الخميس 05 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

هل يقبل السيسي بيع العلم بالرخيص..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل أسبوعين تقريبا أعلن هشام زعزوع وزير السياحة تبنيه لمقترح منح الجنسية المصرية للمستثمرين العرب والأجانب مقابل مبالغ مالية توضع كودائع لعدد من السنوات يستردها المستثمر بلا فوائد .
صاحب اقتراح بيع الجنسية المصرية رئيس اتحاد المستثمرين العرب والأجانب، وأكد زعزوع تحمسه للفكرة لما ستأتى به من أموال تدعم الاقتصاد المصرى، وأنه بصدد إعداد مشروع قانون لعرضه على مجلس الوزراء .
الحكومة لم تنفِ الخبر لكنها أوضحت أن الاقتراح لا يزال فى معية وزير السياحة وأنه لم يتقدم به بعد .
الفلسفة التى تقف وراء فكرة بيع الجنسية هى جذب المزيد من الاستثمارات، والمزيد من أعداد المستثمرين العرب والأجانب .
ورغم خطورة مثل هذا التوجه إلا أن الأحداث السياسية والاقتصادية لم تسمح له بالبروز كعنوان رئيسى فى الصحف أو قضية للمناقشة على شاشات الفضائيات، ومن ثم غابت المعلومات عن مصير الاقتراح، لكن يبدو أن الانشغال بجرائم داعش وأخبار المشروعات الاقتصادية الكبرى لم يكن السبب الوحيد لغياب المعلومات، فبدلا من متابعة الموضوع مهنيّا لنعرف تفاصيل مشروع القانون الذى يعكف على إعداده وزير السياحة وموقف مجلس الوزراء منه، اتجهت بعض الصحف لعمل استطلاعات لآراء الخبراء فى القانون والشخصيات العامة التى رحب بعضها بالفكرة كونها أحد الحلول العبقرية لأزمة الاقتصاد المصرى .
وكأننا بصدد اختبار بالون قبل البدء فى تنفيذها فعلا، أو هذا على الأقل ما جرت عليه العادة، لا سيما إذا تبنت صحيفة الأهرام طرح مثل هذه المواضيع لإعطاء انطباع أن هناك من يرحب بالاقتراح فى مواجهة من يرفضه، وهو ما يساعد مع الوقت على تمرير الفكرة كأمر واقع .
الوزير زعزوع أطال الله عمره من المشهود لهم بالكفاءة والقدرة على المواجهة منذ توليه حقيبة السياحة فى زمن الخائن مرسي، لكن تحمسه لمقترح بيع الجنسية فى مزاد علنى أمر يثير الدهشة ويطرح علامات الاستفهام بشأن طريقة تفكير وزرائنا فى حل مشكلاتنا الاقتصادية.
فطرح الجنسية المصرية للبيع على رصيف شارع الاستثمار ليقتنيها من يدفع أكثر لا يختلف كثيرًا عن بائعات الهوى اللاتي يبعن أجسادهن على قارعة الطريق .
الوزير زعزوع أسألك: هل انقلبت الآية؟ وهل تبدل المثل القائل (تموت الحرة ولا تأكل من ثدييها) فى قاموس رجال الأعمال ليصبح (تأكل الحرة من ثدييها وتصبح أمة مقابل ألا تموت)؟ ألهذا الحد صرتم عاجزين عن إيجاد حلول علمية لمواجهة تحدياتنا ؟ ثم أى مستثمر هذا الذى يبحث عن مزايا الجنسية المصرية؟
فى زمن لجنة السياسات وتغول رجال الأعمال لم يجرؤ عضو فى الحكومة المصرية على تبنى هذا النوع من الأفكار، بل إننى أكاد أجزم أن فكرة كهذا لم تطرأ أبدا على عقل أحد.
سؤال آخر: هل تمنح بلدان العالم النامى قبل المتقدم جنسياتها لكل من هب ودب لمجرد أنه دفع بضعة دولارات؟ ائتنا بمثل إن استطعت.
ماذا لو طلب الجنسية مستثمر من عرب إسرائيل؟ وماذا لو طلبها يهودى أمريكى له صلة مستترة بكيانات صهيونية؟ الأهم من ذلك كم دفع الدكتور مجدى يعقوب للحكومة البريطانية ليحصل على الجنسية الإنجليزية؟ وكم دفع الدكتور أحمد زويل ليحصل على الجنسية الأمريكية؟
يا أيها الوزير زعزوع إنما يأتى المستثمر عندما تحدث الحكومة ثورة تشريعية فى قوانين الاستثمار تضمن له أمواله وتسهل عليه أعماله، ويأتى أيضا عندما يستتب الأمن ويعم أهل البلاد قبل ضيوفها .
المستثمر يأتى ليربح ثم له مطلق الحرية فى أن يغادر وقتما شاء، وليست الجنسية ضمن أهدافه، ولك فى المستثمرين القطريين المثل الأعلى، فحسب أشرف سليمان وزير الاستثمار بلغ حجم الاستثمارات القطرية فى مصر 376 مليون دولار، لم يخرج منها دولار واحد لأن أصحابها يربحون ولا يربطون مكاسبهم فى مصر باعتبارات السياسة.
مرة أخرى أهمس فى أذن الوزير زعزوع: هل ستمنح المستثمرين القطريين الجنسية المصرية؟
الجنسية طبقا للقانون المصرى وقوانين جميع الدول لا تمنح إلا لمن قدم صادقا مخلصًا خدمات ومشروعات، وقبل ذلك عرقه وجهده وحياته للوطن الجديد دون مقابل، ولا يمكن أن تهدى لمن جاء يبحث عن الربح وزيادة حجم أرصدته فى البنوك، ولو كان سببًا فى إعمار الصحراء وحل جزء من مشكلة البطالة.
بيع الجنسية المصرية على هذا النحو مساوٍ تماما للتنازل عن العلم المصرى، فهل يقبل الرئيس عبد الفتاح السيسى بيع علم مصر بالرخيص وهو من أفنى عمره فى تحية العلم والدفاع عن شرفه وأقسم على التضحية بحياته ليظل عاليا خفاقًا معليًا كلمة الدولة المصرية؟!!