الثلاثاء 18 مارس 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

رسالة إلى لجنة الخمسين: "اسمعوا يرحمكم الله"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما أفهمه أنا، وغيري، أن أعضاء لجنة تعديل الدستور لا يعبرون عن وجهة نظرهم، ولكن عن رغبات المجتمع المصري وتطلعاته، وما أثير حول انقسام اللجنة هو رؤيتها للنظام الانتخابي، هل بالفردي والقائمة أم المختلط، كان لافتًا للنظر، وأعاد للأذهان أعمال اللجنة السابقة وانسحاب الكثير منها، نظرًا لفرض رأي واحد على أعمال اللجنة أو بمعنى أدق الأخذ بوجهة النظر الإخوانية فقط.
يا أيتها اللجنة الفتية، يجب أن تدركوا أن النظم الانتخابية والسياسية تضم الكثير من الأمور الفنية، ولكن النظم الانتخابية يجب أن تتضمن الكثير من الخبرات الفنية التفصيلية، كما أنه لا يمكن الإجابة على سؤال: ما هو أفضل النظم الانتخابية أو النظام الانتخابي الأمثل؟ لأن ذلك مرتبط بالأهداف والخيارات المتاحة لكل بلد، وأن الوظيفة الأساسية للنظم الانتخابية هي المساعدة على احتواء الصراعات السياسية واختلاف وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين، والمؤكد أن هناك أنواعًا معينة من الصراعات تم احتواؤها عبر الأنظمة الانتخابية المختلفة.

وقد أثبتت التجارب العالمية أن النظام الانتخابي لا يبنى على فراغ، إنما يعتمد على السياق الاجتماعي والسياسي الخاص بكل بلد، ولا يوجد أي نموذج موحد قابل للتطبيق في كل دول العالم، بل ينبغي أن تختار كل دولة ما يتلاءم مع ظروفها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية ودرجة التقدم الحضاري، ومن ثم يكون النظام الانتخابي الأصلح هو النظام الذي تكون عيوبه أقل من مزاياه على اعتبار أن ما من نظام وطريقة انتخابية تخلو من العيوب والمزايا.
إن أي نظام انتخابي يجب أن تتوافر فيه عدة شروط من بينها، سهولة النظام للمرشح والناخب والهيئة المشرفة على العملية الانتخابية، تمثيل كل فئات الاجتماعية والثقافية والأثنية والعرقية والمهمشة مثل البدو والنوبة وأهلنا في حلايب وشلاتين، قادر على تشكيل حكومة مسئولة ومستقرة من حيث استقرار المؤسسات التنفيذية والتشريعية، نظام يساعد على تقليل العنف، كما أن هناك ثمة معايير عديدة للحكم على جودة وصلاحية النظام الانتخابي أهمها إفراز برلمان يحمل الصفات التالية: (1) أن يكون ممثلًا لأكبر نسبة ممكنة من الشعب، (2) فرص متكافئة للمواطنين لإمكانية الترشح وإمكانية الفوز، (3) استقرار الحكومة وفعاليتها، ( 4) أن يكون الاختيار بناءً على الأفكار والبرامج وحسن السمعة، (5) مجلس ذو دور تشريعي ورقابي قوي.

وبناءً عليه، أيتها اللجنة العظيمة، إنه يجب تحديد نوع النظام الانتخابي في الدستور، حتى لا يثير الأمر أي نوع من اللبس في القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، وحتى نبتعد عن أزمات حل البرلمان بين الحين والآخر، بما يدعم استقرار المؤسسة التشريعية، كما يجب إلغاء نسبة العمال والفلاحين في الدستور، نظرًا لما تشكله من خلل واضح لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص القائم في الدستور، إضافة إلى أن المبرر لوجودها منذ عام 1964 تم انتفاؤه، ناهيك عن أنها تربك كلًا من الناخب والمرشح والإدارة الانتخابية، إضافة إلى أن الكثير من المرشحين استغلوها لإثبات صفة غير صفتهم، كما أنها تم استغلالها استغلالًا سلبيًا من جانب النظم الحاكمة على مر الحقب السابقة.

وفي ظل الأوضاع الجديدة بات هناك ضرورة ملحة للتمييز الإيجابي للمرأة المصرية في التمثيل في البرلمان، وذلك من خلال وضع كوتة جندرية أو نوعية، تحدد ألا يزيد تمثيل الجنس الواحد في البرلمان والمجالس المحلية على نسبة محددة، وقد اختلف المجتمعون على طبيعة تلك النسبة، فمنهم من أشار إلى أن تلك النسبة لا تتعدى 70%، وآخرون أشاروا إلى نسبة 80% للجنس الواحد، بما يعني عمليًا أن تمثيل المرأة في البرلمان والمجالس المحلية بنسبة 30% أو 20% على الأقل.

وأخيرًا، يجب ضرورة إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية بحيث يراعى في هذا التقسيم الشروط التالية: التمثيل المتساوي للسكان، التكامل الجغرافي، التماشي مع التقسيم الإداري، مراعاة التوافق مع قاعدة بيانات الرقم القومي، والتجانس السكاني بين الريف والحضر والبدو، بمعنى أن تكون الدوائر قدر الإمكان من ريف فقط أو حضر فقط أو بدو فقط، حتى لا تتضارب المصالح بين الناخبين عند اختيار ممثليهم.
وبناءً عليه، توصي أغلب القوى الشبابية والمجتمعية والخبراء بضرورة الأخذ بالنظام الفردي، بدوائر صغيرة نسبيًا، ويجب أن نترك النظام المختلط إلى غير رجعة، تكفي ترضية لبعض الأحزاب الضعيف الهشة أو ما يطلق عليهم “,”حراس المقر“,”، من وجهة نظر عضو اللجنة د. عمرو الشوبكي.
وعلى الله قصد السبيل