فى منتصف ثمانينيات القرن الماضى نشأت ما تسمى بمنظمات حقوق الإنسان ، ومع أنها تأسست بسواعد عناصر التيارات اليسارية إلا أنها فشلت فى خلق تيار حقوقى صحيح أو حركة تتسق طريقة عملها ومتطلبات المجتمع الذى تعمل فى سياقه ومن أجله .
ثلاثون عاما من فشل المنظمات الحقوقية تجربة لا ينبغى تركها دون دراسة أو تحليل ، لا سيما وأن النتيجة التى اتضحت للجميع هى ارتباط عمل تلك المنظمات للمؤسسات المانحة والممولة لأنشطتها، ومن التساؤلات الهامة التى من الضرورى التوقف عندها لماذا فشلت جمعيات حقوق الإنسان فى خلق مصداقية لعملها لدى الشارع المصرى بينما معظم عناصرها وقادتها من الشيوعيين أو الناصريين حملة مشاعل التنوير؟ وكيف قبلت هذه المنظمات التمويل الأمريكى والأوروبى بينما نشطاؤها ممن ينتمون لتيارات لها عداء تقليدى مع القسم الغربى من العالم ؟
نعم كان العمل الحقوقى جاذبا للعناصر اليسارية التى طالما تسكعت على أزقة السياسة دون أن تحقق شيئا يذكر ، ومن المفارقات أن هذه العناصر حولت تلك المنظمات إلى حانات لممارسة السياسة ومختلف أشكال الاحتجاج والمعارضة ولكن بقوة دفع الدولار الأمريكى .
وبقدر ما خلقت تلك المؤسسات فرصًا جديدة للعمل لبعض المحظوظين من التيارات اليسارية، بقدر ما كانت أيضا فرصة للثراء الفاحش لتظهر طبقة محدودة ومعلومة العدد من الحقوقيين لطالما عجزت عن دفع ثمن كوب شاى فى مقاهى وسط البلد، وتنحصر هذه الطبقة فى قادة العمل الحقوقى الذى من المفترض فيه أساسا أن يكون تطوعيّا وهى لا تختلف كثيرا عن طبقة الأغنياء التى ظهرت على خلفية سياسات الانفتاح الاقتصادى فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات .
اللافت أن قادة وعناصر المنظمات الحقوقية هم أنفسهم من برزت أسماؤهم فى حركات مثل الاشتراكيين الثوريين و6 أبريل وكفاية وأخواتها، ولم يختلف أداؤهم باختلاف مواقعهم الحقوقية والسياسية، ولم يضعوا ولو شعرة معاوية للفصل أو التمييز بين ما هو حقوقى وما هو سياسى، على أى حال هذا الخلط هو السمة الأساسية لهذه التيارات فى أى عمل عام، وهو ما تجسد داخل بعض النقابات المهنية التى حولوها لساحة للنزال السياسى بمعناه الحزبى الضيق .
معظم تلك المنظمات تفتقد لخبرات الرصد الموضوعى والمحايد اعتمادا على كوادر مدربة بشكل جيد، فهى تعتمد فى أغلب الأحيان على ما تنشره الصحف من أخبار وتقارير، بينما يفتقد معظم ما ترصده اعتمادا على كوادرها الدقة والمصداقية والنزاهة لأن تلك الكوادر غالبا تنتمى للتنظيمات السياسية غير القانونية، وقد يروق لهم تناقل الشائعات كحقائق، خاصة إذا كان فيها ما يدين أحد الأجهزة التنفيذية، وما يؤكد فقدان معظم المنظمات المصداقية والحياد صدور تقاريرها وبياناتها دون وجود سطر واحد يذكر وجهة نظر الحكومة فى الرد على ما ينسب إليها من انتهاكات، وهو أمر متعارف عليه فى التقارير الحقوقية التى تصدرها المنظمات الدولية، وهذا ما يؤشر أيضا إلى وجود أهداف سياسية من وراء إصدار تلك التقارير .
