الثلاثاء 02 يوليو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

حوارات

مصطفى البلكي: أديب الأقاليم يحتاج إلى مضاعفة الجهد وسينجح إذا امتلك مشروعًا جادًا وصوتًا مميزًا

مصطفى البلكي قاص
مصطفى البلكي قاص وروائي مصري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قوائم البيست سيلر "وهم" لمن يتعاطاها ولمن يروج لها
نيران الخلافات القائمة بين بعض أدباء الأقاليم تلتهم البنيان الإبداعي لهم
لو عادت بي الأيام لن أفارق قريتي.. وأقيم علاقة بيني وبين البشر والحجر والدواب والطير لأنجح
النشر الإقليمي مشروع مهم ولا بد لنجاحه من غربلة الأعمال المتقدمة وتوزيعها جيدًا


مصطفى البلكي قاص وروائي مصري، من مواليد عرب الأطاولة بأسيوط 1972، أخصائي كيميائي بالهيئة العامة للتأمين الصحي.
له أكثر من 12 إصدارًا ما بين روايات ومجموعات قصصية لعل أهمها: "الجمل هام للنبي" قصص قصيرة عن مركز الحضارة، "تل الفواخير" رواية عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، "رمسيس الثاني البناء الأعظم" روايات الهلال، "بياع الملاح" رواية عن مركز الحضارة، "بينوزيم الكاهن الأكبر" روايات الهلال، "طوق من مسد" رواية عن سلسلة إبداعات الهيئة العامة لقصور الثقافة، "الإضراب الأول" روايات الهلال التاريخية، "ساوتي" رواية عن روايات الهلال التاريخية، "صور مؤجلة للفرجة" قصص عن دار شرقيات، "دوامات الصمت والتراب" عن قصور الثقافة سلسلة إبداعات الثورة، "سيرة الناطوري" رواية عن مجموعة النيل العربية، "أصوات الجرار القديمة" قصص عن دار سما.

وقد حصل على العديد من الجوائز مثل: أفضل رواية من الهيئة العامة لقصور الثقافة، جائزة القصة من جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين الثقافية عام 2006، وكذلك جائزة الرواية عام، جائزة نادي القصة في الرواية، جائزة القصة من جمعية الرواد بأسيوط، جائزة إحسان عبدالقدوس في الرواية، جائزة أدب الطفل من جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين 2008، جائزة القصير في الإبداع القصصي 2010، جائزة اتحاد الكتاب في الرواية 2010، جائزة ساقية الصاوي في الرواية 2012.
"البوابة نيوز" حاورت البلكي في إطار سلسلة الحوارات اليومية التي تجريها مع عدد من أدباء الأقاليم والمحافظات المختلفة لتستطلع رؤاهم وآمالهم وطموحاتهم والمعوقات التي تواجههم.

هل تعتقد أن المبدع يمكنه أن يحقق النجاح في محافظته النائية أو بلدته الصغيرة دون أن يكون ذلك مرتبطًا بوجوده في العاصمة؟ وما هي المقومات لذلك؟

في البداية لا بد من وجود الموهبة والرغبة، ثم أخذ الأمر بروج الجد، والتحلي بالعناد حتى لا تخمد الهمة، فالطريق شاق، تحفه الكثير من العقبات، هذه الصفات يحتاجها من يقيم في المركز أو في الأطراف، فما بالك بمن فضل الإقامة في قريته البعيدة، الأمر يحتاج منه إلى مضاعفة الجهد، ومصادقة الوقت، وهو إذ يعيش بين أهله وناسه، فهو يعيش وسط ذاكرة متجددة، فقط عليه أن يطلب الحياة التي يعرفها، ولا يتم الفهم الكامل لكل الشخصيات من دون التأمل والإقامة بعيدًا عن المركز، يتيح لك الفرصة حتى يحقق ذلك، فعملية الإبداع ذاتها هي سلسلة من الدراسة والتأمل.
لو فعل الأديب هذا، وأخلص لمشروعه، فعوامل النجاح مكفولة له، مع البعد عن كل ما من شأنه أن يبث روح الفشل، وقتها لا فرق بينه وبين من يقيم هناك، فقط عليه أن يمتلك الإرادة، والمشروع الجاد، والاختلاف عن السائد، وأن يكون له صوته المميز.

