دائمًا ما تكون زوجة العم هي الأم الثانية والتي يلجأ لها الأبناء، وهذا المتعارف عليه والتي تحاول ثقافتنا ترسيخه منذ الصغر، ولكن هناك في عزبة إبراهيم بمركز بلقاس بمحافظة الدقهلية.
"رحمة" لم يكن لها نصيب من اسمها، بل خلعت ثوب الإنسانية، ولبست بدلا منه ثوب شيطان، حيث استدرجت طفلة شقيق زوجها "لميس"، صاحبة الـ4 سنوات، وأنهت حياتها خنقا، لسرقة قرطها الذهبي.
ففي يوم لم يكن في الحسبان، استيقظ أهالي العزبة على فاجعة أليمة أودت بحياة الطفلة الصغيرة "لميس محمد الصياد"، التي لم تتجاوز الرابعة من عمرها، كان يومًا عاديًا تحول إلى كابوس مرعب، بعدما اكتشف الجميع أن الطفلة التي اختفت بشكل غامض منذ يومين، كانت ضحية لطمع وخيانة من أقرب الناس إليها.
اختفاء الطفلة لميس
لم يكن من المعتاد أن تختفي "لميس" عن أنظار والدتها لفترة طويلة، كانت لميس طفلة بريئة، مرحة، تلعب في فناء المنزل الصغير وتتنقل بين حضن أمها وألعابها المفضلة، ولكن في ذلك اليوم، لم تكن في مكانها المعتاد.
حاولت والدتها البحث عنها في أرجاء المنزل، ثم في الحي المجاور، ولكن لم يكن هناك أي أثر للطفلة، شعرت الأم بقلق شديد وبدأت دقات قلبها تتسارع، الجميع بدأ بالبحث، الأقارب والجيران، وحتى المارة في الشوارع، كل الأعين كانت تبحث عن "لميس" ولكن دون جدوى.
تقتل القتيل وتمشي في جنازته
كان من بين الأشخاص الذين شاركوا في البحث عن الطفلة، زوجة عمها "رحمة" والتي لم يكن لها نصيب من اسمها، كانت تبدو قلقة مثل باقي أفراد الأسرة، تبدي اهتمامًا كبيرًا وتشارك في البحث، لم يكن يخطر على بال أحد أن هذه المرأة، التي كانت تتصرف كأنها جزء من العائلة، هي ذاتها التي أخفت الجريمة الوحشية وراء ستار الخوف الكاذب.
الكرتونة في البلكونة
بعد مرور يومين على اختفاء لميس، بدأت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الدقهلية متمثلة في ضباط مباحث مركز شرطة بلقاس تكثيف جهود البحث، وشُرعت في تمشيط المنطقة ومراجعة كافة الأدلة المتاحة.
كانت هناك إشارات غامضة قادتهم إلى منزل عم الطفلة، لم يتوقع أحد أن تكون الحقيقة المريرة مخبأة في بلكونة ذلك المنزل، وداخل كرتونة كبيرة، كانت الجثة الصغيرة لـ"لميس" مخنوقة ومخبأة داخل جوال.
الصدمة كانت قاسية على كل من كان حاضرًا في تلك اللحظة، لم يستطع أحد تخيل أن الطفلة التي كانوا يبحثون عنها بحماس وأمل، قد تم العثور عليها بهذه الطريقة المأساوية.
كل من رأى الجثة كان يعجز عن الكلام؛ كيف يمكن لإنسان أن يفعل ذلك بطفلة بريئة؟ كان الألم والحزن يخيم على الأجواء، وانتشرت الأخبار في عزبة إبراهيم كالنار في الهشيم، مخلفة خلفها صدمة وحزنًا عميقين.
سرقة الحلق سبب الجريمة
بدأت الأجهزة الأمنية في تتبع كافة الخيوط الممكنة، لم يمر وقت طويل حتى ظهرت الحقيقة المروعة، المتهمة بقتل الطفلة "لميس" كانت "رحمة"، زوجة عمها، التي لم تظهر عليها علامات الندم أو الأسف، بل حاولت التظاهر بالحزن والبحث مع العائلة.