تستطيع ببضعة بيانات صحفية كتبت باحتراف ومهنية للتعليق على أحداث بعينها أن تجعل من مؤسسة أو جمعية حديثة النشأة صغيرة الحجم ومحدودة الإمكانيات كيانا كبيرا ومتضخما، بعدها سيسهل عليك أن تأتى بالتمويل الأجنبى بالدولار لو شئت أو باليورو لأنك ستكون قد رتبت سيرة ذاتية لمؤسستك، وتاريخا من النضال عبر تلك البيانات بشرط أن تكون نبرة المعارضة السياسية هى الغالبة عليها، ولا تنسَ أن تذيل بيانك بذكر بعض الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان .
تلك ببساطة هى طريقة عمل سبوبة حقوقية، ولا تشغل بالك بطريقة جمع المعلومات والبيانات والإحصاءات، فالصحف ووسائل الإعلام كفيلة بهذا الدور.
أحد الأسماء البارزة فى هذا المجال أصدر تقريرًا ممولا عن حجم الفساد فى مصر دفع لعمله نحو 10 آلاف دولار، قام الناشط الحقوقى والباحث عن الحقيقة بجمع كل مادته وليس بعضها أو حتى نصفها من تحقيقات وأخبار وتقارير منشورة فى الصحافة المصرية ولم يكن فى كتابه مصدر آخر سوى أرشيف الصحف، مخالفا كل قواعد وأبجديات عمل التقارير الحقوقية .
بينما اهتمت مراكز حقوق الإنسان بالحقوق السياسية والمدنية بشكل أساسى، لم تظهر منظمات تدافع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلا فى السنوات العشر الماضية، ومع ذلك هى تلجأ لنفس الأساليب المسيسة والموجهة فى معالجة موضوعاتها، والملفت حقّا أن جميعها أقصد المعنىّ منها بالحقوق السياسية والمدنية، والمعنى بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية لم يهتم بإصدار ولو بيان واحد بشأن ما تتعرض له البلاد من إرهاب.
وظنى أن الوقت قد حان لمكافحة دكاكين التمويل الأجنبى ووقف انتشارها ونشاطها المشبوه والمزيف، ومراقبة أموالها حتى تتوقف عن دورها كمصدر للثراء السريع والفاحش ربما أكثر من تجارة السلاح والمخدرات، وأولى إجراءات المكافحة هو ان تكون الدولة سواءا من خلال وزارة التضامن الاجتماعى او وزارة التخطيط والتعاون الدولى هى معبر التمويل القادم من المؤسسات الأجنبية، وأن يكون لها دور فى اختيار نوع المشروعات التى تعمل عليها تلك المؤسسات بتمويل أجنبى، وفى مراقبة عملية إعداد وتنفيذ المشروع وأسلوب الصرف عليه على أن تضع قواعد صارمة للرقابة الذاتية على الموظفين الحكوميين الذين سيقومون بتلك الأدوار منعًا لفتح أبواب الفساد والرشوة، وفى نفس الوقت على الدولة والمخلصين من النشطاء الحقوقيين إن أرادوا التطهر من تهم العمالة والتجسس أن يجلسوا ليضعوا تصورات عملية لمصادر توفر تمويلا داخليّا كإنشاء هيئة أوقاف ينفق ريعها لتمويل منظمات المجتمع المدنى، ونشر هذه الثقافة بين رجال الأعمال حتى يكون تمويل المنظمات الحقوقية جزءًا من برامج المسئولية الاجتماعية التى يضطلعون بها ، ولا ينبغى أن تهمل الدولة هذا الملف، فالحكومة لا تفتحه هى الأخرى إلا سياسيّا عندما تزداد حدة الانتقادات الموجهة لها دون أن تتخذ إجراءً حقيقيّا.
قد يكون الأمر صعبًا، لكنه ليس مستحيلًا ويستحق؛ لأن بعض المنظمات تعمل فى مناطق نائية وبعيدة عن أعين الحكومة، وترفع تقارير تفصيلية تخص نمط حياة الناس فى نجوعنا وقُرانا، وحتى فى بوادينا وعلى أطرافنا فى الحدود إلى المنظمات المانحة، وبعض تلك التقارير والمعلومات تخص الأمن القومى بشكل أو آخر .
