تُعد محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واحدة من أبرز القضايا السياسية والقضائية التي أثارت جدلًا واسعًا خلال الأونة الأخيرة وكانت شهادته أمام المحكمة في مدينة القدس المحتلة أمس الثلاثاء هي أول شهادة لمسئول إسرائيلي في منصبه منذ زرع الكيان في أرض العرب قبل أكثر من 7 عقود.
محاكمة نتنياهو
بدأت المحاكمة في عام 2020 وتتناول اتهامات بالرشوة، الاحتيال، وخيانة الأمانة، وهي تهم مرتبطة بقضايا فساد تتعلق بعلاقاته مع رجال أعمال ووسائل إعلام خلال توليه المناصب الحكومية.
وتتعلق القضية الأولى، والمعروفة باسم "القضية 4000"، باتهام نتنياهو بتقديم تسهيلات تنظيمية لشركة اتصالات كبرى مقابل تغطية إيجابية في وسيلة إعلامية يملكها مالكو الشركة، أما "القضية 1000"، فتتعلق بتلقيه هدايا فاخرة من رجال أعمال أثرياء، بينما ترتبط "القضية 2000" بمحاولاته التآمر مع ناشر صحيفة للحصول على تغطية إعلامية داعمة مقابل إضعاف منافسيه الإعلاميين.
تأجيل شهادة نتنياهو
منذ انطلاق المحاكمة، عمل فريق الدفاع عن نتنياهو على تأجيل الإدلاء بشهادته عدة مرات، حيث تم تسليط الضوء مؤخرًا على محاولته تجنب المثول أمام المحكمة بذريعة المواجهات التي يخوضها جيش الاحتلال في قطاع غزة ولبنان وسوريا وإيران. كانت شهادته المقررة في بداية ديسمبر 2024 قد تأجلت بسبب طلب فريق الدفاع مزيدًا من الوقت للتحضير، مستندين إلى "أحداث أمنية حساسة" وتأثيرها على جهوزيته.
من جانبها، رفضت النيابة العامة الإسرائيلية هذه الطلبات المتكررة، مشددة على ضرورة إنهاء المحاكمة في أسرع وقت ممكن، واعتبرت أن تأجيل الشهادة يعارض المصلحة العامة ومع ذلك، وافقت المحكمة على تأجيل جزئي، مشيرة إلى مخاوف أمنية لم يتم الكشف عنها بالكامل، مما أثار شكوكًا حول الدوافع الحقيقية وراء ذلك.
واجه نتنياهو اتهامات بمحاولة التأثير على مجريات المحاكمة وإطالة أمدها كما عبّرت عائلات الرهائن الإسرائيليين الموجدين في قطاع غزة بقبضة فصائل المقاومة الفلسطينية، عن استيائها من التأجيل، حيث ترى أن حضوره المستمر في المحكمة يجب أن يُنظر إليه كأولوية في ظل الأوضاع السياسية والأمنية الحالية.
بالإضافة إلى ذلك، استُخدمت حجة الخطر الأمني كسبب رئيسي لتجنب ظهوره في المحكمة بشكل دائم، مما اعتبره البعض تكتيكًا للهروب من المسؤولية.
تمثل هذه القضية اختبارًا كبيرًا للنظام القضائي الإسرائيلي، كما أنها تلقي بظلالها على المشهد السياسي الداخلي، خاصة في ظل استمرار نتنياهو في قيادة الحكومة.
تعد هذه المحاكمة مؤشرًا على التوترات العميقة بين المؤسسات السياسية والقضائية في إسرائيل، إضافة إلى التأثيرات المحتملة على الثقة العامة في الحكومة والنظام القانوني.
هل سيسجن نتنياهو ؟
إذا أُدين بنيامين نتنياهو في قضايا الفساد الموجهة ضده، فإنه قد يواجه عقوبات بالسجن تتراوح مدتها بناءً على التهم المحددة.
ففي قضية الرشوة (القضية 4000) وهي أخطر التهم التي التي تواجه نتنياهو فإن القانون الإسرائيلي، ينص على توقيع عقوبة الرشوة بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات، أو بغرامة مالية كبيرة، أو كلاهما.
وفي القضيتان "1000 و2000" حول الاحتيال وخيانة الأمانة يواجه نتنياهو عقوبة السجن لمدة تصل إلى 3 سنوات لكل تهمة، إذا ثبتت الإدانة.
من الممكن أن يتم تخفيف العقوبة إذا توصل فريق دفاعه إلى اتفاق تسوية (مثل التماس صفقة) مع النيابة، كما حدث في قضايا فساد أخرى في إسرائيل.
يذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت سجن بعد إدانته بتهم فساد، وحكم عليه بالسجن لمدة 27 شهرًا في عام 2015، مما يجعل سجن رئيس وزراء آخر أمرًا غير مستبعد إذا ثبتت التهم.
في حال الإدانة، قد تؤدي الأحكام إلى إنهاء حياته السياسية وتداعيات واسعة على المشهد السياسي الإسرائيلي، حيث يشكل نتنياهو شخصية محورية في السياسة الإسرائيلية منذ عقود.