صرح الرئيس البولندي أندريه دودا بأن بلاده يجب أن تسعى للحصول على مظلة الحماية النووية من فرنسا، إلى جانب تعزيز مشاركتها في منظومة الردع النووي الأمريكية، معتبرًا أن هذين الخيارين لا يتعارضان، بل يمكن أن يتكاملا لمواجهة أي تهديد روسي محتمل.
يأتي ذلك في ظل التوترات المتصاعدة على الجبهة الشرقية لحلف الناتو.
وفي مقابلة مع وكالة بلومبرغ في العاصمة وارسو، أوضح دودا: "أعتقد أنه يمكنني القبول بكلا الحلين.. لا يوجد تعارض بين الفكرتين". يأتي هذا الموقف بعد أسابيع من تصريحات رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، الذي أكد في البرلمان أن بلاده منفتحة على الانضمام إلى ترتيبات "الاشتراك النووي"، وتجري "محادثات جادة" بشأن الاقتراح الفرنسي بتوسيع الحماية النووية الأوروبية تحت المظلة الفرنسية.
النووي الفرنسي.. حليف بديل أم مكمل؟
يستند المقترح الفرنسي، الذي أطلقه الرئيس إيمانويل ماكرون، إلى فكرة استخدام قدرات بلاده النووية في الدفاع عن دول أوروبا الشرقية، ما يُنظر إليه كخطوة لتعزيز الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي، وسط تشكيك بعض القادة الأوروبيين في مدى استمرارية الدعم الأميركي طويل الأمد، خاصة بعد التغيرات السياسية المحتملة في واشنطن.
إلا أن هذا التوجه يواجه تحديات قانونية وسياسية، فـالدرع النووي الفرنسي ليس جزءاً مباشراً من منظومة الناتو، كما أن بولندا، كونها موقعة على معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)، لا يمكنها امتلاك أسلحة نووية بشكل مباشر، وهو ما يقيّد مناوراتها في هذا الملف.
الخطر الروسي.. الدافع الرئيسي وراء الحراك البولندي
التحرك البولندي لا يمكن فصله عن التحولات الأمنية في المنطقة، خصوصاً بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 2023 عن نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروس، الدولة الحليفة والملاصقة للحدود البولندية. هذه الخطوة اعتُبرت تصعيداً مباشراً من قبل موسكو، ودفعت دول شرق أوروبا، خصوصاً بولندا ودول البلطيق، إلى تعزيز قدراتها الدفاعية والضغط لتوسيع المظلة النووية للناتو.
وفي هذا السياق، قال دودا: "دور الناتو هو التصدي للسلوك العدواني الروسي... فكيف يرد الحلف؟ الإجابة واضحة: نطالب بتوسيع منظومة الردع النووي لتشمل أراضينا أيضًا".
قيود وتوازنات.. وتحديات أمام القرار البولندي
ورغم الانفتاح البولندي على الشراكة النووية، فإن الاعتبارات السياسية والقانونية والأمنية المعقدة تجعل من تنفيذ هذه الطموحات أمرًا غير بسيط. إذ يجب على وارسو التنسيق مع الناتو، واحترام التزاماتها في إطار معاهدة عدم الانتشار، وتجاوز الحساسيات المرتبطة بموقعها الجغرافي الحرج.
كما أن الانخراط في ترتيبات الردع النووي يتطلب موافقة أميركية واضحة، وهو أمر لا يمكن ضمانه في ظل تغير الإدارات، خصوصاً إذا عاد ترمب إلى البيت الأبيض بسياسة أكثر عزلة. في المقابل، فإن فرنسا تصر على استقلالية قرارها النووي، ولا يبدو أنها ستُخضعه بسهولة لترتيبات جماعية خارج إرادتها السياسية.