في تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الأحد 13 أبريل 2025، احتفل البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي الحبري والتطواف بمناسبة عيد الشعانين، وهو عيد دخول يسوع إلى أورشليم، وذلك على مذبح كنيسة مار بهنام وسارة، الفنار - المتن، لبنان.
المعاونين للبطريرك في القداس
عاونه المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب ديفد ملكي كاهن رعية مار بهنام وسارة - الفنار، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية وكاهن إرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين في لبنان. وخدم القداس شمامسة الرعية، وجوق التراتيل. وأشرف على تنظيم القداس والتطواف حركة مار بهنام وسارة. وشاركت بهذه المناسبة جماهير غفيرة من المؤمنين من أبناء الرعية ضاقت بهم الكنيسة وساحاتها.
كيفيه الاحتفال
في بداية الإحتفال، أقام البطريرك رتبة تبريك الأغصان التي يتميّز بها عيد الشعانين. فبارك غبطته الأغصان التي وُضِعت على منبر خاص في وسط الخورس، وسط الترانيم السريانية الشجيّة، كي يأخذ المؤمنون لاحقًا من هذه الأغصان، بركةً لهم، وصونًا لمنازلهم، وحمايةً من كلّ خطر وشدّة وضرر.
عظه البطريرك
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان "إن سكت هؤلاء تهتف الحجارة"، عبّر غبطة أبينا البطريرك عن عميق فرحه بالاحتفال بعيد الشعانين في هذا اليوم المبارك: "إنّها لمناسبة فرح كبير بقدومنا جميعًا لنحتفل معاّ بعيد الشعانين، وهو بشكل خاصّ عيد أطفالنا الأعزّاء. بالطبع تسمعون وترون ما يحصل في كنائسنا، حتّى في بلاد الانتشار التي إليها تهجّر أولادنا، فتجدون أنّ الكنائس ممتلئة من العائلات مع أطفالهم، وهذا الأمر خاصّ بنا في الشرق، بأنّ عيد الشعانين هو بنوع خاصّ احتفال لأولادنا الأبرياء، وهم الأمانة التي سلّمها إلينا الرب" ولفت إلى أنّه "كما سمعنا من الإنجيل المقدس، نزل يسوع من جبل الزيتون باتّجاه أورشليم، وهناك، سار على الطريق راكبًا جحشًا بسيطًا باتّضاع ووداعة، متشبّهًا بروح الأنبياء الصالحين، وبالجدّ الأول الملك داود. يأتي يسوع إلى أورشليم بالتواضع والوداعة، ومن فَهِمَ هذا المعنى هم خاصّةً التلاميذ والرسل الذين بدأوا ينشدون ويهتفون له: أوشعنا، مبارك الآتي باسم الرب، أوشعنا لابن داود".
وأشار إلى أنّ "في كنيستنا يعزّ علينا جدًا هذا العيد، ففي مرّات عديدة احتفلنا بعيد الشعانين في قره قوش، هذه البلدة الواقعة في شمال العراق في سهل نينوى، والمشهورة بأحلى وأعظم احتفال للشعانين، حيث كنّا نسير كلّنا معًا لمدّة أكثر من ساعتين بعد القداس، ونطوف في البلدة بكنائسها، والناس يُعَدُّون بالآلاف، قرابة عشرين ألفًا، وهذا التطواف مشهور في كلّ العراق. إنّه دليل على أنّنا، أيّها الأحبّاء، نحبّ الرب يسوع، ونأمل ونسعى أن نتمثّل بوداعته وتواضعه، ونشكره على عطيّة الأولاد الصغار، الأطفال الذين نذكرهم كثيرًا في أناشيد الرتبة، فنرتّل قائلين: ܢܒܺܝ̈ܶܐ ܡܶܢ ܩܽܘܕܡܰܘܗ̱ܝ̱܆ ܫܠܺܝ̈ܚܶܐ ܡܶܢ ܒܳܬܪܶܗ܆ ܝܰܠܽܘܕ̈ܶܐ ܘܫܰܒܪ̈ܶܐ ܒܽܐܘܫܰܥܢ̈ܶܐ ܩܰܠܣܽܘܗ̱ܝ، الأنبياء سبقوا يسوع، والرسل تبعوه، والأطفال والصغار يسبّحونه ويمدحونه بأوشعنا".
