لم يكنْ موقفُ "حسن البنا" من التعاونِ مع الإنجليزِ سواءً
مع أجهزةِ استخباراتهم أو دعمهم في الحربِ العالميةِ الثانيةِ والتخذيلِ عنهم، بل وحتى
مساندةِ اليهودِ صراحةً في حربِ عام 1948م وعلى العكسِ تمامًا من الخرافاتِ التي
يُصِرُّ الإخوانُ منذُ زمنِ "البنا" على ترديدها ويزعمونَ كذبًا أنَّ
للإخوانِ بطولاتٍ وبطولاتٍ في الحربِ في حين أنَّ الحقيقةَ التي هي مثل رائعةِ
الضحى ، والتي يؤكدها الواقعُ وشهاداتُ الإخوانِ أنفسِهم وكتاباتِهم تؤكدُ بما لا
يدعُ للشكِّ متنفسًا أنَّ تلكَ الرواياتِ ليستْ إلا محضَ أكذوبةٍ كبيرةٍ تَمَّ
ترديدُها على طريقةِ "اكذبْ ثم اكذبْ حتى يصدقك الناسُ" ولكنَّ الطريفَ
في هذه الكذبةِ أنَّ الإخوانَ الكاذبون – وعلى
طريقةِ أشعبَ- قد صدقوا أنفسَهم وأصبحتْ تلك الرواياتُ والتي هي محضُ أكاذيبَ كأنَّها
حقيقةً لا تناقش!، والحقيقةُ التي لا تقبلُ الشكَّ فعلًا أنَّ الإخوانَ شاركوا في
المعركةِ بعددٍ قليلٍ جدًا ليس للمشاركةِ في الحربِ وإنما للمتاجرةِ بها وجمعِ
التبرعاتِ والسلاحِ ومِنْ ثَمَّ تخزينُه في مخازنِ السلاحِ التابعةِ للجماعةِ
ليستخدمَ بعدُ في قتلِ الشعوبِ العربيةِ والشعبِ المصريِ منها خاصةً عند الحاجةِ
لذلك .
وكلُّ مَنْ شاركَ مِنَ الإخوانِ في الحربِ لم يتجاوزْ الستمائة شخصٍ
تحتِ إمرةِ قياديٍ إخوانيٍ يدعى الشيخَ "محمد فرغلي" وهو الذي شاركَ
بعدَ ذلك في أولِ وزارةٍ شكلَها الرئيسُ "جمال عبد الناصر".
وبِحَسْبِ شهادةِ الشيخِ "محمد فرغلي" –نفسِه- فإنَّ شبابَ
الإخوانِ حينَ ذهبوا إلى أرضِ فلسطين اعتزلوا الجنودَ ولم يشاركوا في الحربِ وبأوامرَ
مباشرةٍ منْ "حسن البنا" نفسِه، وذلك لأنَّ هؤلاءِ الشبابِ المتحمسين من
الممكنِ أن يُلْحِقُوا الضررَ باليهودِ إذا حاربوا فمنعهم "البنا" من
القتالِ والمشاركةِ في الحربِ .
كلُّ هذه المواقفِ وغيرِها مما لم أذكره ومما سأذكره بعدُ- إنْ شاءَ
اللهُ- لم تكنْ مواقفَ فرديةً أو استثنائيةً وإنما هي منهاجٌ متبعٌ أسسه "حسن
البنا" وأخذَ على تلامذتِه وأتباعِه العهدَ والميثاقَ أنْ يسيروا عليه ،ولم
يخيبّْ التلاميذُ ظنَّ أستاذِهم ولا خالفوا طريقتَه بلْ هم على العهدِ سائرون وعلى
الميثاقِ محافظون، ودونك أخي القارئُ المكرمُ بعضَ الأمثلةِ على توفيرِ الإخوانِ وأتباعِهم
لــ "الغطاء الفكري للصهيونية" على مرِّ تاريخهم ، غيرَ مرتبةٍ على
حَسْبِ الزمانِ أو المكانِ وإنما على حَسْبِ استدعاءِ الذاكرةِ للإحداثِ ، فمن ذلك :
-دعمُ حركاتِ التحررِ والانفصالِ عن الاتحادِ السوفيتي في ثمانيناتِ
القرنِ الماضي وهو ما نتجَ عنه في الأخيرِ انهيارُه وتفسخُه لصالحِ الولاياتِ المتحدةِ
الأمريكيةِ .
وذلك تحتَ حُجَجِ التحررِ الوطني والاستقلالِ القومي- والتي لا
يؤمنونَ بها بلا شكٍ- كما عملوا على الترويجِ لفكرةٍ خبيثةٍ كان مقصودًا بها خدمةُ
الصهيونيةِ وتحقيقِ هدفِها بتفكيكِ الاتحادِ السوفيتيِ ليصيرَ العالمُ أحاديِ
القطبِ تتحكمُ فيه أمريكا والتي يتحكمُ فيها اليهودُ لتكونَ الصهيونيةُ هي منْ
تديرُ العالمَ وتحركُه ؛ كانتْ تلكّ الفكرةُ هي أنَّ " الصهيونية هي
الشيوعية" ، وعملوا على تجميعِ كلِّ المسلمين لمحاربةِ الاتحادِ السوفيتي والذي
كان دُبًًّا عجوزًا فانهارَ ، وتحققَ هدفُ الصهيونيةِ .
إلى غيرِ ذلكَ من الأمثلةِ الكثيرةِ على توفيرِ الإخوانِ لــ
"الغِطَاِء الفِكْريِ للصَهْيُونِيةِ" وكيفَ كانوا يعملون على أنْ
يغلفوا خُطَطِ الصهاينةِ بغلافٍ فكريٍ إسلاميٍ ليحققوا أهدافَها بينما يبدو الأمرُ
وكأنَّه انتصارٌ للإسلامِ .
أمثلةٌ كثيرةٌ سأذكرُ بعضًا منها في المقالاتِ القادمةِ – إنْ شاءَ
اللهُ- .
و ....
في الأُسْبُوعِ القادمِ ... للحديثِ
بقية ... إنْ شاءَ ربُّ البرية .
آراء حرة
الإخوانُ والغطاءُ الفكريُ للصَهْيُونيةِ! (2-4)
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق