السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

جريدة البوابة

أميرة ملش تكتب: الثوار والإخوان.. عدو عدوك ليس صديقك

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من الأخطاء الشائعة أن يتخذ البشر من أعدائهم أصدقاء لمجرد أنهم يتفقون معهم في كراهية عدو مشترك.. وكنت دائما استنكر من يقول "عدو عدوي صديقي" فهو مبدأ سطحي وسخيف ويدل علي سذاجة صاحبه.. لأن ببساطة هذا العدو الذي تصادقه ولو مؤقتا سوف يستخدمك للتخلص من عدوكما المشترك، ويلتفت لك بعد ذلك لتكون أنت التالي..
ولكن ما بالك إذا كان هذا الصديق المؤقت كان عدوا بالأمس القريب.. خان أكثر من مرة وعندما تمكن تكبر وتجبر.. فهاجم وطعن وقتل أغلى الناس.. وليس ذلك فحسب بل أنه كان في طريقة لبيع وتقسيم الأرض التي دفع أبنائها ثمن تحريرها من دمائهم وأرواحهم.. من حقك أن تعارض فإن المعارضة ظاهرة صحية تماما.. تجعل الحاكم في مواجهه دائمة مع نفسه.. يرى أشياء قد لا يراها في خضم دوشة الحكم وثقل المسؤوليات وزحمة المنافقين واقتراب الافاقين.. المعارضة تجعله لا يتمادى في الخطأ في حالة الوقوع فيه.. لأن الخطأ وارد طبعا لأنه بشرا.. فهي تحصنه.. لأن الحاكم ليس ملاكا أو نبيا.. وحتى الأنبياء والرسل كان لهم أخطاء..
ومن الطبيعي أن تغضب من النظام وأن تكرهه وتواجهه وتصب عليه اللعنات إذا أردت.. فقد قامت ثورتنا العظيمة من أجل ذلك.. ولكن ليس من الطبيعي ان تسير في ركاب عدوك بسبب غضبك هذا.. ان تضع يدك في يد من استحل دمك واستخسر فيك روحك.. عدوك الذي كنت تحاربه عندما اكتشفت خيانته بكل ما اوتيت من قوة.. حتي نجحت في هزيمته وعزله.. فهو عدو غدار.. يستنزفك ويستهلكك ويستغلك واول ما يستقوي يكون عليك.. ينكل بك ولا يتهاون مع اختلافك معه.. لأنه لا يؤمن بالاختلاف ومن ليس معه فهو ضده.. وكل ماهو خارج الاهل والعشيرة هو غريب وكافر يستحق القتل.. واول ما تدب فيه نشوة الانتصار يطعنك.. هو من يطالبك بالتعامل معه بإنسانية وهو ضعيف وهو لا يؤمن بالإنسانية أصلا وهو في عز قوته وجبروته..
عن الغاضبين من الرئيس "عبد الفتاح السيسي" والإخوان المسلمين أتحدث وليس كل الغاضبين والمعارضين اخوان يجب التفرقة.. معارضين السيسي شيء والإخوان شيء آخر.. المعارضين منهم من كان ضده من البداية لأنهم كانوا ضد ترشحه لانتخابات الرئاسة وكانوا يفضلون ان يظل قائدا للجيش يقف في المنتصف بين الحاكم والمحكوم وينتصر للمحكوم اذا حكم الامر كما فعل من قبل.. وان يعتلي السلطة رئيس خارج المؤسسة العسكرية.. ومنهم من كانوا مع ترشحه وانتخبوه وكانوا مؤمنين به إلى أقصى الحدود.. بعضهم يظل على حاله إلى هذه اللحظة، وبعضهم الآخر وعقب سلسلة من الأخطاء والتجاوزات والاحباطات تغير وتبدلت احواله ولم يعد كما كان بفعل اخطاء مرحلة تعد من أصعب وأدق المراحل التي يمر بها الوطن..
وطبعا من تغيرت وتبدلت مشاعره ومواقفه تجاه الرئيس والنظام يجلس الآن في مقعد المعارضة.. بينما علي الجانب الاخر يجلس الإخوان والجماعات الارهابية الأخرى التي تتصيد الاخطاء للنظام ليس حبا في مصر بل كرها في "السيسي" وطمعا في حكم مصر.. وليس ذلك فحسب بل إنهم إرهابيون يفجرون ويفخخون ويقتلون أبناء الوطن.. وليس عندهم أي مانع من تدمير البلد من اجل مصلحة الجماعة واستعادة كرسي الحكم.. والكائن الاخواني اول شيء يعمله بعد مساعدتك له وتقديم يد العون حتي يقوم من نكبته هي قطع هذه اليد التي امتدت له وقت محنته.. بمجرد ان يلتقط أنفاسه تجده يقف في مواجهتك يكفرك ويضطهدك ويتآمر عليك وبعدها يقتلك ويرقص على دمائك.. الإخوان جماعة لا وطن لها، فهي ترتبط بمصلحتها أين ما كانت، لذلك فإن الأرض والوطن عندهم ليس لهما قيمة إلا اذا كانت مصلحتهم تتحقق على هذه الأرض، ولذلك أيضا لا مانع عندهم من المساومة والمراوغة والخيانة فهم لا عهد لهم ولا مبدأ.. عكس الثوار الذين يضحون بأنفسهم ويستهترون بالموت من أجل الوطن والأرض..
لا يعرف الأبطال المساومات أبدا لأن الحرية لديهم كالماء والهواء لا يعيشون دونها.. يرفضون المساومة ويظلون علي مبادئهم وعلي عهدهم مع الوطن.. وللأسف فإن مثالية الثوار المعتادة هي سبب نكبات الثورة.. وهي السبب الرئيسي الذي كان وراء سرقة الإخوان لثورتهم.. وطبعا فإن أهداف الاخوان الآن مختلفة تماما عن أهداف معارضي السيسي، الإخوان هدفهم تمكين الجماعة مرة أخرى من الحكم، أما المعارضون فإن أهدافهم معروفة دائما "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية" وهو ما يكفر به الاخوان.. بل أنهم يكفرون بالثورة ذات نفسها..
فكيف إذن تضع يدك في يد الإخوان.. لمجرد أنهم ضد النظام الذي تعارضه.. وبنظرة سريعة على التاريخ تعرف أنه لو حدث وتصالح الإخوان مع النظام القائم لأن مصلحتهم كالعادة تجبرهم على ذلك فسوف يسبحون بحمده ويصلون من أجله، مثلما فعلوا مع نظام المخلوع "مبارك" ووقتها سوف يبيعون المعارضين الذين انضموا لهم فورا ويتآمرون عليهم.. ولذلك فإنه لو سلمت بأن "هذا" هو عدوك.. فإن عدو عدوك لا يمكن أن يكون صديقك.