ثلاثون عاما من فشل المنظمات الحقوقية تجربة لا ينبغى تركها دون دراسة أو تحليل ، لا سيما وأن النتيجة التى اتضحت للجميع هى ارتباط عمل تلك المنظمات للمؤسسات المانحة والممولة لأنشطتها، ومن التساؤلات الهامة التى من الضرورى التوقف عندها لماذا فشلت جمعيات حقوق الإنسان فى خلق مصداقية لعملها لدى الشارع المصرى بينما معظم عناصرها وقادتها من الشيوعيين أو الناصريين حملة مشاعل التنوير؟ وكيف قبلت هذه المنظمات التمويل الأمريكى والأوروبى بينما نشطاؤها ممن ينتمون لتيارات لها عداء تقليدى مع القسم الغربى من العالم ؟
نعم كان العمل الحقوقى جاذبا للعناصر اليسارية التى طالما تسكعت على أزقة السياسة دون أن تحقق شيئا يذكر ، ومن المفارقات أن هذه العناصر حولت تلك المنظمات إلى حانات لممارسة السياسة ومختلف أشكال الاحتجاج والمعارضة ولكن بقوة دفع الدولار الأمريكى .
وبقدر ما خلقت تلك المؤسسات فرصًا جديدة للعمل لبعض المحظوظين من التيارات اليسارية، بقدر ما كانت أيضا فرصة للثراء الفاحش لتظهر طبقة محدودة ومعلومة العدد من الحقوقيين لطالما عجزت عن دفع ثمن كوب شاى فى مقاهى وسط البلد، وتنحصر هذه الطبقة فى قادة العمل الحقوقى الذى من المفترض فيه أساسا أن يكون تطوعيّا وهى لا تختلف كثيرا عن طبقة الأغنياء التى ظهرت على خلفية سياسات الانفتاح الاقتصادى فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات .
اللافت أن قادة وعناصر المنظمات الحقوقية هم أنفسهم من برزت أسماؤهم فى حركات مثل الاشتراكيين الثوريين و6 أبريل وكفاية وأخواتها، ولم يختلف أداؤهم باختلاف مواقعهم الحقوقية والسياسية، ولم يضعوا ولو شعرة معاوية للفصل أو التمييز بين ما هو حقوقى وما هو سياسى، على أى حال هذا الخلط هو السمة الأساسية لهذه التيارات فى أى عمل عام، وهو ما تجسد داخل بعض النقابات المهنية التى حولوها لساحة للنزال السياسى بمعناه الحزبى الضيق .
معظم تلك المنظمات تفتقد لخبرات الرصد الموضوعى والمحايد اعتمادا على كوادر مدربة بشكل جيد، فهى تعتمد فى أغلب الأحيان على ما تنشره الصحف من أخبار وتقارير، بينما يفتقد معظم ما ترصده اعتمادا على كوادرها الدقة والمصداقية والنزاهة لأن تلك الكوادر غالبا تنتمى للتنظيمات السياسية غير القانونية، وقد يروق لهم تناقل الشائعات كحقائق، خاصة إذا كان فيها ما يدين أحد الأجهزة التنفيذية، وما يؤكد فقدان معظم المنظمات المصداقية والحياد صدور تقاريرها وبياناتها دون وجود سطر واحد يذكر وجهة نظر الحكومة فى الرد على ما ينسب إليها من انتهاكات، وهو أمر متعارف عليه فى التقارير الحقوقية التى تصدرها المنظمات الدولية، وهذا ما يؤشر أيضا إلى وجود أهداف سياسية من وراء إصدار تلك التقارير .
