الجمعة 11 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بروفايل

السادات.. صانع البسمة والنصر


الرئيس السادات
الرئيس السادات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هو.. رئيس مصر، السابق والراحل برصاص الغدر الإرهابي، قاهر اليهود في أكتوبر المجيدة، صاحب أعظم انتصار عسكري في أكتوبر 73، وصانع البسمة والنصر بعد الانكسار في 67، أنه محمد أنور السادات.
حياته مليئة بالمغامرات والحكايات، داخل الزنزانة 54 في سجن مصر العمومي، وعمل صحفيا في مجلة المصور، وتباعا علي سيارة نقل، ومناضلا ضد الإنجليز، عضوا في قيادة الثورة.. وأخيرا رئيسا لمصر.
ولد السادات بقرية ميت أبو الكوم في محافظة المنوفية عام 1918، وتلقى تعليمه الأول في كتاب القرية على يد الشيخ عبد الحميد عيسى، ثم انتقل إلى مدرسة الأقباط الابتدائية بـ“,” طوخ دلكا“,”، وحصل منها على الشهادة الابتدائية. وفي عام 1935 التحق بالمدرسة الحربية لاستكمال دراساته العليا، وتخرج من الكلية الحربية عام 1938 ،ضابطاً برتبة ملازم ثان، وتم تعيينه في مدينة منقباد جنوب مصر. وقد تأثر في مطلع حياته بعدد من الشخصيات السياسية والشعبية في مصر والعالم.
لم يكن السادات ضابطًا عاديًا في الجيش المصري، فقد تأثر في بداية حياته بعدد من الزعماء السياسيين المصريين، وقادة كفاح الاستعمار في بداية القرن الماضي، كالزعيمين مصطفى كامل ومحمد فريد، وتأثر خاصة بالزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك، حيث قال عنه السادات في كتابه “,”من أوراق السادات“,”، الذي سطره الكاتب الكبير أنيس منصور..
“,” “,” لما انفتح باب بيتنا في القاهرة، تدفقت على رأسي دنيا جديدة، كانت على الحائط صورة وكانت الصورة مفاجأة، بل أنها كانت دعوة لوليمة تاريخية شهية، لم تكن صورة للزعيم مصطفى كامل الزعيم المصري، ولا صورة للملك، ولا حتى صورة لمنظر طبيعي جميل، من تلك الصور التي اعتادت بيوتنا أن تزين بها الجدران، لقد كانت صورة الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك، الذي غيرت إجراءاته وقرارته وجه تركيا“,”.
أثرت انتصارات هتلر في نفسية السادات، وقرر أن يتخذ منها طريقًا يسلكه لتحرير مصر من قبضة الاستعمار البريطاني، وتعاون مع أجهزة المخابرات الألمانية، وبعد هزيمة الجيش الألماني على الحدود المصرية، شددت المخابرات البريطانية من قبضتها الاستعمارية على ربوع مصر، وتم إعلان الأحكام العرفية، وتم اعتقال السادات وزملائه ممن ساعدوه، وتم فصله من الجيش المصري، وأثناء تجربة السجن حاول السادات البحث عن نظرة أعمق في حياته، ما بين عامي 1942 و1944، إلى أن هرب في سبتمبر عام 1945، وعمل مع صديقه حسن عزت “,”تباعًا على سيارة نقل“,”، حتى تم إلغاء الأحكام العرفية وعاد السادات إلى منزله بعد قضاء 3 أعوام بلا مأوى محدد.
ويبدو أن السادات كان عاشقًا للمغامرات السياسية، ولم يهدأ له بال حتى يطرد الاستعمار من مصر، فقرر هو وعدد من زملائه قتل وزير المالية أنداك أمين عثمان، كان الأخير، من أقرب الأصدقاء للإنجليز، وقد استفز المصريين بمقولته الشهيرة التي انتقد فيها مطالب الشعب بجلاء القوات البريطانية عن مصر، قال عثمان: “,”إن الزواج بين مصر وبريطانيا زواج كاثوليكي، ولا طلاق فيه“,”، فيما نجحت الخطة وقُتل عثمان في السادس من يناير عام 1946، وتم حبس السادات في الزنزانة الشهيرة التي أثرت في شخصية السادات “,”الرئيس والإنسان“,”، وهي زنزانة “,”54“,”، حيث قال عنها السادات في كتابه البحث عن الذات.. :
“,” “,”لقد ظللت أعاني داخل الزنزانة 54 في سجن مصر العمومي بلا صحف أو راديو ولا أي شيء على الإطلاق، ولا أي اتصال بالعالم الخارجي، وعندما سمحوا لنا بدخول الكتب ظللت أقرأ بهم، ووجدت في كل سطر شيئًا جديدًا اكتشفه، يفتح أمامي أفاق واسعة لم أعرفها من قبل، وكانت أكثر قراءتي باللغة الإنجليزية والباقي بالعربية، ومنها أعلن السادات تغيير شخصيته وتفكيره، واستقلال نفسه“,”
وبعد خروجه من السجن عمل كصحفي بمجلة المصور، ومن ثم في الأعمال الحرة مع صديق الكفاح حسن عزت، إلى أن استغل علاقاته الطيبة والقديمة مع طبيب الملك الخاص الدكتور يوسف رشاد، فعاد إلى عمله بالجيش في عام 1950.
