الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تحديات الزواج المختلط في مصر ما بين الهروب من «القايمة» والاصطدام بقانون «منع السفر»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شهد المجتمع المصري توجهاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة من قبل بعض الرجال المصريين للزواج من نساء تحملن جنسيات عربية مختلفة، وقد كان لهذا التوجه عدة أسباب وعوامل لا علاقة لها بجنسية المرأة كـ«مصرية"، لأن هذه النظرية خاطئة، فالنساء بطبيعتهن سواسية من حيث الطباع والمتطلبات و«الهرمونات»، وكذلك الأهداف التي تكمن في تكوين بيت آمن مستقر وأسرة ناجحة، لكن هناك عوامل أخرى ساعدت على تقريب وتسهيل الزواج المختلط أبرزها تطورات التكنولوجيا ووسائل الاتصال التي جعلت من العالم قرية صغيرة.

الزواج المختلط يمكن أن يكون ناجحاً أو فاشلاً، شأنه شأن أي زواج آخر، يتأثر بالعديد من العوامل، لأنه يعتمد بشكل كبير على الطرفين معاً، ذلك أن مسئولية النجاح أو الفشل تقع على عاتق الزوجين، فالأمر يتطلب منهما جهداً مشتركاً للتغلب على الفروق الثقافية والفكرية، لكن هناك نظرية تقول إن الرجل المصري عندما يتزوج من جنسية أخرى، خاصةً إذا كان قد سبق له الزواج، يشعر بمسئولية إضافية لتحقيق النجاح، فيتمسك برغبته في إثبات صحة اختياره أمام المجتمع وأسرته خصوصاً لو عانى في البداية من بعض الآراء المشككة في هذه الزيجة، والتي يُنظر إليها أحياناً على أنها خروج عن المألوف، فيزداد إصراره على نجاحها.

من العوامل التي ساهمت وبشكل كبير في عزوف بعض الرجال المصريين عن الزواج بالمرأة المصرية الأعباء المادية التي يتحملها الرجل عند الزواج، وخصوصاً ذلك الجدل الدائر حول ما يسمى بـ«القايمة»، هذه الوثيقة «اللعينة» التي يتم فيها تسجيل كل الأثاث والممتلكات التي تساهم بها العروس أو تُقدم لها من قِبل الزوج كضمان مادي، والذي يراه الرجل المصري أنه إرهاق مالي في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، لما تتضمنه أحياناً من تفاصيل مكلفة للغاية تفوق قدرته المالية، كما أنها تثير مخاوفه لأنها تُستعمل في حالة النزاع كوسيلة ضغط وابتزاز قد تنتهي بالحبس، لذلك ففكرة تمسك بعض الأسر بفكرة «القايمة» تؤدي إلى تعقيد الزواج والدخول في مشاكل مبكرة، مما يجعل الكثير من الرجال يتجنبون الدخول في هذه الدوامة من البداية.

لم ينج الزواج المختلط من بعض المشاكل الصعبة، فبالرغم من أن له إيجابيات له أضرار كبيرة في بعض حالات الطلاق، والتأثير هنا يكون معقداً على جميع الأطراف خصوصاُ في حالة وجود أطفال،  حيث يعتبر تحدياً كبيراً في ظل وجود بعض القوانين التي قد تكون غير منصفة للزوجة الأجنبية، ولعل قانون «منع السفر» الذي يلاحقها يُنَفّذ بناء على حالات خلافات الزواج أو الحضانة، هدفه منع الأم من اصطحاب الأطفال خارج البلاد لحماية حقوق الأب المصري اتجاه علاقته بأبنائه.. هذا القانون يثير جدلاً في العديد من الحالات، فهو يعتبر تقييداً لحرية المرأة الأجنبية، كما أنه يستخدم في كثير من الأحيان كورقة ضغط من قبل الزوج للسيطرة عليها أو للتأثير على إجراءات الطلاق أو الحضانة.

في النهاية، يمثل الزواج تحديًا مستمرًا يتطلب من الطرفين العمل والتفاهم، بغض النظر عن جنسيات الشريكين، سواء كان الزواج داخل نفس الثقافة أو بين جنسيات مختلفة، محليًا أو مختلطًا، فهو مؤسسة تحتاج دعمًا وتعاونًا مستمرين لتحقيق حياة مستقرة وعلاقة ناجحة.

*كاتبة وإعلامية مغربية