى الجلاء تأسست في عام 1938 وهي أكبر وحدة الأمومة في مصر، ولكن ليس لديها سوى 45 حضانة وتعمل على استخدام 30 منهم في الرعاية الصحية ونسعر 15 الآخرين، فالمشكلة الحقيقة أن عدد المواليد في ازدياد حيث وصلت آخر نسبة إلى 25000 مولود أي نحو 69 ولادة يوميا والأطفال التي تحتاج إلى حضانات من 10% إلى 15%، وهذا غير كافي بنسبة للمستشفيات العامة في مصر.
وقال الدكتور خالد الخطيب رئيس الإدارة المركزية للرعاية التلطيفية في حالات الطوارئ بوزارة الصحة، أن الأطفال حديثي الولادة التي تحتاج إلى حضانات يكون وزنها اقل من 1700 كيلوجرام، أو العدوي التي تصيبهم، لذا يجب علينا توفير الرعاية اللازمة لهؤلاء الأطفال وخاصة إذا كانت الأم لم تقوم بالمراقبة الطبية خلال فترة الحمل.
وأضاف " الخطيب" نعلم أن هناك نقص بالحضانات، ولكننا نفعل كل شيء ممكن لضمان صحة هؤلاء الأطفال وان حالة مستشفى الجلاء لا تختلف عن المستشفيات العامة الأخرى في مصر، بل هي افضل من المستشفيات الأخرى في التعامل مع حديثي الولادة.



وقال الدكتور هشام شيحة مسئول سابق في وزارة الصحة، وفقا للأرقام الصادرة عن وزارة الصحة أن مصر لديها 2.5 مليون مولود سنويا منها 10٪ يحتاجون الحاضنات، وبالرغم من ذلك تحتوي المستشفيات العامة على 3900 حاضنة وهو يعتبر رقم تافه إذا نظرنا إلى معدل المواليد في البلاد.
وأكد على أنه يوجد ما يقرب من 200000 مولود من المواليد الجدد لا يجدون حاضنات لأطفالهم في المستشفيات العامة في كل عام ولا يقدرون على دفع أموال طائلة بمستشفيات الخاصة وهذا بسبب جشع وعدم مراعاة الإنسانية لإنقاذ روح طفل.

الخدمة المتعثرة
وقالت انشراح محمد، ممرضة بأحدي الحضانات في مستشفى الجلاء، أن نقص الحضانات ليست المشكلة الوحيدة التي يواجهها الآباء والأمهات، بل عدم وجود موظفين مؤهلين في هذه الخدمة هو مصدر القلق الرئيسي، مضيفة أن بالمستشفى عدد ضئيل جدا من الممرضات قليلة الخبرة، وعددنا يبغ نحو 23 ممرضة منقسمين إلى ثلاثة مواعيد في اليوم وهذا قليل بنسبة لعدد الأطفال في الحضانات، وبالرغم من ذلك فنحن نحتاج إلى خمسين ممرضة لتوفير الرعاية اللازمة لكل طفل، خصوصا أن هؤلاء الممرضات توفر الخدمات لكل من الأطفال الرضع.
والنتيجة الآن أن كل ممرضة مسئولة عن مالا يقل عن 7 أطفال في وقت واحد، فضلا أن المعايير الدولية التي تمليها منظمة الصحة العالمية (OMS) تتطلب أن يضطر الممرض أو الممرضة لرعاية 3 أطفال على الأكثر خلال استمراره إذا كانوا يعانون من اليرقان، واثنين فقط إذا تعرضوا لأية مخاطر صحية، وواحدة إذا كان لديه عدوى، وهذه القواعد هي أبعد ما تكون عن ما يتم تنفيذه في مصر، سواء في المستشفيات العامة والخاصة.
وأضافت هالة صلاح الدين طبيبة الأطفال، أن المشكلة لا تتوقف على عدم وجود الممرضين بلا المشكلة خلال حاضنات التعقيم فيجب وجود على الأقل اثنين من الممرضين إضافي لتكون قادرة على وضع الأطفال، موضحا أن عملية التعقيم تقوم بها الممرضة كل خمسة أيام لتطهير حاضنات لأن خلاف ذلك، يمكن أن تكون حياتهن في خطر بخلاف عن أي مشكلة فنية والخوف من أن تفشل الحاضنات سواء بتبريد أو بالتنفس.
وقالت سمر ممرضة، اعمل بمستشفى الجلاء منذ 4 سنوات مع هؤلاء الأطفال، وأنهم بحاجة إلى أن يكون الطعام كل 3 ساعات وفي الوقت نفسه مراعاة الرعاية الصحية اللازمة لهم ولا تكتفي بتغيير حفاضات للأطفال فيجب توفير معاملة خاصة وضمان استمرار عمل الأجهزة ويرتبط بعضها ببعض.
وتعتقد أن بعض الممرضات وظيفتهم هي على حد سواء صعبة ومجهدة، وان أوقات هي 8 ساعات ويحق لنا بالاستراحة بمدة لا تزيد عن ربع ساعة، ولذلك بسبب هذه الشروط فأن العديد من الممرضات يفضلون التوجه لمناصب الإدارية أو التوجه إلى المستشفيات الخاصة لظروف العمل الافضل، سواء كان العائد المادي أو بتقليص عدد الأطفال التي يتم التعامل معهم بخلاف المزيد من الموارد المتاحة في الخدمات.