تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
لعل ما يبينُ لنا ويكشفُ، لماذا كان يتعامل أفراد الجماعة الإرهابية وفروعها وأذنابها من الجماعات السلفية وغيرها مع المصريين بمنتهى الكبر والاستعلاء والغطرسة والصلف، في فترة حكمهم، ثم تحوّل هذا الكبر إلى حربٍ ضروسٍ وتعطشٍ لدماء المصريين وكراهيةٍ شديدة لكل ما هو مصري ووطني، أن نعرف أن كبيرهم الذي علمهم التكفيرَ والغلوَ "سيد قطب" لم يكن يعتبر نفسه مجردَ داعيةٍ أو مفكرٍ ولكن كان يرى كلمته "كلمة النبي".
فكلامه هو الإسلام بالألف واللام التي هي للتعريف، والذي لا يملك أحد أن يناقشه أو أن يختلف معه، وزرع ذلك في كل أتباعه، وكل من يقرأُ لسيد قطب ويتأثرُ بكلامه ويعتقدُ فيه لا بد، وأن يتقمص شخصيته ويعيش حالته المرضية، فيعيش حياته مريضًا بالكبر والاستعلاء.
ولم يكن سيد ينظر إلى الناس إلا كنظرةِ الشيخِ الكبيرِ الجالسِ فوق قمةِ الجبل وهو يراقبُ الأطفال الصغارَ وهم يتلاعبون في السفحِ.
وقد نص على ذلك بقوله: "عشتُ في ظلالِ القرآنِ أنظر من علوٍّ إلى الجاهلية! التي تموجُ في الأرض وإلى اهتماماتِ أهلِها الصغيرة بما لديهم من معرفةِ الأطفال واهتماماتِ الأطفال كما ينظرُ "الكبيرُ" إلى عبثِ الأطفال"!!
ولم تكن الطفولةُ في رأي سيد تحملُ معاني البراءة والجمالَ، لكنه يترجمها مباشرة إلى الحقارة والضآلة!!
فقد كان يرى نفسه كبيرًا بل عملاقًا مثل "جاليفر" في بلادِ الأقزامِ يواجه بقلبه الكبيرِ! عبثَ الأطفال الأشرار!
ومن هذا العلو والتكبرِ كان يرى الناسَ ويرى على أساسه قيمته وقيمتهم، فكان يعتقدُ أن العالمَ في حاجةٍ إليه شخصيًّا أكثر من حاجته إلى أي أحد، وقد ترجم ذلك واضحًا حين كتبَ للمباحثِ العامة خطابًا يحتجُ فيه احتجاجًا شديدَ اللهجةِ على تفتيشِ شقتِه في رأسِ البر بأسلوب رأى سيد أنه غيرُ لائقٍ بمكانته بين البشر، فكتب يقول: أن بيرتراند راسل لم يقدم لأمته ولا للإنسانيةِ بعضَ ما قدمت!!!
وانطلاقا من هذا الكبرِ والاستعلاءِ على البشرِ كان لسيد تفسير مختلف للتواضع يتناسب مع استعلائه وتكبره، فلم يكن التواضعُ لله عنده يعني التواضعَ أمام البشرِ، لكنه يعني الاتحاد مع الله! من أجل الاستعلاء على الناس، لأنهم جزءٌ من الجاهليةِ التي يجبُ التعالي عليها والتسامي فوقها!
وكذلك كل إخواني وكل تابعٍ له يرى نفسَه كبيرًا ويرى غيره حقيرًا وكل مخالفيه لا يساوون شيئًا!
وبمثلِ هذا التعالي والكبرِ كان حسن البنا ينظرُ إلى مخالفيه فكان يعتبرهم هباءً لا قيمةَ لهم "فإما ثاروا -يعني التحقوا بجماعته- وإما غاروا"!!
وأخيرًا فإن لسيد قطب مصطلحًا عجيبًا لم يسبقه إليه ولا الشيطانُ الرجيم سماه: "الحقد المقدس"!
هكذا بالجمع بين النقيضين في آن واحدٍ بين المقدس والمدنس!
وهذا الحقدُ المقدسُ المدعى، هو ما يملأ قلوب الإخوان وأتباعهم على الشعبِ المصري كلِه، وهو ما يفسرُ الغلظةَ والقسوةَ التي يتمتعون بها ويعاملون بها المصريين.
وحين كان سيدُ يذكرُ أنه وجدَ سلامه الداخلي، لم يكن قطُ يعني أن هذا السلامَ الداخلي يقومُ على التسامحِ بالتعايشِ، لكنه يقومُ على الكراهيةِ وليس مطلقَ الكراهيةِ للآخر وللمخالفِ بل هي كراهيةٌ تصلُ إلى الحقدِ، بل إلى "الحقدِ المقدس"!
وكذلك كل إخواني يعيشُ في حياتِه ويقتاتُ إلى مماتِه وهلاكِه ويستمدُ قوتَه من "الحقدِ المقدس"!