اجتمعت اللجنة الرئاسية العليا لشئون الكنائس في فلسطين لبحث ترتيبات أعياد الميلاد المجيد، التي ستقتصر على الشعائر الدينية استناداً لقرار رؤساء الكنائس في القدس في ظل استمرار جرائم الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.
بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس يدعون لاقتصار أعياد الميلاد على الشعائر الدينية بخصوص إحیاء ذكرى المجيء وأعیاد المیلاد في ظل الحرب المستمرة.
وأصدر بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، بيانا بخصوص إحیاء ذكرى المجيء وأعیاد المیلاد في ظل الحرب المستمرة، في العام الماضي، ومن منطلق الوقوف بجانب الضحايا الذين عانوا من ويلات الحرب التي اندلعت في ديارنا، اتخذنا نحن بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، قرارًا مشتركًا ندعو فيه رعایانا إلى الامتناع عن إظهار الزینة والأضواء الخاصة بعید المیلاد في الأماكن العامة، إضافة إلى اختصار الاحتفالات المرتبطة بالشعائر الدینیة. وقد قوبلت نوایانا الصادقة والصادرة عن مسئولیة عمیقة بسوء فهم من أطراف عدیدة حول العالم، واعتبروا دعواتنا وكأنها إعلان عن "إلغاء عید المیلاد" في الأرض المقدسة، موطن میلاد سیدنا المسیح. وقد أسفر هذا الفهم الخاطئ عن إضعاف شهادتنا الممیزة لرسالة المیلاد التي تتمثل في النور الذي یتألق في وسط الظلمة (يوحنا 1: 9)، لیس فقط على الساحة العالمیة، بل أیضًا في أوساط أبناء شعبنا.
لهذا السبب، وبقرب أعیاد المیلاد، ندعو رعایانا وأبناء شعبنا إلى إحیاء اقتراب میلاد المسیح وولادته بتعبیرات تعكس رجاءنا المسيحي. وفي الوقت نفسه، ندعوهم إلى أن یتم ذلك بروح تتسم بالحساسیة تجاه المعاناة الشدیدة التي لا تزال تعصف بملایین من أبناء دیارنا. ویتعین أن یشمل ذلك رفع ذكرهم دومًا في صلواتنا، والتقرب إلیهم بأعمال الرحمة والعطاء، واستقبالهم بمحبة، تمامًا كما قبلنا المسیح نفسه (رومیة 15: 7).
بهذه الطرق، نعكس رسالة المیلاد ذاتها، حیث بشرت الملائكة الرعاة بالبشرى السارة لولادة المسیح في أوقات عصیبة مشابهة كانت تمر بها منطقتنا (لوقا 2: 8-20)، مقدمة لهم وللعالم أجمع رسالة أمل وسلام إلهي.
وفي سياق متصل قال المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس اليوم في كنيسة القيامة في القدس القديمة لوفد من مجلس الكنائس العالمي والذي يزورون الأراضي المقدسة في هذه الأيام، بأننا في هذه الأيام نستعد لاستقبال عيد الميلاد المجيد ولكن أرض الميلاد تنزف دما وشعبنا الفلسطيني يعيش المظالم لا سيما الحرب المروعة التي تستهدف أهلنا في غزة وما تتعرض له الضفة الغربية والقدس.
وأضاف “حنا” خلال الكلمة التي ألقاها لوفد مجلس الكنائس العالمي، بما أن هنالك تمثيلا لعدد كبير من الكنائس في مجلسكم فإن الرسالة التي نود أن تصل إلى هذه الكنائس وفي فترة الاستعداد للميلاد بضرورة أن يلتفتوا إلى أرض الميلاد وأن يرفعوا الصلاة والدعاء من أجل أرض تفتقد إلى العدالة والسلام ويعيش شعبها في ظل المظالم التي يعاني منها منذ عام 48 وحتى هذه الساعة .
واستطرد “حنا” : نتمنى من الكنائس العالمية أن تتحلى بالجرأة وأن تعبر عن موقفها بوضوح بعيدا عن اللغة الدبلوماسية المنمقة وأن تكون هنالك مطالبة فاعلة وقوية بوقف حرب الإبادة التي يتعرض لها شعبنا في غزة والعمل من أجل حل عادل للقضية الفلسطينية يضمن الحقوق المشروعة والثوابت الوطنية لشعبنا والذي يحق له أن يعيش بحرية وسلام في وطنه مثل باقي شعوب العالم .
وتابع؛ مدينة القدس هي حاضنة أهم المقدسات المسيحية والإسلامية وهي المدينة المقدسة في الديانات التوحيدية الثلاث، إنها مدينة تختلف عن أية مدينة أخرى في العالم ووجب الحفاظ على طابعها وهويتها وفرادتها ونحن نرفض سياسات الاحتلال في القدس والتي تسعى لتهميش الحضور الفلسطيني المسيحي والإسلامي ناهيك عما تتعرض له مقدساتنا وأوقافنا في المدينة المقدسة.
وقال المطران حسام نعوم رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية في الأراضي المقدسة، عيد الميلاد وقت غني بالتقاليد، ولكن في جوهره يكمن سر التجسد العميق، هذا الاعتقاد المسيحي هو شهادة على المحبة والتواضع الإلهي، ويؤكد على مدى استعداد الله لجلب السلام إلى عالم ممزق بالحروب والدمار .
وأضاف “نعوم”، بأن رسالة السلام جوهر عيد الميلاد، فإعلان الملائكة عن “السلام علي الأرض” عند ولادة يسوع يبشر بعهد جديد إنه دعوة للبشرية، لاحتضان المصالحة، والرحمة، والتفاهم، خاصة في الأوقات التي تمزقها النزاعات.
واستطرد"نعوم"، بأن التجسد، أي الله بيننا، هو التعبير الأسمى عن هذا السلام، حيث يجسر الفجوة بين الإلهي والبشري.
وتابع “نعوم”: في روح عيد الميلاد نحن مدعوون، لنعكس هذا السلام بحياتنا في وسط الحرب والدمار، فيتحدانا العيد؛ لنكسر الحواجز، ونشفي الانقسمات، ونتبادل النعمة مع الآخرين. ففي ظل النزاعات يذكرنا عيد الميلاد أن السلام الحقيقي يبدأ من داخلنا، ويتجسد في أفعالنا. نحن مدعوون في هذه الأوقات الصعبة ؛ لإحياء روح التجسد من خلال نشر السلام في مجتمعاتنا والعالم من حولنا؛ لأن مواجهة الحرب والدمار يمكن لروح عيد الميلاد أن تكون مصدر إلهام لنا؛ للعمل من أجل العدالة والسلام.
بينما نحتفل بعيد الميلاد في خضم الحروب والمعاناة، يجب أن نتذكر أن الرسالة الحقيقية لعيد الميلاد الأمل والتجديد، ففي قلب الظلام يولد النور، ومع ولادة يسوع نجد في التجسد الأمل في إمكانية السلام وسط الفوضي، فهذا تذكير قوي بأنه في أحلك الأوقات يظل الأمل والسلام ممكنين .
واختتم المطران حسام نعوم رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية في الأراضي المقدسة، يذكرنا عيد الميلاد، رغم كل التحديات، أن السلام يبدأ من الداخل، ومع انتشار روح عيد الميلاد في قلوبنا ومجتمعاتنا، يمكننا أن نكون وكلاء للسلام حاملين شعلة الأمل في أحلك الأوقات؛ لأن التجسد يدعونا إلى أن نكون نورا في الظلام، وسلاما في زمن الحروب.