قال الأب أنطونيوس حراقة الكاهن بدير القديس جاورنيوس وصيدنايا بلبنان، في هذا الأحد المبارك يا أحباء، يخبرنا النص الإنجيلي عن حدثٍ عظيم، امرأةٌ أرملةٌ توفي ولدها، ومعيلها الوحيد، وكان الناس يسيرون خلف النعش ويقومون بالواجب، كما قد نفعل نحن من باب اللباقة الاجتماعية، إلا أن يسوع جاء إلى باب هذه المدينة حيث رأى النعش يحمله الناس، والأم الحزينة تبكي وحيدها، فتحنن الربّ يسوع عليها، إذ لم يأتِ ليقوم بواجبٍ اجتماعي كما يفعل الكثيرين، بل جاء كي يقيم هذا الشاب الميت المحمول ويثبتَ للناس جميعاً أنّ بيده الحياة والموت، والمسيح يا أحباء لم يأتِ فقط ليقيم الجسد، بل ليقيم النفس أيضاً وليثبت للناس جميعاً أنّه هو الإله الوحيد والذي لا يستطيع آخر أن يفعل كمثله.
واضاف يخبرنا هذا النص عن حنان يسوع المسيح، ومحبة المسيح، الذي يحبنا كما نحن، يحب الخاطئ إلى أن يتوب، ويعود إليه ويدخله إلى ملكوت السموات، والكتاب المقدّس يشهد على الكثير من هذه الأحداث.
ويسوع قد غفر للناس الذين ظلموه، وبصقوا عليه، وضربوه وآلموه ولأجل محبته قال: "اغفر لهم يا أبتي لأنهم لا يعرفون ما يفعلون".
فما الذي يريده يسوع من المؤمن عبر هذه النصوص الإنجيلية؟ يريده أن يحيا كإنسانٍ طاهرٍ على هذه الأرض، يسلك بنقاوة، ويعرف الطريق الصحيح الذي يوصله إلى ملكوت السموات.
ولننتبه أنّ هذا الكلام لا ينفي إمكانية أن نقع في الأخطاء! إذ إن طبيعتنا البشرية ميالةٌ للخطأ، ولكن في الوقت ذاته ميالة للتوبة والتماس وجود الله في حياتنا.
فنحن كأناسٍ مسيحيين اختارنا الله، وقبلناه، علينا أن نجاهد لنبقى هياكل مرضية للروح القدس، فلا يجوز لنا أن نقبل ما ينافي إرادة الله لنا، إذ علينا أن نتعلم قول: لا، للخطيئة، للكراهية، لكلِّ ما يبعدنا عن يسوع.
ولعل أكثر ما يساعدنا على ذلك هو نفض الغبار عن الكتاب المقدس، ودراسته وفهمه، واتخاذه كدستورٍ لحياتنا فالحياة المسيحية هي حربٌ! لا نحارب من خلالها بالسلاح، بل بالإيمان! بالإيمان الذي نلهج به باسم الربّ مع كلّ نفس، ونطلب غفرانه ومعونته، وبذلك نستدعي الربّ ليتحنن علينا كما رأينا في النص الإنجيلي المبارك.
لماذا أقام يسوع هذا الشاب؟ هل ليظهر عظمته؟ نعم، إذ أراد أن يظهر للضعفاء في الإيمان أنّه يستطيع فعل مالا يستطيعه سواه، هذا من ناحية، أما من ناحيةٍ أخرى ليعلّمنا ألاّ تكون علاقتنا علاقة واجب، كما يأتي البعض للكنيسة لأنّ اليوم أحد وليراهم الناس! فإذا لم ترد أن تأتي للقداس لحمل الزوادة الروحيّة معك ناقلاً إياها عبر شهادة حياتك الحقيقية المسيحية لكلِّ آخر فلا تأتِ، لأنّه قيل: "الذي يتناول الجسد والدم الإلهيين بلا استحقاق يزيد على خطيئته خطيئة". فحاربوا الخطيئة، وقلة الإيمان، وانقلوا المسيح للمجتمع كلّه، واستدعوا اسمه دوماً ليتحنن عليكم.