تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
لم يكنْ لتنظيمِ القاعدةِ قبل عامِ 1988 م، أيُّ وجودٍ فعليٍ على الساحة وفي الواقع، ولكنَّه وفي هذا العام بالتحديد وقبيل أنْ يُغْتَالَ طَلَبَ "عبد الله عزام" مِنْ "أسامة بن لادن" تنظيم سجلٍ بأسماءِ "الأفغان العرب" يتضمن مسارَ حركتهم قدومًا وذهابًا مِنْ وإلى أفغانستان والتحاقًا بالجبهاتِ وغير ذلك، وذلك بسببِ زيادةِ أعدادِ الوافدين وما ترتب عليه من زيادةٍ في حالاتِ الإصابةِ والقتلِ والاختفاءِ ، وما يمثله نقصُ هذه المعلوماتِ مِنْ حرجٍ بمكتبِ الخدماتِ الذي كان يديرُ حركةَ المجاهدين في أفغانستان.
وبناءً على هذا الطلبِ تَمَّ وضعُ سجلاتٍ تحوي معلوماتٍ مفصلةٍ عن الأفغانِ العربِ.
ولا زال هذا السجلُ يتضخمُ ويكبرُ حتى تحولَ إلى إدارةٍ مستقلةٍ داخل مكتب الخدمات وأطلق عليها "عزام" اسم : "سجل القاعدة" و كأنها قاعدةُ بياناتٍ تتضمنُ كلَّ المعلوماتِ المتعلقةِ بــ "الأفغانِ العربِ" منْ أسماءٍ و أعدادٍ و معسكراتٍ للتدريبِ والاصاباتِ والوفياتِ والدخولِ والخروجِ مِنْ وإلى أفغانستان إلخ.
إلا أنَّها وحتى ذلك الزمانِ لم يكنْ "القاعدة" تنظيمًا هيكليًا ولا جناحًا عسكريًا، ليستْ إلا سجلاتٍ لأسماءِ العربِ الذين يقيمون في أفغانستان ومعلومات عنهم.
إلا أنَّه وبعد الانسحابِ السوفيتي من أفغانستان عاد "أسامةُ بنُ لادن" إلى المملكة العربية السعودية، وابتعد عن العملِ السياسي وباشر أعماله في المملكة.
حتى كان يوم الثاني من شهرِ أغسطس عام 1990 م، حين غزا "صدام حسين" الكويتَ بإيعازٍ مِنْ أمريكا، ووقفَ على الحدودِ السعودية يريد اجتياحَ المملكة واحتلالها على غرار الكويت وتدويل الحرمين الشريفين.
وهنا طَفَتْ على السطحِ مسألةُ "الاستعانة بالمشركين" والتي أباحتها اللجنة الدائمة للإفتاءِ في السعوديةِ معززة فتواها بأدلةٍ شرعيةٍ من الكتابِ والسنةِ ، إلا أنَّ جماعةَ الإخوانِ المسلمين ودعاتَها في المملكة كأمثالِ "سفر الحوالي" و"عائض القرني" وغيرهم أثاروا حملةً من الانتقادِ على المملكةِ و اللجنةِ وصلتْ إلى حدِّ التكفيرِ والخروجِ من الملة لحكامِ المملكةِ و علمائِها ، وكان لــــ "أسامة" وبسبب كونه عضوًا في تنظيمِ الإخوان دورًا بارزًا في هذا الأمرِ اعتمادًا على شعبيته بعد رجوعه من أفغانستان وكذلك بسببِ أسرتِه العريقةِ وأموالِها، ما دفعَ الأسرةَ الحاكمةَ في المملكةِ إلى الضغطِ على أسرتِه وعليه اجتماعيًا فاضُطرَ للخروجِ من المملكةِ إلى السودان، ناقمًا وحاقدًا على "أسرة آل سعود" التي أخرجته من بلدهِ ليبدأ حربًا ضروسًا عليها وعلى بلدِه منْ وراءِ ستارِ "محاربةِ الأمريكان وأذنابِهم في المنطقةِ" – يقصدُ آلَ سعود.
خرجَ "أسامةُ بنُ لادن" من المملكة متجهًا إلى السودانِ هو وأسرته الصغيرةُ، وهناك استقبله "حسن الترابي" مرشدُ الإخوانِ في السودان والحاكمُ الفعليُ لها، فاحتفى به وقربه منه وأعطاه حريةً كاملةً في الحركةِ والعملِ، فاتخذَ من السودان مركزًا لإنشاءِ وتكوينِ التنظيمِ العسكري الخاصِ به مستغلًا قاعدةَ البيانات التي كانت تحوي "سجل الأفغان العرب" في حربِ الروسِ في أفغانستان.
ومن هنا بدأ الوجودُ الفعليُ لتنظيمِ القاعدةِ أو "تنظيمُ قاعدةِ الجهادِ" لأولِ مرةٍ انطلاقًا منْ أرضِ السودانِ، وكان أولَ عملٍ إرهابيٍ قام به موجهًا ضدَّ مصرَ، المحروسةِ من الشرورِ إنْ شاءَ اللهُ، على ما سنبينه في الأسبوعِ المقبل إنْ كانَ في العمرِ بقية وشاءَ ربُّ البرية.