تستطيع ببضعة بيانات صحفية كتبت باحتراف ومهنية للتعليق على أحداث بعينها أن تجعل من مؤسسة أو جمعية حديثة النشأة صغيرة الحجم ومحدودة الإمكانيات كيانا كبيرا ومتضخما، بعدها سيسهل عليك أن تأتى بالتمويل الأجنبى بالدولار لو شئت أو باليورو لأنك ستكون قد رتبت سيرة ذاتية لمؤسستك، وتاريخا من النضال عبر تلك البيانات بشرط أن تكون نبرة المعارضة السياسية هى الغالبة عليها، ولا تنسَ أن تذيل بيانك بذكر بعض الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان .
تلك ببساطة هى طريقة عمل سبوبة حقوقية، ولا تشغل بالك بطريقة جمع المعلومات والبيانات والإحصاءات، فالصحف ووسائل الإعلام كفيلة بهذا الدور.
أحد الأسماء البارزة فى هذا المجال أصدر تقريرًا ممولا عن حجم الفساد فى مصر دفع لعمله نحو 10 آلاف دولار، قام الناشط الحقوقى والباحث عن الحقيقة بجمع كل مادته وليس بعضها أو حتى نصفها من تحقيقات وأخبار وتقارير منشورة فى الصحافة المصرية ولم يكن فى كتابه مصدر آخر سوى أرشيف الصحف، مخالفا كل قواعد وأبجديات عمل التقارير الحقوقية .
بينما اهتمت مراكز حقوق الإنسان بالحقوق السياسية والمدنية بشكل أساسى، لم تظهر منظمات تدافع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلا فى السنوات العشر الماضية، ومع ذلك هى تلجأ لنفس الأساليب المسيسة والموجهة فى معالجة موضوعاتها، والملفت حقّا أن جميعها أقصد المعنىّ منها بالحقوق السياسية والمدنية، والمعنى بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية لم يهتم بإصدار ولو بيان واحد بشأن ما تتعرض له البلاد من إرهاب.
وظنى أن الوقت قد حان لمكافحة دكاكين التمويل الأجنبى ووقف انتشارها ونشاطها المشبوه والمزيف، ومراقبة أموالها حتى تتوقف عن دورها كمصدر للثراء السريع والفاحش ربما أكثر من تجارة السلاح والمخدرات، وأولى إجراءات المكافحة هو ان تكون الدولة سواءا من خلال وزارة التضامن الاجتماعى او وزارة التخطيط والتعاون الدولى هى معبر التمويل القادم من المؤسسات الأجنبية، وأن يكون لها دور فى اختيار نوع المشروعات التى تعمل عليها تلك المؤسسات بتمويل أجنبى، وفى مراقبة عملية إعداد وتنفيذ المشروع وأسلوب الصرف عليه على أن تضع قواعد صارمة للرقابة الذاتية على الموظفين الحكوميين الذين سيقومون بتلك الأدوار منعًا لفتح أبواب الفساد والرشوة، وفى نفس الوقت على الدولة والمخلصين من النشطاء الحقوقيين إن أرادوا التطهر من تهم العمالة والتجسس أن يجلسوا ليضعوا تصورات عملية لمصادر توفر تمويلا داخليّا كإنشاء هيئة أوقاف ينفق ريعها لتمويل منظمات المجتمع المدنى، ونشر هذه الثقافة بين رجال الأعمال حتى يكون تمويل المنظمات الحقوقية جزءًا من برامج المسئولية الاجتماعية التى يضطلعون بها ، ولا ينبغى أن تهمل الدولة هذا الملف، فالحكومة لا تفتحه هى الأخرى إلا سياسيّا عندما تزداد حدة الانتقادات الموجهة لها دون أن تتخذ إجراءً حقيقيّا.
قد يكون الأمر صعبًا، لكنه ليس مستحيلًا ويستحق؛ لأن بعض المنظمات تعمل فى مناطق نائية وبعيدة عن أعين الحكومة، وترفع تقارير تفصيلية تخص نمط حياة الناس فى نجوعنا وقُرانا، وحتى فى بوادينا وعلى أطرافنا فى الحدود إلى المنظمات المانحة، وبعض تلك التقارير والمعلومات تخص الأمن القومى بشكل أو آخر .