ـ ما هي أهم المعوقات التي تجدها في المسيرة الإبداعية للكتاب الذين يرفضون نداهة القاهرة ويفرضون أنفسهم على النخبة الثقافية من بلدانهم؟
أنا لا أرى أي عقبات أمام الجادين، فكل شيء يرتبط بالإرادة، وكل شيء مرتبط باكتشاف الذات، فعملية الكتابة كما قال أندرية موروا "إن تكتب معناه أن تكتشف نفسك".. ومن اكتشف ذاته ويعرف قدراته، ويحدد ما يريد، ويسعي، حتما سيسعى العالم كله معه حتى يوجد ما يريد، وفكرة الشر الآن متاحة.
يتبقى أهم ما يعترض طريق المبدع، وهو عامل الظروف، فكم من مواهب خمدت، وتوارى أصحابها، وانتهى أمرهم، لأنهم لم يستطيعوا الصمود أما تقلبات الأيام التي لا ترحم، والعامل الاقتصادي هو المسيطر على هذا الاختفاء.

هل وسائل التواصل الاجتماعي قد جعلت من مصر والعالم العربي قرية صغيرة سهلت من التواصل مع النخبة والمجتمع وسهلت مهمة أدباء الأقاليم؟

وسائل التواصل الاجتماعي، جعلت هناك صلة بين الأديب ورفقاء الدرب، وهي ساهمت في وجود علاقات وصداقات من غير تلك الوسائل ما كانت أن توجد، ففي النهاية الذي يبقي هي تلك العلاقات الإنسانية.

هل صادفت أدباء تم دفن موهبتهم بسبب عدم قدرتهم على التواصل مع أدباء العاصمة؟

الاعتماد على الموهبة والمشروع الذي يمتلكه الأديب هما عاملان سوف يحددان الطريق له، وأدباء العاصمة، لا يصنعون ولا يساهمون في تواجد الأديب، هم أيضا في مأزق التشابه، فكم من أدباء يعيشون هناك، ورغم ذلك ما زالوا يبحثون عن فرصة للنشر، أو التواجد، وبعضهم تستهلكه فكرة التواجد، وحضور الندوات، وإقامة علاقات، يفعل ذلك وهو يظن أن هذه الأشياء تعد بوابة ملكية حتى يكون له موضع قدم.

ما هي وجهة نظرك في المنتج الأدبي؟ 

ما دمنا ارتضينا أن نطلق على ناتج العملية الإبداعية لفظ منتج، فهو إذا سيخضع لعدة عوامل حتى يكتب له البقاء، الاختلاف ووجود الصوت المتفرد، أو المختلف، وهذا لن يتحقق إلا بدراسة وقراءة المنجز الأدبي للأجيال التي سبقته، فهو حبة من مسبحة، ومن ثم بعدها يجب أن يكون لديه مشروعه الذي يستحق الاهتمام، هو بذلك سيدرك الطريق الذي يبدأ بـ اقرأ.

وماذا عن قائمة البست سيلر؟ ووجود جماعات المصالح؟

قائمة البست سيلر تلك تعد وهمًا يتعاطاه من يروج لها، ونحن جميعًا نعلم المشكلة التي تحيط بصناعة الكتاب، فنحن أمة اقرأ لا تقرأ، وحتى لو سلمنا بأنها موجودة، فهل معني أن كتابًا يبيع ألف نسخة قد حقق ما لم يحققه الأولون.. لا، حينما يوجد لدينا وعي كامل بقيمة الكتاب، تعتمد على وجود منظومة تعليمة قوية، وجود جو من الحرية غير قابل لأن تغيره أي نظم أو أي جماعات، وقتها ستجد الكتاب سلعة مهمة مثل رغيف الخبز.
وجود جماعات المصالح، لا ننكر وجودها، لكنها تمضي عكس التيار، صحيح تحقق مصالح نفعية، ووقتية، لكن سيبقى حكم التاريخ على من أنضم لتلك القوافل.