البيريرك ياعهد بدخول الفرح مع القيامه
ونوّه بأنّ "قدومكم اليوم، أيّها الأحبّاء، ومشاركتكم في هذا الاحتفال الروحي المبهج تعبير عن إيمانكم وفرحكم بأنّ الرب أعطاكم هذه الأمانة التي هي الأطفال. فيسوع بارك الأطفال وحضنهم، وأراد أن يكون الأطفال معه دائمًا، لأنّ، كما يخبرنا الإنجيل المقدس، ملائكتهم في السماء يمجّدون الله، وهذه نعمة كبيرة. نتذكّر أنّ الرب خلقنا للحياة، لا للتشبُّث بأنانيتنا والتمسُّك ببعض آرائنا، فنُخدَع بما يأتينا من وسائل التواصل الإجتماعي ومواقع الإنترنت، بأنّ الشاب والفتاة حرّان أن يتصّرفا كما يريدان، وألا يسعيا إلى تكوين عائلة".
وأكّد أنّ "علينا ألا ننسى أنّ آباءنا وأجدادنا عاشوا وضحّوا بالكثير كي يشاركوا الله في منحِنا الحياة، فيجب علينا نحن كذلك أن نعرف معناها. إنّنا نعلم أنّ الأمر يقتضي منّا التضحية، وحتّى بعض الإماتات أيضًا، كالتخفيف والتخلّي عن الحرّية الشخصية بحضور بعض الحفلات والنزهات وسواها من النشاطات، أو بالقيام بأعمال معيّنة نريدها، كلّ ذلك لأنّ علينا أن نعي أنّنا جُعِلْنا قبل كلّ شيء للحياة".
وهنّأ المؤمنين "لأنّكم أتيتم إلى هذه الكنيسة، كنيسة مار بهنام وسارة، لتشاركوا في هذا الاحتفال الكنسي الرائع، لا سيّما وأنّ الكثيرين منكم أتوا من أماكن بعيدة. وهذا يذكّرنا بكنائسنا في بلاد الاغتراب، حيث كان أولادنا يقودون سيّاراتهم قرابة نصف ساعة أو ساعة أو أكثر، مصطحبين معهم أولادهم، ليأتوا ويشاركوا في الاحتفال بعيد الشعانين".
وختم موعظته بالقول: "كما رتّلنا في أناشيدنا السريانية العريقة، نمدح يسوع، ونسأله أن يباركنا، ويمنحنا نعمة الفرح دائمًا، لأنّنا نحن جميعًا تلاميذه. نضرع إليه كي يحمينا ويحمي عائلاتنا ولبناننا العزيز وكلّ بلدان الشرق الأوسط، حتّى تخفّ هذه الهجرة وعمليات التهجير. فمهما كانت ظروف حياتنا، علينا أن نسعى لنبقى متجذّرين في أرضنا. نبتهل إلى الرب كي يبارك صغارنا، ويعطيهم أيّامًا نتمنّى أن تكون أفضل من أيّامنا هذه، حتّى نظلّ الشعب الذي يشكر الرب على عطاياه، ويؤمن بالحياة، ويشهد للخلاص الذي تمّمه يسوع بآلامه وموته وقيامته".
وفي نهاية القداس، طاف بزيّاح حبري مهيب داخل الكنيسة ثمّ في ساحاتها، وهو يحمل صليبًا مزدانًا بأغصان الزيتون، ويسير أمامه الكهنة والشمامسة، يحيط بهم المؤمنون، وبخاصّة الأطفال الذين يحملون الشموع المضاءة احتفالًا بعيد دخول يسوع إلى أورشليم.
بعدئذٍ منح البركة الختامية بالصليب المزيَّن بأغصان الزيتون من أمام مدخل الكنيسة، وتحلّق حوله الكهنة والشمامسة والمؤمنون، وسط فرح الجميع وسرورهم وهم يحتفلون بهذا العيد العظيم.