تشكل "مصانع بير السلم" ظاهرة خطيرة تؤثر سلباً على الاقتصاد وسلامة المستهلكين، حيث تنتشر هذه المصانع غير المرخصة في العديد من المناطق وتعمل بعيداً عن الرقابة الحكومية تقوم هذه المنشآت بإنتاج سلع وبضائع مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات، باستخدام مواد خام مجهولة المصدر وبأسعار منخفضة لجذب المستهلكين ومع انتشار هذه الظاهرة، تزداد المخاوف من التأثيرات الصحية والبيئية لهذه المنتجات، بالإضافة إلى الأضرار الاقتصادية التي تلحقها بالمصانع المرخصة والاقتصاد الوطني ككل. يحظر القانون المصري مثل هذه الأنشطة، ويواجه القائمون عليها عقوبات صارمة تتراوح بين الغرامات والسجن، بهدف مكافحة الغش التجاري وحماية المستهلكين.
حيث تمكن أجهزة الأمن بوزارة الداخلية، بالتعاون مع قطاع الأمن العام والإدارة العامة لشرطة البيئة والمسطحات، من كشف نشاط غير قانوني لمصنع غير مرخص في منطقة الخانكة بمحافظة القليوبية، تخصص في إنتاج وتصنيع أسمدة ومخصبات زراعية مغشوشة باستخدام مواد غير معلومة المصدر وغير صالحة للاستعمال وكانت هذه المنتجات تُطرح في الأسواق لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
بعد استصدار التصاريح القانونية، قامت قوات الأمن بمداهمة المصنع، حيث تم القبض على شريك ومدير المصنع الذي يقيم في مركز شرطة ملوي بمحافظة المنيا وأسفرت الحملة عن ضبط 75 طنًا من المواد الخام غير المعروفة المصدر، و25 طنًا من المخصبات الزراعية المغشوشة الجاهزة للتوزيع، والتي كانت معبأة في عبوات مقلدة تحمل أسماء شركات كبرى. كما تم العثور على خط إنتاج كامل غير مرخص يتضمن غلايات لتسخين المواد الخام، وبراميل، وآلات خلط وتخفيف، وميزان إلكتروني، إضافة إلى كميات كبيرة من العبوات الفارغة المزيفة.
تم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتورطين في هذا النشاط، في إطار جهود وزارة الداخلية المستمرة لمكافحة جميع أشكال الجريمة، وخاصة جرائم الغش التجاري.
المخاطر الاقتصادية والصحية
وفي هذا السياق يقول أيمن محفوظ المحامي والخبير القانوني، تعتبر "مصانع بير السلم" مصدراً كبيراً للخطر، إذ تضر الاقتصاد الوطني من خلال تهربها من الضرائب، وتُضعف من قدرة المنتجات المحلية المرخصة على المنافسة وعلى الصعيد الصحي، تشكل منتجات هذه المصانع خطورة كبيرة، خاصة تلك المتعلقة بالغذاء، المستحضرات الطبية، أو المخصبات الزراعية، التي قد تكون ضارة أو غير صالحة للاستخدام.
العقوبات القانونية
وأضاف محفوظ في تصريحات خاصة لـ " البوابة نيوز"، تجرم القوانين المصرية نشاط المصانع غير المرخصة، مثل قانون حماية المستهلك الذي يضمن حق المستهلك في الحصول على منتجات آمنة وجيدة وكذلك يُطبق قانون الغش التجاري والتدليس الذي يفرض عقوبات صارمة على كل من يساهم في الغش أو إنتاج سلع غير مطابقة للمواصفات. بالإضافة إلى ذلك، فإن قوانين البيئة تحظر استخدام مواد تضر بالبيئة أو الصحة العامة، وتفرض غرامات وعقوبات على المخالفين.
وتابع محفوظ، تتراوح العقوبات التي تواجهها "مصانع بير السلم" بين الغرامات المالية الكبيرة ومصادرة المواد والمعدات، وصولاً إلى السجن حيث يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق أصحاب هذه المصانع وشركائهم بمجرد اكتشاف أنشطتهم غير المشروعة تهدف هذه العقوبات إلى ردع المخالفين وحماية المجتمع من المنتجات المغشوشة.
أسمدة منخفضة الجودة أو تحتوي على مواد غير صالحة
وفي نفس السياق يقول الدكتور طارق محمود أستاذ بمركز البحوث الزراعية، تمثل مصانع الأسمدة المغشوشة مشكلة كبيرة تؤثر سلباً على الزراعة والصحة العامة والبيئة وتعمل هذه المصانع بشكل غير قانوني وتنتج أسمدة منخفضة الجودة أو تحتوي على مواد غير صالحة للاستخدام الزراعي وغالباً ما تنتشر هذه المنتجات في الأسواق بأسعار رخيصة، مما يجعلها جذابة للفلاحين الذين يبحثون عن خفض تكاليف الإنتاج إلا أن الاستخدام المستمر لهذه الأسمدة المغشوشة يؤدي إلى آثار خطيرة على التربة والمحاصيل وصحة الإنسان.
وأضاف محمود، تعمل مصانع الأسمدة المغشوشة خارج إطار القانون، وغالبًا ما تكون غير مرخصة وتستخدم مواد خام غير معروفة المصدر أو غير مطابقة للمواصفات القياسية ويتم تصنيع هذه الأسمدة باستخدام معدات بسيطة ودون مراعاة المعايير الفنية أو البيئية الي جانب أن تلك المصانع تنتج أسمدة لا تحتوي على العناصر الغذائية الضرورية للنباتات أو تحتوي على مواد ضارة يمكن أن تؤدي إلى تدهور التربة وتقليل جودة المحصول.
وتابع محمود، تؤثر الأسمدة المغشوشة بشكل مباشر على جودة التربة وإنتاجية المحاصيل لأنه عندما يتم استخدام هذه الأسمدة لفترات طويلة، فإنها تؤدي إلى نقص في العناصر الغذائية الضرورية للنباتات مثل النيتروجين والبوتاسيوم، مما يؤثر سلبًا على نمو المحاصيل وكفاءتها الإنتاجية كما أن وجود مواد غير آمنة في هذه الأسمدة قد يلوث التربة، ويجعلها غير صالحة للزراعة على المدى الطويل، مما يهدد الأمن الغذائي، بالإضافة إلى التأثير الزراعي، تشكل الأسمدة المغشوشة خطراً على صحة الإنسان فقد تحتوي هذه الأسمدة على مواد كيميائية ضارة قد تنتقل إلى المحاصيل المزروعة وتصل إلى الإنسان من خلال سلسلة الغذاء ويمكن أن يؤدي استهلاك هذه المحاصيل إلى مشاكل صحية خطيرة مثل التسمم الغذائي أو الأمراض المزمنة كما أن استنشاق الغازات أو الغبار الناتج عن الأسمدة المغشوشة قد يسبب مشاكل تنفسية للفلاحين والعاملين في مجال الزراعة.