شهد يوم 25 من رمضان عبر التاريخ العديد من الأحداث المهمة التي كان لها تأثير كبير على العالم الإسلامي، حيث ارتبط هذا اليوم بانتصارات عظيمة، وقرارات مصيرية، وميلاد أو وفاة شخصيات بارزة ساهمت في تشكيل مسيرة الحضارة الإسلامية، ونستعرض في هذا التقرير بعضًا من أبرز هذه الأحداث:
1. دخول المسلمين الأندلس بقيادة طارق بن زياد (92 هـ / 711 م)
في 25 من رمضان عام 92 هـ، تمكن القائد المسلم طارق بن زياد من دخول الأندلس بعد انتصاره في معركة وادي لكة ضد قوات القوط الغربيين بقيادة الملك لذريق، وكان بداية لحقبة إسلامية امتدت لأكثر من ثمانية قرون في شبه الجزيرة الأيبيرية، حيث أسس المسلمون حضارة زاهرة امتزجت فيها العلوم والفنون والثقافة الإسلامية والأوروبية.
قاد طارق بن زياد جيشًا مكونًا من حوالي 7,000 جندي، معظمهم من البربر الذين دخلوا الإسلام حديثًا، وتمكن من عبور البحر المتوسط إلى إسبانيا، حيث هزم القوط الذين كانوا يعانون من صراعات داخلية، وبعد أن تمكن الجيش الإسلامي من السيطرة على مدينة طليطلة، استكمل موسى بن نصير، القائد الأعلى لحملة الفتح، بسط سيطرة المسلمين على معظم مناطق الأندلس، وازدهرت تلك المنطقة وأصبحت مدن مثل قرطبة وغرناطة وماربيا مراكز علمية وثقافية كبرى.
2. مقتل الخليفة العباسي المستعصم بالله (656 هـ / 1258 م)
في 25 رمضان عام 656 هـ، وقعت واحدة من أكثر الكوارث المدمرة في تاريخ العالم الإسلامي، وهي مقتل الخليفة العباسي المستعصم بالله على يد المغول، بقيادة هولاكو خان، وذلك بعد أن اجتاح المغول بغداد، عاصمة الخلافة العباسية، في فبراير 1258 م، بعد حصار دام أسابيع، استسلم بعدها الخليفة مقابل وعد بالأمان، إلا أن هولاكو لم يفِ بوعده، وقام بقتله بطريقة وحشية.
تسبب سقوط بغداد في دمار هائل، حيث أُحرقت المكتبات، ودمرت المدارس، وقتل عشرات الآلاف من سكان المدينة، حتى قيل إن نهر دجلة تحول إلى اللون الأسود من كثرة الحبر المسكوب من الكتب التي أُلقيت فيه.
وقد انتهت فعليًا الخلافة العباسية كمركز سياسي بسقوط بغداد، رغم استمرارها لاحقًا بشكل صوري في القاهرة تحت حكم المماليك، ودخلت الأمة الإسلامية في مرحلة ضعف استمرت لعقود، قبل أن ينجح المماليك في وقف التوسع المغولي في معركة عين جالوت لاحقًا.
3. انتصار المسلمين في معركة عين جالوت (658 هـ/1260 م)
تعد معركة عين جالوت واحدة من أهم المواجهات في التاريخ الإسلامي، حيث دارت بين جيش المسلمين بقيادة السلطان المملوكي سيف الدين قطز، وقوات المغول بقيادة كتبغا، القائد العسكري لمغول فارس، وذلك في ظل اجتياح المغول للعالم الإسلامي بعد سقوط بغداد عام 1258 م، حيث دمروا الخلافة العباسية وقتلوا الخليفة المستعصم بالله.
وفي 25 رمضان 658 هـ، التقى الجيشان في سهل عين جالوت بفلسطين، حيث استخدم قطز تكتيكات حربية متقدمة، من بينها الكمائن والمباغتة، مستفيدًا من طبيعة المنطقة الجغرافية، وبعد معركة طاحنة، تمكن المسلمون من تحقيق انتصار ساحق، وقتلوا القائد المغولي كتبغا، مما أدى إلى تقهقر المغول وفقدانهم زمام المبادرة في المنطقة، وقد منع استمرار الاجتياح المغولي لمصر وسائر بلاد الشام، وأعاد الثقة للمسلمين بعد نكسة سقوط بغداد.
4. وفاة الإمام ابن خلدون (808 هـ / 1406 م)
في 25 رمضان عام 808 هـ، فقد العالم الإسلامي أحد أعظم المفكرين في التاريخ، وهو عبد الرحمن بن خلدون، المؤرخ والفيلسوف الذي يُعتبر مؤسس علم الاجتماع وأحد رواد الفكر التاريخي.
وُلد ابن خلدون عام 1332 م في تونس، وترك بصمة بارزة في مجال دراسة تطور المجتمعات البشرية وصعود وسقوط الدول والحضارات، ومن أهم أعماله هو كتابه الشهير "المقدمة"، الذي تناول فيه أسس علم الاجتماع، ونظريات حول الاقتصاد، والسياسة، والتاريخ، وكان ابن خلدون من أوائل من تحدثوا عن مفهوم "العصبية" كعامل رئيسي في نشوء الحضارات، وكذلك عن تأثير الاقتصاد والبيئة في تطور المجتمعات.
وقد شغل ابن خلدون عدة مناصب سياسية وإدارية، لكنه عاش في فترات اضطراب سياسي، حيث تنقل بين المغرب والأندلس ومصر، حتى استقر في القاهرة وعُين قاضيًا هناك، وكانت وفاته في شهر رمضان خسارة كبيرة للفكر الإسلامي، لكن إرثه الفكري لا يزال مؤثرًا حتى اليوم، حيث تُدرس أفكاره في مختلف الجامعات حول العالم.