الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

عيد الغلابة شقا.. كبار وصغار أنهكتهم لقمة العيش.. سلطان: الراحة بتجيب المرض حتى اسألوا الأغنياء.. سعدون:عيدنا يبدأ بعد الناس.. محمد: مصاريف الجامعة أهم.. وأبو مصطفى: الفرحة سُنة ورزق العيال "فرض"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صلوا صلاة العيد وأتموا فطورهم على طاولة بسيطة جمعت الصغير والكبير، ثم انطلقوا في الأزقة والطرقات فلا حديث لنوم ولا وقت لخمول في موسم الارزاق، في أول ايام العيد، حيث تبدأ رحلة مداها 4 أيام من المشقة والعمل والكفاح بحثا عن الحلال هربا من الحوجة وسؤال الآخرين، بعيدا عن الموائد والعزائم والتجمعات وبالقرب من الحدائق والمتنزهات تجدهم يحملون بضاعتهم التي لا تتعدي الجنيهات، خياراتهم محدودة وإمكانياتهم لا تتساوي ممع قدر الحاجات، العمل من منظورهم حياة وحياتهم مرهونة بحياة غيرهم، لذا اعتبروا الأعياد رفاهية لا تليق بهم، تفرقوا مع البكور كفراشات وخلايا نحل كل في موضعه كل مع عالمه الخاص، على فيض الكريم، فتصبح ايام العيد والعطلات التي يتخذها البعض للراحة والترفيه، ساعات جديدة من الشقاء الحلو والعرق الطاهر لاياد يحبها الله ورسوله وضحكة شقيانة وابتسامة صبر، هكذا بدا المشهد لعيد الشقيانين الفقراء في نظرنا والأغنياء عند الله.
رغم بساطته المتناهية ورغم كبر سنه وزهد ما يملكه إلا أنه جلس مفتخرا بنفسه رافعا ساقه اليسري على اليمني جالسا على كرسي خشبي في شارع محي الدين، وكأنه أحد العظماء أوالفاتحين، عزيز النفس رغم أن رأس ماله لم يتعد بضع بالونات لا يتعدي سعرها جنيهات أصابع اليد الواحدة، لكن ألوانها المبجهة تمدة بالحياة والأمل والتفاؤل، خرج مع البكور في أول يوم العيد ليسعي على رزقه بعيدا عن مد اليد.
عم محمود سلطان، الذي تجاوز السبعين يقول: الراحة بتجيب المرض، واسألي المرتاحين هتلاقي العلل والأمراض ماسك جسمهم، إنما الشقيان ربنا معوضه في صحته.
وأضاف بائع البالونات: طول ما ربنا عاطينى صحة طول ما هتشوفيني في العيد، الأيد البطالة... والشغل بيحسسني بالحياة، وارجع للولية بكيس فول ونص كيلو فاكهة أحسن ما نقعد أنا وهي نستنى حد من العيال يحن علينا بطبق خضار بايت، ناهيا حديثة بابتسامة خطتها التجاعيد.
"شقيان يا عيد الغلبانين، لكن عزيز متصان أمين، لا تمد إيدك للحرام، ولا تمشي مكسور الجبين "كلمات هي لسان حال، كهل كبير على هيئة شاب في مقتبل العمر،جلس مجاورا لشباب كثر وكبار على نفس حاله من فئة الفواعلية،في منطقة الحي العاشر، افترشوا الطريق حتى مع أول ايام رمضان،و رغم انهم جميعا من محافظات الصعيد إلا إنهم لم يذهبوا لذويهم لقضاءعطلة العيد.
لذا سألنا أحمد سعدون، ذلك الشاب العشريني، عن سر وجوده في القاهرة فأجاب:اسافر ليه وادخل على امي وابويا واخواتي بايه، صاحب الشغل رفض الإجازة وربطها باليومية،عشان نسلم الشغلانه في ميعادها وادينا منتظرينه ويبدأ اليوم بالشقا كغيره من الأيام، معلقا: عيد الغلابة هو اليوم اللي ربنا يغنيهم فيه عن سؤال اللئيم والحوجة، العيد ليه ناسه إحنا بس نلاقي اللقمة اللي تصلب طولنا لأجل ما نقدر نشيل الهم.
محال الكشري هي الأكثر رواجا في ايام العيد،لذا استوقفنا ياسر 21 سنة وسألناها عن احساسه بالعيد وهوفي العمل، فأجاب: مبسوط والله وسط الناس ومبسوط اكتر بفرحة الأطفال وكل ما الرجل تكتر على المحل ننسي التعب المهم الرزق وبعد العيد يحلها ربنا وناخد إجازتنا ونعيد، المهن الحره عيدهم بعدالعيد.
أما أبو مصطفى فصلي صلاة العيدوتلقي فطوره مع أسرته ووزع ما تيسر من العيدية على أولاده الـ5، ثم انطلق مهرولا نحورزقه، بدراجة تحمل قفصا خشبيا يعج بما لذوطاب من طرابيش تجمع كل ألوان الطيف وعصا سحرية ووشوش ولعب وهدايا يقبل عليها الأطفال في ذلك اليوم أكثر من غيره.
أبو مصطفى ينهي يومه مع المساء ربما يبيع بـ20 جنيها وربما أكثر أو أقل، المهم أن يده لا تعودان صفرا ويعود مجبور الخاطر طوال أيام العيد "هكذا قال".
الضحكة الشقيانة ليست من نصيب الرجال فقط وبما أن العيد للجميع والنساءشقائق الرجال، لذا جلست ام ضحي امام "فرشتها" وأما صنية كبيرة مرصوص عليها عناقيد حمراء وصفراء من العنب.
"جميل ومفكش عيب أحمر وأصفر وبلدي يا عنب واللي يدوق ما يندمشي "، بصوت ينافس الرجال كانت تسوق لبضاعتها بابتسامة عريضة ووجه بشوش، نسي وربما تناسي أن اليوم عيد وعطلة للتنزهه مع الأهل والأبناء وربما لديها حكاية كما لغيرها حكايات.
عم مفتاح، رجل ستيني،يبدو من ملابسه وهيئته أنه عامل نظافة ولكنه لم تشغله نظافة الشارع رغم أنه من الشوارع المهمة بحي مدينة نصر، حيث جلس متعبا والأوراق تحاوطه من كل اتجاه، ولكن الغريب أن أحد لم يلومه على جلسته على الرصيف بجوار مقشته، تاركا عمله، بدا شاردا منهمكا في التفكير إلى أن أتته العيدية من أحد المارة، فتهلل وجه الرجل فرحا وعلي اثره انتفض ومسك بأدواته واخذ يجرد المكان جردا.
ومن أمام أحد محال العصائر وجدنا خلايا نحل تعمل وتتسابق في تقديم العصائر الفريش للزبائن، كلهم في سن الشباب، لا تشغلهم البنات والمعاكسات، ليسوا من عشاق النوم والجلسة على القهاوي، وليسوا من لاعبي البلاي ستيشن، لذا تحملوا المسئولية وخرجوا لأرزاقهم من بعد صلاة العيد.
محمد صلاح، أحد العاملين في محل عصائر شهير في مدينة نصر، يقول: طب لو نمنا في البيت للضهر وخرجنا وقضيناها هنجيب مصاريف الجامعة للسنة الجديدة من فين، ما هو شئ لزوم الشئ وياما خرجنا وفرقعنا بومب في الصغر، كبرنا بقا ولازم نتحمل المسئولية.