أصبح الآن واضحا للجميع أن الحرب في غزة والحرب في لبنان لن تتوقفا إلا بعد انتهاء الانتخابات الأمريكية، وتعتبر زيارة المبعوث الأمريكي هذا الأسبوع إلى لبنان آموس هوكستين هذا بمثابة الزيارة الأخيرة له للمنطقة، حيث ستفرض نتائج الانتخابات الأمريكية وجوها جديدة ب أجندات مختلفة قد تزيد الأمر تعقيدا وقد تعمل على حلحلة الأوضاع وترتيب ضوء في نهاية النفق.
ولكن الثابت في السياسة الأمريكية في الحرب اللبنانية هو ضرورة فك العلاقة بين لبنان وإيران وأن تختار الحكومة اللبنانية عدم
ربط مصيرها بأية صراعات أخرى تدور في المنطقة.
هوكستين قال في زيارته الأخيرة أن إدارة بايدن "تتطلع لضمان أن يكون هذا هو الصراع الأخير في لبنان لأجيال قادمة" وأنها أي أمريكا تريد إنهاء التصعيد الحالي في أقرب فرصة ممكنة، مؤكدًا أن قرار الأمم المتحدة رقم 1701 هو الأساس لإنهاء هذا الصراع، ولكن الثعلب الأمريكي لا يكتفي بتصريحه هذا الذي وافق عليه بالفعل حزب الله ولكنه أضاف ما يمكن وصفه بالعصا في العجلة حيث أشار إلى أن مجرد الحديث عن التزام لبنان وإسرائيل بقرار الأمم المتحدة رقم 1701 ليس كافيًا، وهنا نسأل ماذا يكفي أمريكا وإسرائيل من دماء كي تتوقف ماكينة الحروب التي دارت بمنطقتنا قبل عام.
قرار الأمم المتحدة رقم 1701، الذي أنهى آخر جولة من الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في عام 2006 ينص على أن يكون جنوب لبنان خاليا من أي قوات أو أسلحة غير تلك التابعة للدولة اللبنانية.
تمام إذا كان الأمر هكذا فالحكومة اللبنانية مستعدة لنشر أكثر من عشرة آلاف جندي نظامي في الجنوب وحزب الله أعلن أكثر من مرة عن عدم معارضته لذلك فما هي أسباب تطوير الهجوم الإسرائيلي بالشكل الذي نراه على الشاشات يوميا ؟ يقول البعض أن إسرائيل التوسعية تريد بعد إخضاعها لبنان التمدد نحو العمق السوري، وهنا سوف يتم إعلان الحرب الشاملة التي تصطدم فيها مع إيران بشكل مباشر، ويصبح الكلام عن رد إسرائيل على هجمات إيران الصاروخية عليها واستهداف منزل نتنياهو جزء من الماضي، وذلك لميلاد خريطة سياسية جديدة تسعى إليها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023.
تبادل القصف اليومي بين حزب الله وإسرائيل لن يحسم المعركة بين الجانبين وتفاصيل المرحلة القادمة ربما تكون أسوأ من الذي نشهده الآن، المنطقة صارت هدف للتنشين وصارت رقعة شطرنج قد يموت عليها الملك في أي لحظة، وليختار كل فريق الملك الخاص به ويدافع عنه.
سوريا تحاول الابتعاد عن هذا الصدام ولا يعتب عليها أحد فقد عانت وما تزال من مرارة مخططات الغرب وأدواتهم بالمنطقة، كما أنها تعرف جيدا أن دمشق هي درة التاج للعصابات المجرمة في إسرائيل لذلك تأخذ سوريا كل الاحتياطات اللازمة كي لا تنجر إلى المعركة مثلما حدث مع لبنان.
لا يوجد يقين في تلك المعارك سواء في غزة أو لبنان إلا الاكتشاف المتأخر لضرورة الدولة، حماس ذهبت وجاءت وعادت الكرة إلى السلطة الفلسطينية وكذلك بذل حزب الله كل ما في وسعه ولكن الكلام الآن للدولة اللبنانية وينتظر الجميع كلمة من ميقاتي أو تصريح من نبيه بري ويجتهدون الآن لانتخاب رئيسا للجمهورية.
هذا اليقين في ضرورة الدولة هو درس معتبر يجعلنا نلتفت نحو اليمن ونسأل عن الحوثيين والحكومة الشرعية، ربما تتقدم إسرائيل علينا بخطوات لهذا السبب، هناك يعرفون أهمية الكنيست ووظيفة رئيس الوزراء ليس هذا فقط بل يعرفون أيضا أهمية وضرورة صوت المعارضة في الأحداث، لذلك تزداد الأمور صعوبة علينا لأننا نخوض الحرب ونحن فرادى ولا نتعلم من دروس المعارك.
آراء حرة
الحرب في لبنان وضرورة الدولة
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق