الجمعة 11 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

صبحي موسى: "محفوظ" أهم من "ماركيز" لأنه صنع الرواية العربية

 الروائي صبحي موسى
الروائي صبحي موسى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الروائي صبحي موسى، إن لدينا جميعًا مشكلة مع الكاتب الكبير نجيب محفوظ وهي أنه قريب منا، مشيرا إلى أن القرب يمثل حجابًا، بينما البعد يظل أسطورة.
وأوضح موسى في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، " نتصور أن الكاتب العربي أو الذي يكتب بلغة أخرى أهم، وهذه حقيقة، فالغريب ينظر بعين الدهشة، أما القريب فلا ينتبه إلى التفاصيل، لا ينتبه إلى الشعر والفلسفة والقدرة على إعادة تركيب الواقع، وهذا كله لعبه نجيب بفتنة عالية.
وأضاف موسى، أن نجيب كاتب أكبر من ماركيز بكثير، فالأول صنع الرواية العربية، أما ماركيز فأعاد إنتاج الرواية الأمريكية اللاتينية، هو كاتب صحفي بامتياز، ولا يملك فتنة نجيب وبهائه، لا يملك اتساع عالم نجيب، ولا تساؤلاته الحائرة، لا يملك فلسفته المعبرة عن فلسفة الشرق، يكفي أن نجيب صنع من الحارة الصغيرة الضيقة معادلًا للوجود.
وتابع موسى، "أعتقد أن أولاد حارتنا عمل عالمي بامتياز، لكن لأننا أبناء هذه الثقافة فنحن لم ننتبه لجماليات هذا العمل، وحصرناها في أنه إعادة حكي لتاريخ الأنبياء، المشكلة هي كيف أعاد نجيب حكيها، وكيف اخترع المعادلات الموضوعية لها، كيف قام بتمصير الحكايات، ونسجها بخيال خصب، لنا أن نراجع ما قاله عن فكرة الفردوس في بداية هذه الرواية، ووصفه لها، وسبب الخروج منها.
واستطرد موسى "نجيب أعاد صياغة التاريخ البشري من خلال أعماله، وقدم وجهات نظر فلسفية صائبة للغاية، لكن عادة أهل حارتنا هي النسيان، ولا يوجد لدينا كاتبًا بلغ ما بلغته قامة نجيب محفوظ في الأدب، لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد العديد من الأسماء المصرية والعربية التي تستحق أن تدرج على لائحة نوبل كل عام إن لم تستحق الفوز بها".
وأضاف موسي، "من الصعوبة مقارنة كاتب بآخر، لأن كل منهما لديه عالمه ولغته وفلسفته الخاصة وموقفه من العالم، لديه روحه، وهي البصمة التي لا يمكن أن يتشابه فيها كاتب مع آخر، لكن لا يمكن الجزم بأن نوبل تعطى لكل كاتب كبير، فهذا وهم، لأن نوبل كجائزة عالمية تحكمها محددات وشروط، في مقدمتها أن تكون بعض أعمال الكاتب مترجمة إلى الإنجليزية بوصفها اللغة العالمية، ثانيًا أن يكون ما قد ترجم منه أثَّر أو لفت انتباه البعض في المركز الأوروبي.
وقال موسى "كما أن هناك محددات للفوز بنوبل تخص الكاتب نفسه، كأن يكون لديه طرحه الخاص والجديد، وألا تفقده الترجمة مميزاته في البلاغه والروح والأسلوب، وأن يكون لديه انشغال فلسفي واضح وكبير، وثمة شرط أساسي في اعتقادي أنه ما زال قائمًا حتى الآن رغم تغير الظروف والأفكار والسنوات، وهو أن يكون الكاتب فاضحًا لمجتمعه، سواء لعاداته وتقاليده أو لديه موقف مخالف لفكر النظام السائد في المجتمع، كان هذا الشرط متفقًا مع فكر المرحلة الكولينيالية أو الاستعمارية، رغم تغير هذه المرحلة إلا أن هذا الشرط ما زال سائد حتى الآن، وإن تغيرت المبررات ولوجوده كالقول بإعادة ترميم الذاكرة الفرنسية كما في حالة باترك موديانو".
وتابع موسى "بالطبع هناك شروط سياسية كمعارضة النظام خاصة إذا كان على خلاف مع المركزية الأوروبية، وهناك شرط المكان، كالتنوع في الأماكن البشرية التي تحصل عليها، وفي حالة عدم توافر هذه الشروط في مناطق الأطراف فمن الأولى منحها لكاتب من دول المركزية الأوربية". 
وأكمل موسى "الملاحظ أن أغلب الكتاب الذين يحصلون على نوبل يمكن وصف آدابهم بالكلاسيكية، وذلك عائد بالطبيعة إلى ذائقة المحكمين الذين لا بد أنهم من كبار النقاد، والذين أفنوا أعمارهم في قراءة الأدب، ما يعني أنهم تربوا على ذائقة قديمة وليست ذائقة راهنة، وبالتالي فكل كتابة تفوز أصبحت من قبيل الكتابة الكلاسيكية".
وواصل موسى "أما فيما يخص مقارنة نجيب ويوسف إدريس فأعتقد أن نجيب هو الذي يفوز، فجميعنا يعتقد أن أدب يوسف إدريس قوي، وهذه حقيقة، لكن ما لا ينتبه له الناس أن أدب إدريس يفقد الكثير من جمالياته إن ترجمته، لأنه يعتمد على خصوصيات مصرية بحتة، يعتمد على روح شعبية، ولغة عامية، يعتمد على مزاج مصري وثقافة ومرجعيات مصرية، لكن كتابة نجيب تشبه كتابة الأناجيل، محض أمثلة افتراضية، محض عالم يمكن القول أنه متخيل ويمكن القول أنه واقعي".