الجمعة 28 فبراير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

نخترق العالم السري لتجارة الآثار في مصر "الحلقة الثالثة".. بالتسجيلات.."البوابة نيوز" تكشف الرأس المدبر لعمليات النصب في تجارة أجهزة كشف الآثار.. يدير عملياته من خلال مواقع وهمية بمصر وأمريكا

 العالم السري لتجارة
العالم السري لتجارة الآثار في مصر "الحلقة الثالثة"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استئنافا لملف العالم السري لتجارة الآثار في مصر نذكر بأن "البوابة نيوز" قد كشفت في الحلقة السابقة اسم أكبر شركتين مسئولتين عن ترويج أجهزة كشف الآثار في مصر وكيف يقوم صاحب إحدى هاتين الشركتين والتي يقع مقرها بالهرم بعمليات الغش التجارى وفي هذه الحلقة نعود لما نوهنا عنه حول كشف الشركة الثالثة وهى أشهرهم بالصوت والصورة وعلاقتها بالشركة الأولى التي تحولت إلى ليبيا وكذا اساليب " محمد حمودة " صاحب أكبر شركة تتاجر في هذه الأجهزة وكيف يوهم المشترين أنه تابع لشركة أمريكية وكيف قام بسرقة الجهاز من شخص آخر ونسخه للمتاجرة به، بل وتجارته في الآثار أيضا، وهو ما سنعرضه في السطور القادمة.
الشركة الثالثة هي "جى إم دى للاستيراد وتصدير أجهزة كشف المعادن والمياه الجوفية" والتي كان لها النصيب الأكبر في طريقة كشفها، تقع تلك الشركة في المهندسين بالجيزة، وكانت المفاجأة الكبرى حين قمت بالاتصال بهم لأول مره وتحدثت مع أحد أفرادها وهو محمد حمودة صاحب الشركة والذي تأكدت أنه الذي يملكها والعقل المدبر لكل تلك العمليات، أخبرني بانهم يتاجرون بالآثار وليس أجهزة الكشف فقط وأكد أنه في حالة عثوري على شيء حقيقي من الممكن أن اتواصل معهم ولديهم جهات تستطيع أن تشترى تلك الآثار في هدوء تام. 


