الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

تأشيرات خادعة.. شركات إلحاق العمالة بالخارج «فخاخ وهمية» تنقض على أحلام المصريين

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

محتالون يتلاعبون بمصائر الشباب ويحطمون آمالهم  في السفر والوظيفة 

ضحايا النصب يبحثون عن طريق العودة إلى الوطن.. الشال: أكثر الضحايا من المحافظات

القصة تبدأ بإعلانات مزيفة ومكاتب مستأجرة لا تعكس الواقع وتخالف القانون 

 

تُعد شركات إلحاق العمالة بالخارج من الأبواب التي يتطلع إليها الكثيرون من الشباب المصريين للعبور من خلالها نحو مستقبل أفضل، لكن هذه الآمال تتبدد أحيانًا؛ بسبب ظهور عدد من الشركات الوهمية التي تستغل طموحاتهم.

ففي ظل الحاجة الملحة للعمل وتحسين الأوضاع المعيشية، يروج المحتالون لفرص عمل مغرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يعرضون وعودًا برواتب مرتفعة ومميزات جذابة، ما يجعل الضحايا ينقادون وراء تلك الإعلانات دون التأكد من مصداقيتها.

وفي هذا الإطار، تكشف «البوابة» من خلال شهادات وروايات الضحايا عن الأساليب الخادعة التي تتبناها هذه الشركات، حيث تبدأ القصة بإعلانات مزيفة ومكاتب مستأجرة لا تعكس الواقع، مما يعزز من حالة الثقة الزائفة بين المواطنين والمحتالين.

ومع تفشي هذه الظاهرة، أصبحت الحاجة ملحة لتكثيف حملات التوعية لضمان وعي المواطنين بحقوقهم وإجراءات السفر، وضرورة التدقيق في مستندات الشركات قبل اتخاذ أي خطوة قد تقودهم إلى فخ النصب.

ضحايا الاحتيال

"محمد مجدي"، 47 عامًا، حاصل على الدبلوم التجاري، وقضى حياته متنقلًا بين عدة وظائف لتوفير حياة كريمة لأبنائه الثلاثة. 

كان يعمل كفرد أمن نهارًا وعامل توصيل مساءً، لكن مع تزايد احتياجات أسرته، قرر البحث عن فرصة عمل خارج البلاد. سمع عن شركة توظيف تقع في قريته، فزارها للاستفسار عن الفرص المتاحة.

في اليوم التالي، سجل "مجدي" اسمه ورقم هاتفه، وبعد أسبوع اتصل به موظف في الشركة لتحديد موعد مقابلة. عرض الموظف عليه فرص عمل في سلطنة عمان مقابل 70 ألف جنيه كمصاريف وإجراءات، وأقنعه بأن تأشيرة العمل ستكون صالحة لثلاث سنوات. بعد جمع المبلغ المطلوب من خلال بيع دراجته البخارية ومشغولات زوجته الذهبية، قدمه للشركة مع جواز سفره. بعد أسبوعين، تسلم جوازه مع التأشيرة وتذكرة السفر.

عند وصوله إلى سلطنة عمان، استقبله شخص من الشركة وأخذه للعمل كعامل توصيل في مطعم، حيث استقر في سكن للعمال. بدأ "مجدي" العمل في توصيل الطلبات واستغل أي فرصة عمل إضافية لزيادة دخله وإرسال المال لعائلته.

استمر "مجدي" في عمله لمدة ستة أشهر حتى شعر بتعب شديد وألم حاد في رأسه. رغم ذلك، لم يتوقف عن العمل حتى انهار وسقط مغشيًا عليه. نُقل إلى المستشفى حيث تم تشخيصه ببوادر جلطة في القلب نتيجة الجهد الكبير الذي كان يبذله يوميًا. وعندما استعاد وعيه، اكتشف أن التأشيرة التي كانت بحوزته هي تأشيرة سياحية منتهية منذ ثلاثة أشهر، وأنه كان يعمل بشكل غير قانوني. أبلغته الشرطة أنه سيتم محاكمته وسيتحمل غرامة مالية كبيرة.

