تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
تصدر ذوو الإعاقة المشهد إبان أحداث ثورة 25 يناير، وظهرت الكراسي المتحركة والى جوارها لمع بريق العصا البيضاء كأروع صورة تكشف بجلاء قدرة المعاقين على اندماجهم في مجتمعهم وتفاعلهم مع آماله وآلامه، وهو المجتمع الذي طالما همشهم، ومارس ضدهم كل أشكال التمييز السلبي.
ومثل كل المصريين حلم ذوو الإعاقة بالتغيير الى الأفضل وظنوا أن زمن الاضطهاد والاستبعاد قد ولى، لاسيما وأنهم قد شاركوا في إرهاصات الثورة عبر عدة حركات وائتلافات مارست كل أشكال الاحتجاج السلمي وصولاً الى 25 يناير. ومع ذك ظلت قضيتهم على الهامش ولم تظهر إلا في عناوين ثانوية لبرامج بعض الأحزاب أثناء انتخابات مجلسي الشعب والشورى المنحلين، وانتهج بعض مرشحي الرئاسة نفس السبيل، بل إن بعضهم اتخذ من قضية الإعاقة حلية لبرنامجه الانتخابي ولم يبذل جهدًا لتقديم تصورات واقعية لمعالجة قضية أكثر من 12 مليون مصري من ذوي الإعاقة.
وراح بعضهم يعقدون مؤتمرات انتخابية يحشدون فيها بعض الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة ليس لعرض تصوراتهم إزاء هذه القضية إنما لهثًا وراء صورة تليفزيونية أو صحفية ترسم البعد الإنساني للمرشح.
وكانت حملة الفريق أحمد شفيق بمثابة الاستثناء في جديتها، فقد قدم الرجل برنامجًا واضح المعالم كانت ركيزته ثلاثة مفاهيم أساسية في التعامل مع قضية الإعاقة هي: “,”تمكينهم من كافة الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمعرفية من أجل تمكينهم من أداء ما عليهم من واجبات تجاه الوطن، ثم تفعيل مشاركتهم على جميع الأصعدة وهو ما يقود الى المفهوم الثالث ألا وهو دمجهم في المجتمع“,”.
كما حوى برنامجه 23 بندًا يتم تعامل كل بند فيها مع قضية ملحة من قضايا الإعاقة وفي مقدمتها العمل والتعليم والصحة.
انتهت الانتخابات الرئاسية بإعلان الدكتور محمد مرسي رئيسًا للجمهورية وفي غضون ذلك كان الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء السابق قد أصدر القرار رقم 410 الخاص بإنشاء المجلس القومي لشئون الإعاقة واستبشر المعاقون خيرًا وتوسموا في الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء الجديد وقتها أن يعمل على دعم المجلس خاصة أنه يترأس مجلس إدارته، وكما خيب قنديل آمال ملايين المصريين في حكومته خيب آمال المعاقين في مجلسهم الى حد عدم اكتراثه بتوفير مقر مهيأ لإدارة شئونه وكل ما فعله هو تخصيص مقر الحزب الوطني السابق بسرايا القبة كمقر وهو في حالة تشبه بيوت الأشباح بعدما سرق اللصوص أبوابه ونوافذه وكل محتوياته بما في ذلك أسلاك الكهرباء وصنابير المياه.
وبينما جاوز الإنفاق الحكومي في عهد قنديل قرابة الـ80 مليار جنيه، حسب بعض التقديرات لم يفكر قنديل رئيس مجلس إدارة القومي لشئون الإعاقة في توفير بضعة آلاف من الجنيهات لإعادة تأهيل المقر وإصلاحه.
ومع ذلك نجحت أمين عام المجلس د. هالة عبدالخالق في عقد عدد من البروتوكولات الحيوية لمعالجة قضية الإعاقة، أبرزها بروتوكول حصر أعداد المعاقين ووضع خريطة تحدد تعداد المعاقين حسب نوع الإعاقة والجنس والتوزيع الجغرافي، ومن ثم وضع خريطة للاحتياجات وهو ما يساعد على تصميم استراتيجية قومية للتعامل مع هذه القضية، بخلاف بروتوكولات أخرى خاصة بالتعليم والصحة وإعداد مراكز للاكتشاف والتدخل المبكر.
وكل هذه الخطط تحتاج الى ميزانية تتجاوز المائة مليون جنيه، إلا إن الحكومة خفضت بهذه الميزانية الى نحو 15 مليون جنيه، في موازنة عام 2013/2014م.
وهو ما يؤكد أن هذه الحكومة لا تتعامل بالجدية المطلوبة مع أول كيان رسمي يمثل المعاقين.
وليست الحكومة القنديلية وحدها التي تصر على تهميش ملايين المصريين من ذوي الإعاقة فلا تزال برامج الأحزاب السياسية قاطبة تخلو من أي اتجاه جاد نحو هذه الشريحة رغم إنها تمثل كتلا تصويتية هائلة، خاصة إذا أخذنا في الحسبان أسرهم التي تعاني أغلبها الفقر وضيق الحال.
وبسبب هذا الإهمال من الجميع أعلنت معظم حركات وائتلافات ذوي الإعاقة مشاركتها في تظاهرات 30 يونيو، رافضة استخدام قضيتها كحلية أو ديكور من قبل جميع الأطراف ومصرة على أن المعاقين جزء من هذا الوطن الذي بدا غير معني بهم، وما حدث مؤخرًا في محافظة الشرقية والتي شهدت صدامات عنيفة بين المعاقين وقوات الأمن ليس سوى بروفة مصغرة لثورة المعاقين.
وواقع الحال يؤكد أن المجتمع عاجز عن الاندماج مع مواطنيه من ذوي الإعاقة وأنه بحكومته ومعارضته في حاجة الى إعادة تأهيل وليس العكس، فاحذروا ثورتهم فهي مستمرة سواء نجحت 30 يونيو، في إسقاط مرسي، أو استطاع الأخير تجاوزها طالما أن هناك إصرارًا على تهميشهم واضطهادهم.