انتهت قمة الرياض المصغرة والتي شارك فيها الرئيس عبدالفتاح السيسي بدعوة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وبمشاركة ملك الأردن وقادة دول مجلس التعاون الخليجي، بدون بيان ختامي.. القمة المصغرة جاءت قبل أيام من انعقاد القمة العربية الطارئة وكأنها مطبخ سياسي عميق يمهد للمرحلة العربية المقبلة المشغولة بالشأن الفلسطيني والمحنة التي تعيشها غزة والضفة الغربية على حد سواء.
السعودية، التي أكدت أن هذا الاجتماع هو "لقاء أخوي غير رسمي"، لم تلمح إلى ما دار بداخله، ولكنها أشارت بشكل عام إلى أن قرارات هذا الاجتماع ستكون ضمن جدول أعمال القمة العربية الطارئة التي ستعقد في مصر في الرابع من مارس.
المراقبون للشأن العربي بشكل عام والشأن الفلسطيني بشكل خاص يعرفون أن النقطة الأساسية في أي حوار عربي تدور الآن حول من سيحكم غزة بعد أنهار الدماء التي سالت فيها، ويتفرع من هذا السؤال مسألة تمويل إعادة الإعمار في القطاع المدمّر جراء الحرب بين إسرائيل وحماس.
وبينما الشأن الفلسطيني على طاولة القادة العرب في القاهرة والرياض والدولة المصرية، يأتي مخطط التهجير كواحد من أكبر التحديات التي تواجهها المنطقة، لذلك اكتسبت القمة أهميتها لكونها تعكس إجماعاً عربياً نادراً على رفض تهجير الفلسطينيين في ذات اللحظة التي يقدم فيها ترامب مقترحات كفيلة بخلط الأوراق في الشرق الأوسط.
وفي ظل هذه الحالة المرتبكة تبرز الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة في مواجهة خطة دونالد ترامب، ومنذ إعلان مصر عن بعض من خطتها شهدنا تفاعلاً عربياً كبيراً معها وحظيت باهتمام كبير ولا شك أن هذا الاهتمام تم ترجمته خلال القمة، حيث الإشادة بالدور المصري الفاعل في تقديم الدعمين الإنساني والسياسي للشعب الفلسطيني.
ثبات الرئيس عبدالفتاح السيسي على موقفه منذ بداية أحداث غزة وصولاً إلى عاصفة ترامب التهجيرية، يؤكد على أن مصر مستمرة في لعب دور محوري في إعادة إعمار غزة، وأن الخطة تشمل ليس فقط إعادة البناء المادي، ولكن أيضًا تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والنفسى في القطاع.
التحرك الآن يتجه نحو تحويل الخطة من مصرية إلى خطة عربية يتبناها الجميع، ولذلك يمكن اعتبار القمة المصغرة التي انعقدت في الرياض خطوة مهمة نحو معالجة الأزمة الإنسانية في غزة، وإيجاد حلول عاجلة لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وتحقيق الاستقرار في المنطقة. ومع ذلك، يبقى نجاح هذه الجهود مرهونًا بمدى استعداد المجتمع الدولي لدعم الحلول المقترحة، والضغط على جميع الأطراف لتحقيق سلام عادل ودائم، حيث تتفق الآراء العربية على أن الحل السياسي هو مفتاح الأزمة، وأن الحلول المؤقتة لم تعد تجدي في حسم هذا الصراع، لذلك نجد اهتمام القادة العرب سواء في قمة الرياض أو القمة العربية الطارئة بمناقشة الحلول السياسية طويلة الأمد لأزمة غزة، بما في ذلك إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ودعم حل الدولتين كمسار وحيد لتحقيق السلام العادل والدائم.
الرؤية التي تذهب للحل النهائي تجد ترحيباً على الصعيد الدولي، وقد ظهر هذا من ترحيب العديد من الدول الأوروبية بالجهود المبذولة سواء في قمة الرياض أو عبر زيارة الرئيس السيسى إلى إسبانيا وجولات وزير الخارجية فى عدة دول، لتتعلق الآمال بأن تؤدي هذه الجهود إلى وقف دائم للعنف في المنطقة، وأن تتم الخطوات المقبلة تحت دعم مباشر من منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى بهدف تنفيذ الخطة المصرية التي يتبناها العرب.
لم يتوقف الجهد العربي عند إعداد خطة مواجهة التهجير وإيجاد حل سياسي دائم ولكن على خط موازٍ تتدفق المساعدات العربية الإنسانية بشكل منسق وبذل الجهد من أجل تعزيز تلك المساعدات وضمان دخولها غزة، بما في ذلك الغذاء والدواء والمواد الأساسية في ظل تدهور البنية التحتية للقطاع.