وبرغم أن السادات كان رجلًا غير وسيم، وبرغم سمار بشرته، إلا أنه كان يمتلك جاذبية خاصة به، أوقعت جيهان صفوت زوجته الثانية في غرامه، برغم أنه كان يكبرها في السن بأربعة عشر عامًا، ومتزوج ولديه ثلاث بنات، إلا أنها تحدت الظروف وكل “,”المعارضين على زواجهما“,”، وقررت الزواج به، بعد أن اعترفت له بحبها وإعجابها به، وانبهارها بشخصية الرجل المغامر والقوي والسياسي الجريء، وتزوجا وأنجبا ثلاث بنات وولد.
وفي عام 1951 انضم السادات لتنظيم الضباط الأحرار، وكان يقوم بمهمة نقل أخبار القصر والملك من خلال علاقاته الجيدة بطبيب الملك، إلى التنظيم ونجحت الثورة بعد أن توترت الأحداث في مصر، عقب حريق القاهرة وتمت إقالة حكومة النحاس باشا.
وفي عام 1969 عينه الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، نائبًا لرئيس الجمهورية، وعندما توفى الرئيس عبدالناصر عام 1970، واجه السادات صعوبات كبيرة، بعد أن سيطر على مفاصل الدولة عدد من مراكز القوي والمتمثلين في وزراء الداخلية والإعلام ورئيس الاتحاد الاشتراكي والتنظيم الطليعي ورئيس مكتب شئون رئيس الجمهورية، وظل الصراع قائمًا على مدى 8 أشهر، إلى أن اكتشف السادات المؤامرة التي يدبرونها له، بعزله من منصبه والعمل على إحداث فراغ دستوري بعد أن أعلنوا استقالتهم على التليفزيون، بدون الرجوع إليه، واستغلال الطلبة أعضاء “,”التنظيم الطليعي“,” للخروج في مظاهرات واحتجاجات بالشارع، إلى أن تم إفساد المؤامرة وتم اعتقال تلك القيادات وإيداعها بالسجون، وتم حرق شرائط التجسس على المصريين فيما عرفت إعلاميًا “,”بثورة التصحيح“,”، وتم إصدار دستور 71.
وفي عام 1972 ومع خطة الاستعداد للحرب، وإعادة بناء الجيش المصري، طرد السادات أكثر من 8000 خبير روسي من الأراضي المصرية، وتم إقالة الفريق محمد صادق، وعين بدلاً منه المشير أحمد إسماعيل لقيادة الجيش المصري، واتخذ السادات أصعب قرارات حياته، وتم كسر حالة “,”إلا سلم وإلا حرب“,” حيث خاضت مصر حربها مع العدو “,”إسرائيل“,” وتم تحرير سيناء وتحطيم خط بارليف.
وقرر السادات عام 1974 عدة قرارات سياسية واقتصادية، أثرت في تغيير وجه وملامح مصر، حيث قرر تحرير السلع، وقرر الانفتاح الاقتصادي على العالم، ومن ثم اتخذ قرارًا عام 1977 برفع الدعم عن السلع الأساسية في شهر يناير، حتي اندلعت المظاهرات والاحتجاجات في كل مكان في مصر، والتي عرفت “,”بانتفاضة الخبز“,”، ولكن الرئيس آنذاك أطلق عليها “,”انتفاضة حرامية“,”، وعلى صعيد السياسة الداخلية اتخذ الرئيس الراحل قرارًا بعودة الحياة الحزبية في مصر، وقام بإنشاء الحزب الوطني الديمقراطي، الذي أسقطته ثورة 25 يناير 2011 .
أما على صعيد السياسة الخارجية قرر السادات بعد الحرب وقبوله قرار وقف إطلاق النار، الدخول في مفاوضات للسلام مع إسرائيل برعاية أمريكية بواسطة مستشار الأمن القومي للولايات المتحدة “,”هنري كيسنجر“,”، وعلى سياسة فرق تسود، عمل الغرب على اتباعها مع الأشقاء العرب، حيث تم إقصاء سوريا والأردن وفلسطين عن المفاوضات، وذلك بعد زيارته للقدس في نوفمبر 1977، والتي أحدثت ضجيجًا ومن الممكن أن نقول إنها أحدثت “,”خيبة أمل“,” للقومية العربية، وفي نهاية عام 1979 تم توقيع اتفاقية السلام “,”كامب ديفيد“,”، مع “,”مناحم بيجن“,” رئيس وزراء إسرائيل، وبرعاية جيمي كارتر رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وتم تعليق عضوية مصر من الجامعة العربية، ونقل مقرها إلى تونس، وقاطعت معظم الدول العربية مصر، باستثناء سلطنة عمان والسودان والمغرب والإمارات.
وفي خريف عام 1981 أمر السادات باعتقال 1536 شخصية، من رموز الفكر والسياسة والصحافة وعدد من قيادات الجماعات الإسلامية والإخوان، وكذلك تم تحديد إقامة البابا شنودة في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، وذلك لرفضهم السلام مع العدو، وعدد من القرارات الاقتصادية والسياسية.

وأثناء احتفال السادات ومعه عدد من قادة الجيش، بالذكرى الثامنة لحرب أكتوبر، تم اغتيال السادات برصاص الإرهاب الغادر على يد خالد الإسلامبولي وعدد من قادة الجماعة الإسلامية، في حادث المنصة الشهير عام 1981، لينتهي مشوار كفاح الرئيس “,”السادات“,”، عاش بطلاً ومات شهيدًا.