السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

سامح قاسم يكتب: حيثما توجد "جالا" فلا مكان للضجر

سانح قاسم
سانح قاسم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يمنعها كِبَرُها عنه بعشر سنوات، ولا السل، ولا غرامها بـ"أرنست"- ومن قبله "إيلوار"- من أن تغرم بالنرجسي، المخادع، المهووس بـ"نيتشة" للحد الذي جعله يسرق شاربه في وضح النهار، ويجاهر بفعلته في لوحاته التي صدمت الجميع وتركتهم فريسة للحيرة والدهشة.
"سلفادور دالي" كان الأفضل بالنسبة لك يا "جالا"، رغم تخيلاته الجامحة، والفصام المتقد في عينيه المفتوحتين على المحيطات ونوافذ السماء.
قدرته على إقناعك بأن "لاكلوس" مجرد دجال، مضروب بالكلمات، وأن يقينه بأن الكلمات الملفوظة تبقى مسموعة للأبد محض هراء، لأن اللوحات تٌسمع أيضا كما تُرى، قدرته هذه فَتَنتكِ أيتها المجربة.
توقيعه باسمك على لوحاته كان سببا آخر لاشتعال الغرام في قلبك الواثق من موهبته اللامحدودة، وجنونه السماوي، سحرتك عصاه التي توكأ عليها كَـنَبِيٍّ، أو كنبيل من النبلاء الذين وضعوا بسمة على ثغر العالم ثم مضوا بسلام.
هل كان ما يقوله للعالم: "إن كل رسام جيد يريد أن يكون مبدعاً وينجز لوحات رائعة، عليه أولاً أن يتزوج زوجتي"، مبررا: "لأن تجاوري تلك الكتلة الهائلة من الجنون تحت سقف واحد!"
أظن أنه راقَ لك شططه وجموحه، ومخالفته لـ"أبيقور" الذي رأي "أن الإنسان الحكيم لا يبحث عن أي نشاط يؤدي إلى الصراع".
نعرف يا "جالا" أن "دالي" هو سيد المتع بلا منازع، لكننا نعرف أيضا حجم الألم الذي كان يعتصر روحه القلقة، المتوثبة، الألم الذي عرفه منذ أن فقد أمه وهو لا يزال يحتاج إلى يدها عند عبور الطريق جعله يضع رأسه على صدرك كل ليلة لتربتي عليها لتمنحيه الطمأنينة قائلة من قلبك الدافئ: "أنا هنا يا صغيري".
فشله في مجابهة الألم كان دافعه للبحث المحموم عن المتعة، المتعة في غرامك وغرام كل ما هو غريب في الفن وفي الحياة.
إحساسه بالتفرد أصابه بجنون الشهرة، فراح يبحث عن الأضواء مهما كلفه ذلك من سخط وكراهية البعض له.
أتذكرين يا "جالا" أنه أيد السفاح "فرانكو" وأنه نال إعجاب "هتلر" بعدما رسمه في أكثر من لوحة؟ هل كان مولعا بالشهرة وبالمال إلى هذا الحد يا "جالا"؟
هل أغضبكِ "بريتون" عندما أعلن فصل "دالي" من الحركة السريالية بسبب هوسه بالمال والشهرة وتأييده لأعتى المجرمين في عصره؟ أظنك شعرت بالفخر عندما رد عليه حبيبك المجنون: "ليس بإمكانك طردي، فالسريالية هي أنا".
"جالا" أعرف أنك تشعرين الأن بأنك ست النساء بعدما قرأتِ ما قاله عنك هذا المتيم بك حد الجنون، والمجنون بالذباب في كتابه يوميات عبقري" هذا كتاب فريد، هو أول كتاب يكتبه عبقري، كان حظه الفريد أن يتزوج من "جالا" المرأة الأسطورية الفريدة في عصرنا".