النجاة بفضل دعم الجالية المصرية

رغم إرهاقه، حاول "محمد مجدي" توضيح موقفه القانوني، لكن الشرطي لم يصدقه. تصاعدت حالته الصحية، مما استدعى تدخل الأطباء. بعد انتشار الخبر بين زملائه، أسرع أحدهم لإبلاغ أفراد الجالية المصرية، التي اعتادت على دعم أبناء وطنها في الأزمات. ذهب ممثلو الجالية إلى المستشفى، وأكدوا لـ"مجدي" أنهم سيتكفلون بحل مشكلته.

قدمت الجالية شكوى للسفارة ضد الشركة المحتالة، وطلبت من الحكومة العمانية النظر في حالة "مجدي" باعتباره ضحية. وبعد فترة، أُعفي من الغرامة بشرط مغادرته البلاد بعد تعافيه، كما تكفلت الجالية والسفارة بمصاريف علاجه وتذكرة سفره.

بعد ثلاثة أسابيع من العلاج، عاد "مجدي" إلى قريته وقرر استعادة حقه. قدم بلاغًا ضد الشركة المحتالة، مما أدى إلى إغلاقها والقبض على الموظفين المتورطين، كما رفع دعوى قضائية لاسترداد أمواله التي دفعها.

قصة "مجدي" ليست حالة فردية، بل تمثل جزءًا من ظاهرة متزايدة في الأشهر الأخيرة، حيث ارتفع عدد الضحايا الذين وقعوا في فخ الشركات التي توهمهم بأنها مرخصة من وزارة العمل وتقدم فرص عمل مغرية في الخارج. تلك الشركات تختفي بمجرد أن تستولي على أموالهم. ترجع جذور هذه المشكلة إلى شهر فبراير الماضي، عندما أصدرت السفارة المصرية في مسقط، العاصمة العمانية، بيانًا يعلن أنه في ضوء العلاقات الأخوية بين البلدين، وافقت السلطات العمانية على إعفاء مخالفي الإقامة لحاملي التأشيرات السياحية من دفع الغرامات عند مغادرة السلطنة إلى مصر.

جاء هذا البيان نتيجة تكدس حوالي 4000 مصري تعرضوا للاحتيال من قبل شركات وهمية ادعت أنها متخصصة في إلحاق العمالة المصرية بالخارج. تم تسليمهم تأشيرات سياحية على أنها تأشيرات عمل، مستغلين جهلهم بقوانين العمل في الخارج. وعند وصولهم، اكتشفوا أنهم وقعوا ضحايا لعملية احتيال. ومنذ ذلك الوقت، ارتفعت أصوات الضحايا في استغاثة بالجالية المصرية والسفارة المصرية في عمان لإنقاذهم.

في الفترة الأخيرة، تزايدت الأخبار حول القبض على شركات توظيف وهمية، كما تم الإعلان عن إغلاق وإيقاف مكاتب توظيف مخالفة وإلغاء تراخيصها. وفقًا لآخر تحديث على الموقع الرسمي لوزارة العمل، بلغ عدد الشركات التي تم إلغاء تراخيصها نهائيًا 361 شركة، بينما تم تعليق التعامل مع 50 شركة أخرى بشكل مؤقت لحين إزالة المخالفات.

كان وزير العمل، محمد جبران، قد قرر في يوليو الماضي، وقف نشاط 7 شركات إلحاق العمالة المصرية بالخارج، لمخالفتهم أحكام قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، ولاحقا في أواخر أغسطس الماضي، قرر أيضًا إيقاف نشاط شركتى إلحاق عمالة بالخارج لمخالفتهما القانون.

