الخميس 05 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

السم في الإخوان المنشقين..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل ساعات قال زكى القاضى؛ أحد أعضاء لجنة الشباب بحملة المرشح الرئاسى عبد الفتاح السيسى: إن الحملة تستعد لتشكيل لجنة مما يسمى مجموعة الإخوان المنشقين لتعمل فى إطار حملة المشير، موضحًا أن عضوية اللجنة ستقتصر على من نبذوا أفكار العنف ولم تلوث أيديهم بدماء المصريين .
اخشى ما أخشاه أن تمارس بعض عناصر الحملة نوعا من الابتزاز المغلف بشعارات استيعاب شباب الجماعة ليكون ذلك بمثابة المنفذ الذى يمكّن الإخوان من الاحتفاظ بموطئ قدم فى الحياة السياسية يسمح لها برفع لافتة الجماعة ، وإعادة تكرار أفكارها بشعارات مخادعة ومزيفة للحقائق .
بعض من يدعون الخروج على التنظيم الإرهابى والانشقاق عن جماعتهم يصرون على التأكيد على أن خروجهم إنما كان على قادة التنظيم الحاليين الذين شوهوا فكر الجماعة ومن بين هؤلاء القيادى الإخوانى كمال الهلباوى، ولا يجوز فى حالته إضافة عبارة "القيادى السابق" للتعريف به، فهو حتى الآن يمجد فى أفكار حسن البنا وينفى عنها تهمة الإرهاب والتطرف ، رغم أن البنا هو من أسس التنظيم الخاص من أجل مقاتلة أعداء الجماعة وإحياء فريضة الجهاد .
لا أريد الخوض فى نوايا الهلباوى لكن حرصه الدائم على تعظيم شأن حسن البنا مؤسس التنظيم الإرهابى إنما يهدف فى نهاية الأمر إلى الاحتفاظ بلافتة مكتوب عليها جماعة الإخوان المسلمين .
وهذا الإصرار من جانب الهلباوى وآخرين غيره ليس مفهوما لاسيما وأن الشعب المصرى قد خرج عن بكرة أبيه فى الثلاثين من يونيو وأطاح وبشكل حاسم بما يسمى بتيار الإسلام السياسى ، وأعلن بوضوح رفضه القاطع لكل دعاوى خلط الدين بالسياسة .
ربما تريد بعض الأطراف داخل حملة المشير عبد الفتاح السيسى رسم صورة لمرشحهم كقائد متسامح قادر على قبول الآخر مهما كان مستوى الخلاف الفكرى والسياسى معه، وربما أرادوا أيضًا إعطاء إشارة إلى أن الرجل سيبسط يده إلى الجميع لتحقيق السلم المجتمعى، لا بأس من أن تكون تلك الأهداف فى ذهن منسقى الحملة لكن بشريطة أن لا يكون ذلك على حساب الحقيقة.
فمن بين الأسماء التى طرحت فى لجنة الإخوان المنشقين بحملة السيسى سامح عيد الذى أعلن انشقاقه عن التنظيم وراح يطلق سهام النقد ضد قادته وزعمائه ، لكنه يقتنص الفرصة تلو الأخرى ليدعو إلى المصالحة مع التنظيم الإرهابى وبشكل مباشر ودون مواربة ، شأنه فى ذلك شأن قادة حزب النور ، فبعد أقل من نصف ساعة من تفجيرات جامعة القاهرة الأخيرة حيث لم تكن دماء العميد طارق المرجاوى قد جفت بعد ، طالب سامح عيد فى مداخلة مع قناة النيل للأخبار بضرورة الإسراع نحو المصالحة مع التنظيم الإرهابى، وقال بالحرف الواحد: "أجهزة الأمن تقدر أعضاء التنظيم بنحو نصف مليون شخص ولو أضفنا إليهم المتعاطفين لتحدثنا عن أكثر من مليون، لذلك علينا أن نتصالح معهم فورا".
ألا تستشعرون نوعا من التهديد فى حديث الأخ سامح عيد؟! أليس تهديده مشابها لتهديد محمد البلتاجى "ينتهى ما يحدث فى سيناء فى نفس اللحظة التى يرجع فيها عبد الفتاح السيسى عن الانقلاب" ؟!  وكأن الأخ عيد يقول لنا المصالحة فى مقابل وقف العمليات الإرهابية .
هل بعد هذا التصريح يمكن أن نتعامل مع الأخ سامح عيد باعتباره إخوانيّا منشقّا، أم أنها التقية والمصالح العليا لعصابة الإخوان التى تحتم على نفر منهم خلع رداء الجماعة الخارجى والتلون بما يحب الناس للاحتفاظ بمكان للجماعة فى الواقع الجديد إذا ما فشلت فى تغييره بما تمارسه من إرهاب وعنف .
لا ينبغى أن ينخدع الفضاء السياسى والثقافى العام بهؤلاء الذين يعترفون بثورة الثلاثين من يونيو التى اشتعلت فى وجه الإسلاميين ثم إنهم يمجدون فى أفكار الإرهابى الأعظم حسن البنا أو يدعون للمصالحة مع التنظيم حتى يكفي الأمة شر عبواته الناسفة .
ولنتذكر كيف مارس نفس اللعبة الإخوان عصام سلطان وأبو العلا ماضى ومعهم الأخ سليم العوا من خلال حزب الوسط منذ منتصف التسعينيات تقريبًا، هل نسينا كيف كان يهاجم سلطان قادة تنظيم الإخوان بشراسة فاقت بمراحل أكثر معارضيهم من القوى المدنية والعلمانية ؟!!
من العيب أن تلدغ النخبة المصرية من ذات الجحر مرتين ، أو أن تشرب نفس كأس السم، وإن كنت لا أستبعد ذلك فالغباء وادعاء التمسك بقيم التسامح ، وزعم الدهاء السياسى سمات اتفقت فيها كل أطياف نخبتنا .
لست مفتشًا فى النوايا أو على الضمائر لكنى أحاول فقط قراءة ما بين الأسطر، وظنى أنه ليس ثمة إخوانى منشق أو سابق ، اللهم إلا ثروت الخرباوى الذى قال لى وبوضوح: إن الإسلام ليس دينا ودولة، ولم يقدم نموذجًا سياسيّا للحكم ، وإن المواطن خاضع لسلطة القانون والدستور وليس للفتوى سلطان عليه ، وأنه لا حاجة لما يسمى بدار الإفتاء .
الخرباوى مفكر مصرى وليس من الجائز تعريفه كقيادى إخوانى سابق؛ لأنه تجاوز مرحلة هذا التعريف بثورته الصادقة على كل الشعارات الإسلامية الزائفة، لذلك فإنه لا مصالحة إلا مع من آمن بالدولة المدنية ونبذ كل أفكار الإسلام السياسى وفى مقدمتها أفكار حسن البنا ، واعترف أن خلط أى دين بالسياسة والشأن العام مقدمة لخلق تنظيمات إرهابية ومسلحة بالضرورة ، ودعوة صريحة لنموذج الدولة الدينية التى لم يقدمها الرسول أو من تلاه من المسلمين الأوائل إلا من أرادوا الاستبداد بشئون العباد ونشر الفساد فى ربوع البلاد .