كان الغريب في مكالمتنا هو تأكيده أن تلك الأجهزة غير مجرمة قانونا، إلا في حالة القبض على الشخص متلبسا ومعه آثار أو في مرحلة استخراجها، وطمأننى عدة مرات أن الموضوع لا يقلق ولا يجرمه القانون بخلاف ما تحدثت معهم سابقا فقد أجمعوا أن القانون لا يسمح بوجود تلك الأجهزة. 
وبعد أن كانت مكالمتي له بغرض أجهزة كشف الآثار تحولت المكالمة في دقائق عن مسارها الرئيسي وأكملناها" عن ماذا لو وجدت بالفعل شيئا تحت المنزل وكيف سيقوم هو بشرائه".
استمر حديثنا وقتها في التليفون أكثر من نصف ساعة حيث أخبرته أننى من محافظة سوهاج ولدينا شك في وجود آثار تحت منزلنا، لذا بدأنا البحث عن شيء يكشف لنا حقيقة ما نشك فيه كما أخبرته بأننى أصغر إخوتى، وما إذا اطمأننا له سيتواصل معه أخى الكبير لإنهاء كل شيء في هدوء تام.
وطبقا للمثل الشعبى القائل "وقفوا اتنين حرامية قدام بعض" فقد فعلت معه ما فعلته مع أقرانه أخبرته بأننى قمت بالاتصال على إحدى الشركات التي تبيع نفس منتجه ولكنها بالهرم وفوجئت به يقاطعنى قائلا: "نصابين وأكيد قالولك هات معاك مبلغ عربون وبعد أسبوع الحاجة هاتجيلك أنا بقى مش باقول كده انت هاتيجي تلاقى الحاجة عندى جاهزة" بالفعل هو نفس الطلب الذي طلبه منى صاحب شركة الهرم بدفع عربون له، ما جعلنى أتيقن أننى أسير على الخط الصحيح.
في نهاية الحديث قلت له إننى بصدد التواجد في القاهرة ومقابلته خلال ثلاثة أيام واتفقنا أن أهاتفه قبل موعد وصولى القاهرة بيومين لنتقابل سويا.
فكرت كثيرا في الأمر قبل أن أقدم على تلك الخطوة غير المضمونة وفى النهاية وبعد أسبوع كامل قررت أن أخطوها وذهبت إلى المقر دون أن آخذ أي موعد حتى لا يكون هناك أي تجهيز لتلك المقابلة وأرى الأمور على طبيعتها تماما وبالفعل توجهت إلى مقر الشركة بالمهندسين.
قبل أن أذهب استطعت الحصول على صفحة بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، قام بتصميمها أحد الاشخاص المنصوب عليهم من تلك الشركة، كانت المعلومات التي بداخلها ليست قليلة ولا ضعيفة فقد علمت منها عدة أمور عن طرق نصبهم على العملاء وهو ما سأذكره تفصيلا في السطور القادمة
في عمارة شاهقة بالمهندسين تحديدا ناحية البطل أحمد عبد العزيز تقع الشقة في الدور الخامس وعلي الباب لافتة صغيرة تحمل اسم الشركة، وضربت الجرس ففتح لى عامل قلت له: "أستاذ محمد حمودة موجود؟" قال نعم، ودخلت لأجد شقة خالية تماما من أي فرش فهى على "السيراميك" مساحتها واسعة ولا يوجد بها سوى مكتبان لشخص يدعى محمد نبيل، وفتاة، والعامل يجلس في المطبخ، أما محمد حمودة صاحب الشركة في غرفته بالداخل.
كنبة صغيره وأمامها ترابيزة من الزجاج موجودة في أحد الأركان، أخبرتهم بأنني أريد مقابلة الأستاذ محمد حمودة لأمر شخصى هو يعلمه، واعتذرت لهم عن حضورى دون موعد مسبق، أعطوني استمارة طلبوا منى أن أملأها، وكانت تحتوى على اسمي ورقمي الشخصى والإيميل الخاص بى، ونوع الجهاز الذي أرغب في شرائه، وهل تلك هي المرة الأولى لزيارتى شركتهم أم لا؟
ملأت الاستمارة وظللت أنتظر بسبب وجود عميل مع الأستاذ محمد حمودة وبعد نحو ثلث ساعة خرج لى بنفسه، واعتذر عن التأخير، وعاد لمكتبه مرة أخرى وبعد ربع ساعة أخذني مساعده محمد نبيل لغرفة مغلقة لأتحدث معه بدلا من مدير الشركة لانشغاله مع أحد العملاء.
في البداية أظهرت شيئا من الارتباك أمامه وكان لا يعلم أننى قمت بتسجيل كل الحديث الذي دار بيننا حيث بدأ يشرح لى أنواع الأجهزة ومن ثم نصحني بشراء جهاز على حد قوله: "غالى بس بيجيب من الآخر" سعر هذا الجهاز 55 ألف جنيه، يقوم بتحليل التربة ويكشف بعمق 34 مترا تحت الأرض، كان هذا الجهاز هو من ضمن ما قام بنشره ذاك الشخص الذي ذكرت سابقا أنه تم النصب عليه خلال شرائه ذلك الجهاز وأكد خلال صفحته أنهم يقومون بتصنيع بتصنيعه وتسويقه عبر الهاتف أو المقابلات الشخصية كما يقومون بإيهام العملاء أن هذا الجهاز مستورد من أمريكا" الشركة الأم" كما يقوموا بفتح موقع على الإنترنت على أنه موقع الشركة بأمريكا لتطلع على كل مكونات الجهاز دون أن تدرى أن هذا الموقع وهمى وهو ما لا تعرفه سوي بعد البحث التقنى على مواقعهم وتجديد ذلك.
وهو ما حدث فعلا فقد بدأ بالعرض عليه أن أرى الجهاز وأعرف مقوماته وأخرجه من حقيبته الخاصة وأراني إياه وقال لى أن ثمنه 55 ألف كما ذكرت سابقا ولكن الفاتورة سنكتب فيها جهاز كشف مياه بسعر 5 آلاف جنيه، وبعدما انتهينا أخبرني بأنه أمريكي الصنع وقام بفتح موقع للشركة الأمريكية التي من المفترض أنه يستورد منها تلك الأجهزة ليؤكد لى أن الجهاز الذي تحدثنا عنه يقوم باستيراده من أمريكا، كان هذا الموقع غير الموقع الذي أفصح عنه الشخص المنصوب عليه ولكنى احتفظت بالجديد والقديم وموقع الشركة المصري.
لم يخرج حديثنا عن السياق المعهود الذي أكد فيه ولأكثر من مرة أن لديهم جهة آمنة تشترى الآثار إذا وجدت وكانت سليمة، ولكن الجديد في الأمر اننى أخبرته عن شركة في الهرم تبيع نفس الأجهزة دون أن أفصح عن اسمها وفوجئت به يقول "آه شركة كونكورد دول نصابين وصاحبها سوري" تلك المعلومة كانت بالنسبة لى مهمه حيث أن صاحب كونكورد قال لى أنه من الأردن.
انتهينا من الحديث في غضون ساعة واتفقنا على أن يقوم أخى الكبير بالتواصل معهم وشراء الجهاز وخرجت من المقر وهو لا يعلم أننى قمت بتسجيل الجلسة كلها بل واستطعت أن ألتقط له صورا لشخصه وصورا للاستمارة التي ملأتها.
حين عدت لمنزلى لم أتوان لحظة وقمت بالبحث على المواقع الثلاثة فكان لدى شك أن الموقع الذي تم فضحه هو موقع قديم وقاموا بتغييره لمواصلة النصب، فالنصاب دائما يغير مواقعه وطرقه في النصب ولكن بداية الخيط دائما تكون واحدة.