ومن الضحايا أيضا "محمد سعيد"، البالغ من العمر 23 عامًا، إنه يعمل نجارًا مسلحًا ويحلم بالحصول على فرصة عمل جيدة لمساعدة والده في المنزل، كونه الابن الوحيد في أسرة تتكون من ثلاث شقيقات. بالإضافة إلى ذلك، يرغب في تجهيز مسكن زوجي بعد خطبته لإحدى جاراته. ونتيجة لذلك، فكر في السفر للخارج مثل العديد من أبناء قريته، وسأل جارًا له عاد من العمل في الخارج عن كيفية العثور على فرصة عمل، فنصحه بالبحث في إعلانات فيسبوك.

وبالفعل، بدأ "سعيد" البحث حتى وجد إعلانًا يطلب أفراد أمن وعمّال نظافة، إضافة إلى وظائف حرفية منها النجارة المسلحة في سلطنة عمان. استبشر خيرًا وقرر التقدم، فتواصل مع الرقم المدون في الإعلان وحدد موعدًا للمقابلة في مقر الشركة. عند وصوله، التقى مساعد صاحب الشركة الذي طلب منه 100 ألف جنيه مقابل فرصة العمل وإنهاء الإجراءات، مع منح مهلة ثلاثة شهور لتدبير المبلغ، محذرًا من زيادة السعر إلى 150 ألف جنيه إذا تأخر.

بدأ "سعيد" العمل لساعات إضافية واستدان من أصدقائه وأقاربه، كما ساعدته والدته ببيع مشغولاتها الذهبية. وبعد شهرين ونصف، جمع المبلغ المطلوب واستخراج جواز سفره، وسارع إلى الشركة وسلمهم المبلغ وجواز السفر، ليخبره الموظف بأنه تم العثور على فرصة عمل كنجار مسلح، وأعطاه موعد السفر والتأشيرة المطلوبة.

ودّع "سعيد" أسرته واستعد للسفر إلى سلطنة عمان، وعندما وصل هناك، لم يجد أحدًا في انتظاره كما حاول "سعيد" الاتصال بالشركة بعد وصوله، لكنه لم يتلقَ أي رد. بعد أربع ساعات، أرسل له الشركة رسالة على الواتساب تخبره بأن الشخص المسئول عن استقباله لم يتمكن من الحضور، وعليه تدبير أموره بنفسه. رغم شعوره بالريبة، قرر المضي قدمًا، وبدأ في البحث عن غرفة بسيطة في فندق، لكنه لم يتلقَ أي مكالمات من الشركة.

بعد ثلاثة أيام من عدم التواصل، قرر "سعيد" الاتصال بوالده ليذهب إلى مقر الشركة. وعندما ذهب والده، اكتشف أن الشقة كانت تُجهز لتصبح عيادة طبية، وأن الشركة استأجرتها لفترة قصيرة فقط. أدرك "سعيد" أنه كان ضحية لعملية نصب، وفقد كل ما لديه تقريبًا. بدأ البحث عن عمل لتعويض أسرته، فوجد وظيفة براتب زهيد في الفندق الذي يقيم فيه.

مرّت أربعة أشهر من الاكتئاب قبل أن يخرج من حالته. وعندما وجد عملًا جديدًا، اكتشف أن تأشيرته سياحية منتهية، مما جعله ملزمًا بدفع غرامة. حاول شرح موقفه للموظف، لكن أحد العمال المصريين تدخل وطلب مهلة قبل إبلاغ الشرطة. تم اصطحابه إلى تجمع الجالية المصرية، حيث ساهموا في شراء تذكرة سفر له ودفع الغرامة.

بعد أسبوع، عاد "سعيد" إلى أسرته، لكنه قرر عدم التنازل عن حقه، فتقدم بمحضر ضد الشركة المحتالة. نجحت رجال المباحث في القبض على المحتال بفضل صورة هويته التي استخدمها لاستئجار الشقة.

تجربة شابة تعكس مآسي الضحايا 

تروي "جميلة.م"، البالغة من العمر 27 عامًا، كيف وقعت ضحية لشركة توظيف وهمية أثناء بحثها عن فرصة عمل براتب أفضل. كانت تعمل شيفًا في مطعم، وتعيل والدتها وشقيقيها بعد وفاة والدها. وجدت إعلانًا على فيسبوك عن وظائف في سلطنة عمان في مجال السياحة، حيث كانوا يبحثون عن طباخين وندلاء وعمال نظافة برواتب مغرية.

رغم ترددها في البداية، وافقت "جميلة" بعد تفكير وإصرار والدتها على السفر بسبب الضغوط المعيشية، وتوجهتا معًا إلى مكتب الشركة. استُقبلا بوعود جذابة وأحلام وردية، حيث أكد لهم المسئولون أن "جميلة" ستعيش في مكان آمن مع فتيات أخريات. تم تقديم فتاتين ادعتا أنهما سافرتا عبر الشركة، مما أعطى الأسرة شعورًا بالاطمئنان.

بعد ذلك، بدأت "جميلة" ووالدتها في تدبير تكاليف السفر، والتي بلغت 90 ألف جنيه. وتمكنت الأسرة من جمع 50 ألف جنيه فقط من خلال بيع المدخرات والاقتراض من الأقارب، ووافقت الشركة على أن تسدد "جميلة" باقي المبلغ من راتبها بعد السفر، مدعية أن فرق العملة سيساعدها على ذلك.

استخرجت "جميلة" جواز السفر وسلمته للشركة مع المبلغ المطلوب، واستلمت تذكرة الطيران والتأشيرة. عند وصولها إلى سلطنة عمان، استقبلتها سيدة وأخذتها إلى شقة مكتظة بالفتيات، لكنها لم تجد الفتاتين اللتين التقتهما في المكتب. حاولت "جميلة" التواصل مع الرقم الذي أعطته إحداهما، ولكن دون جدوى.

بعد يومين، أبلغتها السيدة بوجود فرصة عمل في مطعم، رغم اتفاقها مع الشركة على العمل كطاهية في فندق. عملت "جميلة" في المطعم لمدة شهر براتب زهيد جدًا، وعندما واجهت صاحب العمل، أخبرها أن تأشيرتها سياحية وليست عمل، مما جعلها تدرك أنها تعرضت لعملية احتيال. وعندما واجهت السيدة التي استقبلتها، أنكرت أي علاقة بما حدث وطالبتها بدفع أجر الإقامة.

رغم الظروف الصعبة، لم تخبر "جميلة" والدتها بما حدث، لكنها تلقت دعمًا من أبناء الجالية المصرية الذين ساعدوها في الحصول على تذكرة عودة. بعد عودتها، أبلغت "جميلة" السفارة المصرية عن الاحتيال، وعندما توجهت مع والدتها للإبلاغ عن الشركة، اكتشفوا أنها غير مرخصة وأن المكتب كان مجرد شقة مستأجرة لفترة قصيرة، ولا تزال السلطات تبحث عن المحتالين.

الجالية المصرية بعمان

قال المهندس خالد الشال، نائب رئيس الجالية المصرية بسلطنة عمان، إن الغالبية العظمى من المصريين الذين وقعوا ضحايا لعمليات النصب من قبل شركات إلحاق العمالة بالخارج الوهمية هم من المحافظات غير العاصمة. هؤلاء الأشخاص عادة ما يحلمون بالعمل في الخارج، سواء كانوا شبابًا يسعون لتوفير نفقات الزواج أو يعولون أسرهم، أو آباء يحلمون بتوفير مستقبل ومستوى مادي واجتماعي أفضل لأبنائهم.

كما كان من بين الضحايا فتيات ونساء تم خداعهن بوعود بوظائف في مجالات مثل الطهي أو العمل كعاملات نظافة أو مربيات. هؤلاء النساء يتنوع وضعهن بين الرغبة في دعم أزواجهن في مواجهة الأعباء المعيشية أو كونهن العائل الوحيد للأسرة، أو حتى فتيات يسعين لتحسين ظروفهن ومساعدة أسرهن من خلال وظيفة براتب أعلى.

وأضاف الشال لـ"البوابة" أن القاسم المشترك بين هؤلاء الضحايا هو قلة الوعي والمعرفة بإجراءات السفر إلى الخارج وقوانين العمل، مما جعلهم فريسة سهلة لهذه الشركات المحتالة. تستهدف هذه الشركات الضحايا من خلال نشر إعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي تعدهم بفرص عمل برواتب مغرية، فيسارع الضحايا بتقديم أموالهم ومستنداتهم للشركات، وهم معتقدون أن سفرهم سيكون قانونيًا. تستغل الشركات هذا الجهل والبساطة للاستيلاء على أموالهم.

الفخاخ الوهمية

أوضح المهندس خالد الشال أن غالبية ضحايا شركات التوظيف الوهمية تبدأ قصتهم عندما تفتح هذه الشركات مكاتب في المحافظات وتنشر إعلانات مغرية على "فيسبوك" تعد بفرص عمل برواتب مرتفعة ومساكن مجانية. تجذب هذه الإعلانات الأشخاص البسطاء، الذين يقعون فريسة للأحلام الوهمية، مما يدفعهم لتدبير مبالغ مالية كبيرة تحت ذريعة إجراءات السفر، سواء من خلال اقتراض الأموال أو بيع ممتلكاتهم.

يتعامل المحتالون بجدية مع الضحايا، مدعين أن الفرصة ستضيع إذا لم يتصرفوا بسرعة. وبعد استلام الأموال، يتم تحديد موعد السفر وتسليم الضحايا جوازات السفر والتأشيرات، مع وعود بوجود من يستقبلهم في المطار. لكن عند الوصول إلى سلطنة عمان، يكتشف الضحايا أن التأشيرات سياحية وليست عمل، مما يحظر عليهم العمل قانونيًا.

عندما يواجه الضحايا من استقبلهم ويطالبون بالعمل، يتلقون تجاهلًا أو اعتذارات، مما يضطرهم للبقاء في الفنادق حتى تنفد أموالهم. غالبًا ما يلجأ الضحايا إلى الجالية المصرية في عمان طلبًا للمساعدة، لكن تتعقد الأمور عندما تنتهي صلاحية التأشيرات وتُفرض غرامات، مما يجعلهم عاجزين عن العودة لبلادهم. بعضهم يعاني من أزمات صحية نتيجة الصدمة النفسية، ويحتاج آخرون لعمليات جراحية.

جهود انقاذ الضحايا 

أشار الشال لـ"البوابة" إلى أن الجالية المصرية تواصلت مع السفارة في سلطنة عمان لإغاثة الضحايا، حيث قدمت التماسًا للسلطات العمانية توضح أن هؤلاء الأشخاص كانوا ضحية لعمليات نصب. استجابت السلطات وأعفتهم من الغرامات التي تجاوزت 60 ألف جنيه مصري لكل فرد، مما ساعدهم على العودة إلى وطنهم.

تم التنسيق بين نادي الجالية والسفارة لتسهيل إجراءات العودة وتوفير تذاكر الطيران، وتشكيل خلية أزمة ضمت القنصل المصري ومدير شركة مصر للطيران. عُقدت لقاءات مع المصريين المخالفين لرصد ظروفهم الإنسانية، وبدأت عملية ترحيل الضحايا على دفعات، مع إعطاء الأولوية للفتيات والسيدات، مما أدى إلى إعادة 4000 مواطن مصري إلى بلادهم.

ولفت المهندس خالد الشال إلى أن الضحايا استُغلوا بسبب بساطتهم، حيث تبين أنهم لا يعرفون سوى اسم الموظف الذي تعاملوا معه ومكان الشركة، الذي غالبًا ما يكون مجرد شقة مستأجرة لفترة قصيرة.

العقوبات 

قال المحامي رمسيس النجار إن القانون يعرف النصب على أنه الاستيلاء على أموال منقولة مملوكة للغير من خلال الاحتيال، باستخدام وسائل التدليس المحددة قانونيًا، بهدف تملك المال المسلوب. كما يمكن تعريفه بأنه الاستحواذ على ممتلكات الآخرين بطرق احتيالية لتحقيق مكاسب شخصية، مما يؤدي إلى تسليم الضحية أمواله برغبة طيبة منها. 

وأضاف النجار لـ"البوابة": تؤكد المادة 336 من قانون العقوبات أن كل من يتمكن من الاستيلاء على أموال أو مقتنيات أو سندات أو أشياء منقولة عن طريق الحيلة يُعاقب بالسجن. ويشمل ذلك أيضًا استخدام أساليب لخلق آمال وهمية في الحصول على أرباح غير حقيقية، أو تقديم سندات مزورة، مثل العقود المزورة التي تقدمها الشركات الوهمية للضحايا، مدعين أنها موثقة من وزارة العمل، حيث يمكن اعتبار هذا العقد دليلًا على وقوع عملية النصب.

ضوابط تأسيس شركات إلحاق العمالة 

قال مهيب أبو زيد، مدير الإدارة العامة لشئون الشركات لإلحاق العمالة بالخارج، إن المادة 17 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 تحدد الإجراءات اللازمة لتأسيس شركات إلحاق العمالة. عند استيفاء الشروط، تصبح الشركة مرخصة وتخضع لضوابط تضمن الالتزام بالمعايير القانونية، مع ترخيص صالح لمدة خمس سنوات.

وأوضح لـ"البوابة" أن الوزارة تقوم بتفتيش دوري على الشركات لضمان التزامها بالضوابط، مثل توثيق جميع العقود لدى وزارة العمل وتفاصيل الوظيفة لضمان حماية العامل. كما يُعتبر تقاضي أكثر من 2% من راتب العام الأول مخالفًا، مما يعرض المخالفين لعقوبات تشمل الغرامات وسحب الترخيص.

أكد أبو زيد على ضرورة نشر الشركات معلومات دقيقة في إعلاناتها، وعدم تقديم وعود مضللة، وكذلك التعاون مع مكاتب التمثيل العمالي لضمان متابعة أوضاع العمال وحل مشكلاتهم. وفي حالة الإخلال بهذه الضوابط، تُطبق عقوبات تتراوح بين الغرامات وإغلاق الشركة، وفقًا للمادة 23 من قانون العمل. 

وأوضح مدير الإدارة العامة لشئون الشركات لإلحاق العمالة بالخارج أن الضوابط والعقوبات تنطبق على الشركات المرخصة فقط، بينما توجد شركات وهمية تدعي أنها شركات إلحاق عمالة بالخارج، مستغلة إعلانات مغرية على مواقع التواصل الاجتماعي. هؤلاء المحتالون يستغلون ذلك لسرقة أموال الضحايا، لذا من الضروري أن يكون الأفراد واعين بإجراءات السفر والقوانين المنصوص عليها في قانون العمل.

يجب على الراغبين في العمل بالخارج التأكد من ترخيص الشركة عبر الإدارة المختصة أو الموقع الرسمي لوزارة العمل. كما تتواجد وحدة التوجيه لتوعية الأفراد بمواصفات العقد السليم. شهدت الوزارة شكاوى عديدة ضد شركات وهمية، وتعمل مع الجهات الأمنية لملاحقة المحتالين واسترداد أموال الضحايا.

وأشار مهيب أبو زيد، في نهاية حديثه لـ"البوابة"، إلى أن الشركات الوهمية تقدم عقود عمل مزورة، مما يوقع الضحايا في الفخ. لذلك، يجب التحقق من صحة العقود عبر إدارة التشغيل بالخارج. كما تعمل الوزارة على تكثيف جهودها لمكافحة هذه الشركات الوهمية، حيث يقوم الوزير محمد جبران بإطلاق حملات توعية في جميع مديريات القوى العاملة لتثقيف الشباب حول حقوقهم والتحذير من الشركات المحتالة.