الخميس 05 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

داعشْ.. والجيلُ الخامسُ منْ تنظيمِ القاعدةِ (2-2)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لقدْ نقضَ عددٌ كبيرٌ جدًا منْ أتباعِ "الظواهري" بيعتهم لأميرِهم القديمِ ، واتجهوا صوبَ التنظيمِ الوليدِ ليبايعوا الأميرَ الصغيرَ "البغداديَ" في مفاجأةٍ تحملُ الكثيرَ من الدلالاتِ، وهو ما يشيرُ – وبقوةٍ - إلى قُربِ تحللِ التنظيمِ الأمِّ "القاعدةِ" وإحلالِ البرعمِ الجديدِ الوليدِ "داعش" محلَه ، و بالتالي اختفاءِ "الظواهري" أو ربما ... قتلِه !
....
كان السببُ الذي دفعَ هؤلاءِ الأفرادَ و غيرَهم لمبايعةِ "البغداديِ" هو اعتقادُهم في أنَّ الأخيرَ يمتلكُ الكثيرَ مما لا يمتلكُه الأولُ ، فالشخصيةُ القويةُ والحضورُ القويُ اللذان كانا يميزان "ابنَ لادن" وافتقدهما أتباعَه في "الظواهري" والذي يتسمُ بالترددِ وعدمِ المقدرةِ على حسمِ معظمِ قراراتِه، وُجدَ مثلُهما أو يفوقُهما لدى "البغداديِ" ، بالإضافةِ إلى القدرةِ على القيادةِ والسيطرةِ التامةِ على أفرادِ التنظيمِ .
وسببٌ آخرُ يعدُّ هو الأهمَّ والأكبرَ وهو أنَّ أفرادَ التنظيمِ يرون أنَّ "البغداديَ" يحققُ حلمَ "ابن لادن" والهدفَ الذي منْ أجلِه أنشأَ تنظيمَ "قاعدةِ الجهادِ" ألا وهو "الخلافةُ الإسلاميةُ" –بزعمِهم-  والتي متى وُجدتْ فقد انتهى دورُ التنظيمِ في إنشاءِ الدولةِ ، ولم يعدْ هنالك أيُّ مبررٍ لوجودِ التنظيمِ مع وجودِ الدولةِ .
فقدْ كان حلمُ "ابنِ لادنَ" هو: "الانطلاقُ من القاعدةِ – قاعدةِ الدولةِ- إلى الدولةِ ، فإذا وجدتْ الدولةُ يكونُ التنظيمُ قد انتهى دورُه ولم يعدْ لوجودِه أيُّ فائدةٍ تذكرُ .
وهو ما دفعَ أفرادًا عدةً من التنظيمِ الأمِّ للضغطِ على "الظواهري" لكي يتنازل عنْ قيادةِ التنظيمِ ، بلْ يبايعَ "البغداديَ" كأميرٍ للمؤمنين ، لكي تتوحدَ التنظيماتِ الإرهابيةِ جميعَها تحت قيادتِه في بوتقةٍ واحدةِ ، مكونةً "الجيلَ الخامسَ منْ تنظيمِ القاعدةِ" ، في إطارِ مرحلةٍ جديدةٍ تمامًا يكونُ عنوانُها "دولةُ الخلافةِ الإسلاميةِ" –زعموا.
إلا أنَّ "الظواهريَ" الذي جاوزَ العقدَ السادسَ من عمرِه يمنعُه الكبرُ من أنْ يتنازلَ عنْ عرشِه الوهميِ لشخصٍ كان في يومٍ من الأيامِ تابعًا له ، يعملُ تحت إمرتِه ، قد بايعه على أنَّه أميرُ فرعِ التنظيمِ في العراقِ .
فيجدُ "الظواهري" في ذلك من الإهانةِ الشخصيةِ له ما يجدُ ، فكيف يبايع "البغدادي" الذي لا يزالُ في العقدِ الرابعِ من عمرِه ، بالإضافةِ إلى أنَّ شهوةَ الإمارةِ والسلطةِ تكون عند هذه المجموعاتِ في أعلى درجاتِها خاصةً عند القادةِ والأمراءِ منهم وشعارُهم الدائمُ "يا حبذا الإمارة و لو على الحجارة" !
وهو ما دفعَ أصدقاءَ "الظواهري" لما يئسوا من إقناعِ "الظواهري" بالتنازلِ لصالحِ "البغداديِ" إلى استبدالِ الفكرةِ بفكرةٍ أخرى وهي التنازلُ لصالحِ نائبِ "الظواهري" وقائدِ تنظيمِ "القاعدةِ" في جزيرةِ العربِ "ناصر الوحيشي" ، كخطوةٍ مرحليةِ تحفظُ ماءَ الوجهِ "للظواهري" وتحققُ المطلوبَ ، إذ سيقومُ "الوحيشي" بعد ذلك بالمبايعةِ والإذعانِ والخضوعِ "للبغدادي" عن طيبِ خاطرٍ ، وبذلك يندمجُ تنظيمُ "القاعدةِ" الأمِّ في تنظيمِ "البغدادي" المنبثقِ عنه، ليتبعَ ذلك تدريجيًا عمليةُ توحدٍ لكلِّ التنظيماتِ الإرهابيةِ في العالمِ كلِّه عامةً ، والمشرقِ العربيِ منه خاصةً ، تحت رايةِ "البغدادي" الإرهابيةِ ، وهو ما يمثلُ خطورةً ينبغي على صانعِ القرارِ في مصرَ دراستها بعنايةٍ ووضعِ إستراتيجيةٍ لمواجهتها .
إذ إن توحدَ تلك التنظيماتِ بقيادةٍ مركزيةٍ واحدةٍ إنما يعني امتلاكَ تلك التنظيماتِ الفرعيةِ للقوةِ والدعمِ الماديِ والمعنويِ واللوجستيِ ، وهو ما يعني القدرةَ على تنفيذِ عملياتٍ نوعيةٍ لا تقلُ عن تلك العمليةِ الخسيسةِ الأخيرةِ في سيناءَ الغاليةِ (عمليةِ الشيخِ زويد الإرهابيةِ) .
والذي أعتقدهُ –على المستوى الشخصي- أنَّ تلك المجموعاتِ الإرهابيةِ المتواجدةِ على أرضِ سيناءَ المباركةِ ، والموسومةِ كذبًا بــ"أنصارِ بيتِ المقدسِ" بينما الحقيقةُ أنهم "أنصارُ البيتِ الأبيضِ" ، قد قامتْ بالفعلِ بمبايعةِ "البغدادي" ، وهو ما يفسرُ الدعمَ الذي حصلتْ عليه لتنفيذِ تلك العمليةِ الإرهابيةِ الأخيرةِ .
وتكمنُ خطورةِ توحدِ تلك المجموعاتِ الإرهابيةِ تحت قيادةِ الإرهابي: "أبي بكرٍ البغداديِ" أيضًا في كونها هذه المرةِ في قلبِ المشرقِ العربيِ وليستْ في شرقِ آسيا كما كانت الحالُ حين تكونَ التنظيمُ الإرهابيُ الأمُّ "القاعدة" في أفغانستان وباكستان ، وهو ما يعني قربَها منَّا واختراقَها لحدودِ أمننا القومي ، وهو ما يستدعي منّا استرعاءَ انتباهنا ووضعَ الخططِ المناسبةِ وسرعةِ التعاملِ مع هذه التنظيماتِ، التي تنمو كما السرطانِ ، والقضاءِ عليها .