الخميس 05 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الطَليعَةُ الفِكْريةُ للاحتلالِ المَدَنيِّ المُعَاصرِ (2-3)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إذا جمعنا تلك الجزئياتِ الفائتةِ المتناثرةِ – من الهجمةِ الشرسةِ على السنةِ النبويةِ متمثلةً في الهجومِ على "صحيح البخاري" ، و الهجمةِ الأخرى على الإيمانِ بالغيبِ متمثلة في "إنكارِ عذابِ القبرِ" ، ثُمَّ ثالثةً الأثافي و هي العملُ على تدميرِ الأخلاقِ تحت شعارِ حريةِ الإبداعِ والحريةِ الجنسيةِ - ووضعناها جنبًا إلى جنبٍ ، وجدنا صورةً واضحةً متكاملةَ الأركانِ ، و بدا حينها لكلِّ ذي عينين أنها حملةٌ ممنهجةٌ لتدمير ما يلي و إزالةِ آثاره من المجتمع :
أولًا : السنَّةُ النبويةُ
ثانيًا : الإيمانُ بالغيبِ
ثالثًا : الأخلاقُ المجتمعيةُ الحسنةُ أو الأخلاقُ الإسلاميةُ .
فإذا علمنا أنَّ المقوماتِ الأساسيةِ للحضارةِ الإسلاميةِ و التي تميزها عنْ غيرها تتمثلُ فيما يلي :
أولًا : التوحيدُ للهِ عزَّ و جلَّ .
ثانيًا : الإيمانُ بالغيبِ .
ثالثًا : الأخلاقُ الإسلاميةُ الحسنةُ .
رابعًا : الاتباعُ للمصطفى – صلى الله عليه و سلم - .
فعندئذٍ يبدو الأمرُ واضحًا للعيانِ أنَّ الأمرَ ليس إلا حملةً شرسةً على الحضارةِ الإسلاميةِ وأسسِها وقواعدِها ومقوماتِها ، والتي هي السبيلُ الأوحدُ لمقاومةِ الاحتلالِ وعدمِ الإذعانِ له ، ولكن على طريقةِ "نابليون بونابرت" في ادعاءِ محبةِ الإسلامِ واحترامِ الأزهرِ الشريفِ وتقديرِ علمائِه ، لكي يقومَ في النهايةِ بهدمِ الإسلامِ الحنيفِ وإغلاقِ الأزهرِ الشريفِ .
فإذا علمنا أنَّ قادةَ المستشرقين من الغربِ ممن اهتموا بدراسةِ الإسلامِ مِنْ أجلِ العملِ على تدميرهِ من داخلِه ، قد توصلوا لأنَّ الخطَ الحقيقيَ الذي يُقَسِّمُ العالمَ إلى غربٍ و شرقٍ هو الخطُّ الدينيُ ، و توصلوا –أيضًا- إلى أنَّ الدينَ الصحيحَ و التدينَ الحقيقي- غيرَ المزيفِ و لا المغشوشِ- هو أكبرُ سبيلٍ للممانعةِ والمقاومةِ للاحتلالِ والسيطرةِ على الشعوبِ و نهبِ ثرواتِها .
وأنَّ المتدينَ بحقٍ لا يمكنُ أبدًا أنْ يرضى لنفسِه الخسفَ والذلَ والهوانَ ، ولا يقبلُ أبدًا أن يعيشَ تحتَ وطأةِ ذلِّ المحتلِ الغاصبِ.
وأنَّ تَديُنَه يحملُه حملًا ويؤزُه أزًا على مقاومةِ المحتلِ ومقاتلتِه ، حتى ينالَ إحدى الحسنيين ، إما النصرَ وإما الشهادةَ .
علموا علمَ اليقين أنَّ الخطرَ الحقيقيَ على بقاءِ الاحتلالِ وأهلِه واستمرارِ وجودِه لا يأتي إلا من الإسلام ِنفسِه ، فكانتْ حربُهم منصبةً على الإسلامِ ذاتِه لا على غيره .
ووجدوا أنَّ السبيلَ إلى ذلك هو دراسةُ الإسلامِ دراسةً وافيةً جيدةً والعملُ على تدميرِه من الداخلِ ، وتفريغِه من مقوماتِ قوَّتِه ، وحضارتِه ، والتي تعطيه قوةً ذاتيةً يبثُها في أبنائه مما يجعلُه يمثلُ رفضًا دينيًا للاحتلالِ ، كما أنَّ الكنيسةَ المصريةَ -و هذه شهادةُ حقِ و بغضِّ النظرِ عن أيِّ اعتباراتٍ أخرى – كانتْ و مازالتْ تمثل الرفضَّ الحضاريَ للاحتلالِ الغربيِ عبر التاريخِ .
فكانتْ نتيجةُ دراساتهم يمكنُ تلخيصُها في حلٍ سحريٍ وهو ما أُطلقَ عليه اسمُ :"التغريب" ، والذي يقصد به تحويل المجتمعاتِ العربيةِ والإسلاميةِ إلى مسوخٍ تشبهُ العواصمَ الغربيةَ ولكنْ من الظاهرِ فقط دون الباطنِ ، والذي تبدأُ أولُى مراحله بالإلحاحِ "في إقناعِ أممِ الشرقِ عامةً والمسلمينَ منهم، خاصةً أنهم أممٌ متخلفةٌ في تاريخِها وتراثِها وصميمِ تكوينِها" ، و أنَّها لكي تخرجَ منْ حالةِ التخلفِ هذه فعليها أنْ تنفصمَ انفصامًا تامًا عنْ كلِّ ما يربطُها بماضيها و أنْ تُطَلِّقَ تراثَها طلاقًا بائنًا لا رجعةَ فيه ، وأنْ يَلْعَنَ الأبناءُ الأجدادَ و الآباءَ الأولين ، و أنْ يتبرؤوا منهم ، و أنْ يعلنوا أنَّهم –أي الأجداد – هم سببُ البلاءِ و التخلفِ ، و أنْ تسعى هذه الأممُ بنفسِها إلى البراءةِ منْ كلِّ ما يميزها عن غيرِها من الأممِ .
وفي الأُسْبُوعِ القادمِ ... للحديثِ بقية ... إنْ شاءَ ربُّ البرية .