اعترفت المتهمة بأنها قتلت الطفلة بهدف سرقة قرطها الذهبي، الذي كانت تلبسه دائمًا، كان الطمع والجشع الدافع وراء هذه الجريمة البشعة، كانت المتهمة تبحث عن وسيلة سريعة لسداد ديونها المتراكمة، ووجدت في الحلق الذهبي الصغير في أذن الطفلة البريئة فرصة للخروج من أزمتها المالية.
حيث قامت "رحمة" قد خططت لجريمتها ببراعة شيطانية، استدرجت الطفلة إلى منزلها، ثم قامت بكتم أنفاسها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، بعد ذلك، قررت إخفاء الجثة بوضعها في جوال، ثم في كرتونة كبيرة لتُخفيها في بلكونة منزلها، معتقدة أن أحدًا لن يكتشف جريمتها.
رحمة بلا رحمة!!
كانت زوجة العم "رحمة" التي لا تحمل في قلبها رحمة تجاه الطفلة لميس، تظهر وكأنها جزء من العائلة، تقف بجانب الأم المكلومة، تواسيها و تشاركها البحث عن الطفلة، بينما كانت هي السبب في كل هذا الألم، انتُزع من قلبها الرحمة، ولم يهمها إلا الخروج من ديونها بأي ثمن، حتى وإن كان الثمن هو حياة طفلة بريئة.
مع كل لحظة كانت تمر في البحث عن الطفلة، كانت المتهمة تتظاهر بالقلق والاهتمام، وكأنها لا تعلم شيئًا، كانت تدعي الحزن وتشارك في البحث، بينما الجثة كانت قابعة في منزلها، هذا التظاهر بالبراءة والخوف كان يزيد من بشاعة الجريمة.
العائلة التي كانت تعيش في ألم البحث عن طفلتهم المفقودة، وجدت نفسها الآن تعيش في صدمة أعظم، فقدوا لميس للأبد، والأكثر إيلامًا هو أن القاتلة كانت شخصًا قريبًا جدًا منهم.
حُرم أهل لميس من رؤية ابنتهم تكبر، تحلم، وتعيش حياتها كما كان مقدرًا لها، كانت الطفلة الصغيرة تحمل في ملامحها الأمل والفرحة، ولكن كل هذا اختفى بلحظة غدر، الحلق الذهبي، الذي كان يحمل قيمة بسيطة للطفلة وعائلتها، تحول إلى سبب لجريمة مروعة أخذت حياة صغيرة بلا ذنب.
تم القبض على المتهمة بعد اعترافها بالجريمة، وتمت إحالتها إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات والتي أمرت بانتداب طبيب شرعي لتشريح جثة المجني عليها وإعداد تقرير واف عن كيفية وأسباب الوفاة وصرحت بالدفن عقب بيان الصفة التشريحية لها وتسليم الجثمان لذويه لاستكمال إجراءات الدفن.
وأمرت النيابة بحبس المتهمة 4 أيام احتياطيا على ذمة التحقيقات وجدد قاضى المعارضات حبسها 15 يوما واصطحب فريقا من النيابة العامة المتهمة إلى مسرح الجريمة لإجراء معاينة تصويرية وتمثيل جريمته وطلبت النيابة تحريات المباحث التكميلية حول الواقعة.
وعن العقوبة القانونية؛ تنص المادة 230 من قانون العقوبات على أنه "كل من قتل نفسا مع سبق الإصرار على ذلك أو الترصد يعاقب بالإعدام"، كما جاء نص 263 من القانون بأنه "كل من جرح أو ضرب أحدًا أو أعطاه مواد ضارة ولم يقصد من ذلك قتلا ولكنه أفضى إلى الموت يعاقب بالأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث سنوات إلى سبع سنوات وأما إذا سبق ذلك إصرار أو ترصد فتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن".
كما أن المادة 116 مكرر من القانون رقم 12 لسنة 1996 والمعدل برقم 126 لسنة 2008، تنص على أنه "يزداد مقدار المثل الحد الأدنى للعقوبة المقررة لأى جريمة إذا وقعت من بالغ على طفل أو إذا ارتكبها أحد والديه أو من له الولاية أو الوصاية عليه أو المسئول عن ملاحظته وتربيته أو من له سلطة عليه أو كان خادمًا عند من تقدم ذكرهم".