السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

هيمنة القطبيين على الجماعة تعرقل مساعي التيار الإصلاحي لإقرار مراجعات


سياسيون
سياسيون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ أن أطلق الدكتور حمزة زوبع، المتحدث الرسمي باسم حزب الحرية والعدالة، مبادرة تعتذر بموجبها الجماعة عن حزمة من الأخطاء التي ارتكبتها جماعة الإخوان خلال حكم مرسي، وما أعقبها من اعتذار مماثل قدمه الدكتور عصام سلطان، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، عن تجاوزات وقعت فيها الجماعة خلال العام الماضي، والأنباء التي تتردد عن طرح الدكتور محمد علي بشر، وزير التنمية المحلي السابق،.. والحديث عن مبادرة للمصالحة بين الإخوان لا ينقطع، عن إمكانية إقدام الجماعة على مراجعات لمواقفها وأخطائها وتورطها في سلوكيات جلبت عليها سخط الشعب، تشبه لحد كبير ما أقدمت عليه الجماعة الإسلامية والجهاد عامي 1997 و2006.
فشل الجماعة
ولا ينبغي تجاهل دور الإخفاقات التي تعرضت لها الجماعة خلال الفترة الأخيرة في الوصول لهذا النفق، فالجماعة لأول مرة في تاريخها تواجه هذا المأزق، فمنذ إنشائها وهي تواجه عصف السلطات منذ أكثر من 82 عاما، ولكن هذه المرة الأولى التي تواجه فيها السلطة والشعب بعد أن اكتشفت الجماهير القناع الزائف التي حاولت الجماعة به خداع الشعب طوال العقود الماضية.
وعززت أجواء فشل الجماعة ومكتب الإرشاد في إدارة عام من حكم الرئيس مرسي بشكل ذريع وإخفاقها في التصدي لحملات تشويهها، حالة التمرد في صفوف الجماعة، لا سيما أن الإطاحة بالرئيس المعزول مرسي تسببت في إشعال صراع أجيال داخل الجماعة، بدأت مع تدشين حركة “,”أخوان بلا عنف“,” ردًّا على تورط عدد من أعضاء مكتب الإرشاد في إلقاء شباب الجماعة في التهلكة، ومواجهة سلطات الدولة في فض الاعتصام؛ مما أدى لمقتل 1000 من أنصار الشرعية حسب الأرقام الرسمية.
وأشعلت خسائر الجماعة ووصول علاقاتها مع الدولة إلى طريق مسدود، وعدم قدرتها على حشد الجماهير لمناصرة أجندتها، بل وتزايد حدة الغضب الجماهيري عليها، مما دفع عددا من التيارات الشبابية أو الصفوف الثالثة والرابعة من الجماعة إلى ضرورة البحث عن مسار آخر للجماعة بعيدا عن المواجهة مع الدولة، وعدم الجنوح للعنف، وأحداث تغيير في “,”منفستو“,” الجماعة بشكل يعيد الاعتبار إلى أفكار المرشد الثالث عمر التلمساني الإصلاحية التي تنفتح على المجتمع، وتضع مصالح الوطن في المرتبة الأولى بشكل يخالف توجهات التيار القطبي المهمين على الجماعة طوال العقدين الماضيين.
شديد الصعوبة

ولكن هذا الأمر ليس بهذه السهولة التي يراها البعض، كما يؤكد الدكتور عمار علي حسن، الخبير في شئون الحركات الإسلامية ، أن التيار الإصلاحي داخل جماعة الإخوان عانى من الضعف خلال العقد الأخير، في ظل الضربات التي تلقاها من التيار القطبي، وخروج جميع رموزه بدءا من القطب الإخواني مختار نوح، وعبد الستار المليجي، وإبراهيم الزعفراني، نهاية بالدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، ومحمد حبيب، بشكل يجعل مسألة اعتراف الجماعة بأخطائها وقيادة حركة مراجعات على غرار الجماعة الإسلامية والجهاد أمرا شديد الصعوبة.
واعتبر الدكتور عمار أن مجرد صدور اعتذار رسمي من المرشد أو من مكتب الإرشاد يعني إقرارا بارتكابهم أخطاء شديدة تستوجب محاسبتهم على مثل هذه التجاوزات وإقالتهم من مناصبهم، وأعني بديع والشاطر وعزت والبيومي والكتاتني وغيرهم، بشكل يعيق الإقدام على نوع من المراجعات الشاملة، فالأمر قد لا يتجاوز إقرارا بأخطاء في إطار رغبة في المصالحة وطي صفحة مرسي، مع عدم ملاحقة الجماعة أو حظرها مقابل التوقف عن استخدام العنف وتنظيم مظاهرات.
غير أن رفض الإقدام على المراجعات لصعوبته لن يمر مرور الكرام، بل إنه سيشعل صراعا بين التيار القطبي وبقايا التيار الإصلاحي مدعومًا بالشباب الذين يرون مكتب الإرشاد مسئولا عن كوارث، منها إطاحة رئيس وضياع جماعة، وبالتالي على هؤلاء الرحيل لإيجاد قيادة شابة تطوي صفحة الماضي، وتفتح نوافذ جديدة مع السلطة والمجتمع.
انهيار الجماعة

ودعم الطرح السابق الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية ، الذي رأى أن قيام الجماعة بمراجعات في هذا التوقيت أمر شديد الصعوبة، كونه سيؤدي لانهيار الجماعة، وبدء حركة انشقاقات غير مسبوقة في صفوفها، لا سيما أن أغلب أعضاء مكتب الإرشاد الحاليين لا يرون أنهم أخطئوا، وهو ما يجعلهم يرفضون مثل هذه الاتجاه، لذا يسعون فقط للوصول لصفقة مع الجيش باعتبار أن إبرام الصفقات هو أفضل ما يجيده الإخوان.
ولفت فهمي إلى أن التيار الإصلاحي والشباب لا يحظون بالثقل الذي يعتقده البعض، بل إن هناك أنصارا للتيار القطبي يسعون حاليا لعرقلة الجهود التي يقوم بها كل من الدكتور محمد علي بشر وزير التنمية المحلية السابق، والدكتور عمرو دراج باعتبارهما محسوبين على التيار الإصلاحي داخل الجماعة، ومن ثم فالاثنين لم يحصلا على تفويض حتى الآن لإدارة الجماعة.
واعتبر أن وجود أشخاص كـ“,”محمود عزت ومحمود حسين وجمعة أمين“,” خارج السجن يجعلهم يقفون عقبة أمام أي مراجعات، بل إن هؤلاء على العكس، يرون أن الجماعة تكسب من وراء عدائها للسلطة والبطش الحكومي، ويدعم توجه الجماعة لاكتساب أنصار جدد، ومن ثم فلا إمكانية لحدوث مثل هذه المراجعات، باعتبار هؤلاء يملكون الحل والعقد، بل إن محمود حسين هو من رفض اعتذاري زوبع وسلطان باعتبارهما تصرفين شخصيين لا يمثلان الجماعة.
يفضلون المواجهة

وفي نفس السياق، رأى الدكتور جمال سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس ، أن جماعة الإخوان جماعة خارج إطار الزمن، وتعيش في عالم افتراضي، ومن ثم فإن مسألة المراجعات والاعتذار عن الأخطاء أمر غير وارد، خصوصا أن التيار المتشدد هو من يهيمن على الجماعة، ولا توجد شخصية إصلاحية قادرة على فرض توجهاتها.
وأشار إلى أن الجماعة تعتبر المراجعات نذير شؤم وبداية لانشقاقات كبيرة، وبالتالي من الأفضل الاستمرار في مواجهة السلطة، باعتباره الخيار الجيد بدلا من التفكك وتسليم قيادة الجماعة لتيار إصلاحي لا يراه القطبيون موضع ثقة للإدارة الجماعة.