هل وجود شخصيات أدبية تتصدر المشهد في الأقاليم؟ ساهمت في ازدهار الحركة أم أن تلك الوجوه تحافظ على مكانتها ومصالحها؟
 

في الأقاليم يوجد الكثير من الأدباء الذين استطاعوا أن يحققوا تواجدًا معقولًا في كثير من الأحيان يفوق ما حققه المقيم في المركز، وتلك الوجوه ساهم الكثير منهم في ازدهار الحركة الثقافية في أقاليمهم، لأنهم ببساطة ابتعدوا عن المصالح الشخصية الضيقة، وهناك عدد منهم فعلوا عكس هذا، لذلك تجد الخلافات قائمة في بعض الأقاليم، وهي بمثابة النار التي تلتهم البنيان الإبداعي لهم، لأنها تستنفذ طاقاتهم التي كان لا بد أن توجه لإيجاد بيئة ثقافية سليمة تقوم على المحبة.

ما هو تقييمك للمنتج الأدبي ومشروع النشر الإقليمي الذي تقوم به قصور الثقافة؟

مشروع النشر الإقليمي، مشروع مهم، ويعد وسيلة لنشر الأعمال، لكن حتى يؤتي ثماره، لا بد من توافر عدة شروط فيه، منها أولًا اختيار لجان التقييم من أدباء يتمتعون بعين ناقدة، تجيد غربلة تلك الأعمال واختيار الأصلح، ثانيًا وهذا هو الأهم طباعة تلك الأعمال في دور نشر جيدة، بحيث تكون الطباعة مماثلة للمطبوعات التي تصدر عن النشر المركزي، والعامل الثالث التوزيع، فأغلب تلك الأعمال يتم تخزينها في مخازن الفروع الثقافية، ومع الوقت ينتهي أمرها.

هل تعد نوادي الأدب إضافة للحركة أم عائق يقف أمامها؟\
 

نوادي الأدب الآن تقوم بدور آخر خلاف دورها، هي في الأساس تقوم على رعاية المواهب الشابة، هذا هو دورها، ومن ثم لو ركزت في هذا الدور سوف تجد ثمرة من وراء تواجدها، لكن هذا لا يحدث، تحولت إلى تكتلات ومصالح، وانعقد عزم أغلب مجالس إداراتها على صرف الميزانية.

مؤتمر أدباء مصر.. هل أنت مع استمراره أم انتهاء دوره ولماذا؟

هذا المؤتمر في بداياته ساهم في ازدهار الحركة الثقافية في ربوع القطر، وهو بمثابة ملتقى يجمع أدباء الأقاليم للوقوف على مشاكلهم، لكن سرعان ما تحول إلى لقاء سنوي، يرتاده أغلبية دائمة التواجد، وحضرت المؤتمر مرتين عام 2008 وعلم 2014 يذهلك عدد الحضور الذين يجلسون في القاعات أثناء ندوات الأبحاث، إذن لماذا الحضور!! محتاج لوقفة وإعادة تقييم.

الميديا عنصر ترويج للأصلح أم تلميع لأنصاف الموهبين؟

الميديا، تعتمد على العلاقات، ولذلك تجدها حاضرة وبقوة مع الأسماء الكبيرة، ومع من يملك السلم إليها، هي بالطبع تفعل الأمرين، ومبدع الأقاليم يحتاج لميديا تؤمن بدوره، وتصل إليه في مكانه، لكن تصور أديب يعيش في أسوان مثلا حتى يجري لقاء مع قناة عليه أن يتكبد عذاب السفر، لم لا يذهبون هم إليهم، أليس هذا دورهم؟

أين أنت من مشاكل الإقليم الذي تنتمي إليه في منتجك الأدبي؟

الأديب ابن البيئة التي ينتمي إليها، ولا بد أن تكون حاضرة في أعماله وبقوة، مويان كاتب الصين الكبير يقول "من الضروري أن يصنع الكاتب لنفسه منطقته الأدبية الفريدة، وموطن استلهام طاقاته" وهذا حتى يتكون، لا بد من فهم تلك البيئة، والاقتراب من مفرداتها، البشر والحجر، حتى الدواب والطير، يقيم علاقة بينه وبين تلك العوالم، وقتها فقط سوف يعبر عنها.

لو عادت بك الأيام هل ستظل في إقليمك أم ستشد الرحال للقاهرة؟

لو عادت بي الأيام لن أفارق قريتي، لكن إذا ما كان هناك نداءً قويًا داخلي، ربما أفكر.