بطرق الكشف المبدئية وجدت أن الموقعين لهما نفس المعلومات في السيكشن الخاص"اتصل بنا" كما أن التصميم متشابه جدا، ولكن لحسم الشك بدأت في التقنيات الخاصة باستضافة المواقع فمن المفترض أن شركة أمريكية تقوم باستضافة الموقع لأفاجأ أن الثلاثة مواقع بنفس المعلومات الأساسية وتغيير بسيط في معلومات ثانوية مثل الكود الخاص بالدولة ولكن الثلاثة مواقع ملك لشخص واحد وهو مالك الشركة محمد حمودة، ولكن بعد فترة قام بتغيير موقعه المصرى القديم وتحديثه بآخر فيه نفس مواصفات الاستضافه الخاصة بالثلاثة مواقع القديمة والذي تبقى منهم الموقع الوهمى الثانى الخاص بالشركة الأمريكية التي لا وجود لها.
أستطيع أن أقول أن نسبة ذكائه كانت أقوى من مستوى عملائه ولكن لم يأخذ احتياطاته لشخص آخر من الممكن أن يبحث وراءه قبل أن يترك أمواله تذهب في مهب الريح.
وفى النهاية بعد أن تأكدت أن المالك لهذه الشركة نصاب علمت أننى فعلا أسير على الخط السليم لأفضح أشخاصا نهبوا الكثير من أموال الطامعين في الثراء السريع.
وباتت الخطوة الأخيرة بعد زيارتى له وتسجيل كل ما حدث بيننا أن أحاول بصورة أو بأخرى أن أصل لأى مادة مرئية أستطيع من خلالها إدانته، وهو ما حدث بالفعل، وأنوه أن هذه المادة أحتفظ بها لعرضها على النيابه ولتأكيد أنى أمتلكها قمت بالتقاط بعض الصور من داخل الفيديو لنشرها تأكيدا على ما قلت.
وبات السؤال الأخير كيف لشركة أليكس ديتكتورز التي ذكرناها في الحلقة الماضية أن تختفى تماما وبعد البحث لم أصل إلى احتمالين الأول يبنى على الثانى، فالأول هو ما وجدته على موقع جوجل بلاس حين قمت بالبحث باسم الإيميل الخاص بهم، فوجدت تعليقات للشركة المصرية والليبية والفارق بينها كان يومين فقط وكان تعليق الشركة المصرية أن لديها خصومات كبيرة فمن الواضح أنها تصفى عملها هنا لتنتقل لدولة أخرى بنفس الإيميل واسم الشركة في لينك الموقع اسمه "أليكس ديتكتورز " والشركة تسمى "سما" فبدلا من تصميم موقع جديد أخذوا نفس الموقع والفارق واضح جدا بين الاسم الموجود في لينك الموقع واسم الشركة المكتوب على صفحة الموقع نفسه، ولكن هذا لأقوياء الملاحظة فقط.


والاحتمال الثانى أنها كانت ملك لنفس الشخص المالك لشركة "جى إم دى" النصاب الأكبر محمد حمودة حيث أننى وجدت لينكا لموقع قديم لشركة "جي إم دى" وقد تم تعطيله وعمل غيره ولكن من الخارج تجد رقم من أرقام شركة أليكس ديتكتورز فمن الواضح أنها كانت تابعة له وتم تصفيتها ونقلها إلى ليبيا، ولا احتمال ثالث أستطيع أن أذكره.
تلك الشركات الثلاثة كانت هي أكبر موزع في مصر لتلك الأجهزة التي ساعدت الكثير في العثور على آثار هي من حق الجميع ،وليست من حق فرد واحد، كما أن آخر شركتين وهما "كونكورد وشركة جى إم دى" لهما إعلانات ممولة على الإنترنت للوصول لأكبر عدد من المواطنين وممارسة تلك الأعمال المنافية للقانون. 
هكذا كانت الخطوة الأولى في إختراق عالم تجارة الآثار لأنتقل للخطوة الثانية وهم تجار الآثار الوهميين والحقيقين وكيف تدار عمليات الشراء وكيف تعرف إذا كان هذا التاجر نصابا أم لا؟ وهو ما سنكشفه في الحلقات القادمة وعن كيف يقوم الدجالون بدفن الآثار ويهمون صاحب الأرض أنهم استطاعوا فتح باب المقبرة وطرد الجن.