رأت صحيفة "الجارديان" البريطانية أنه مع استمرار حرب إسرائيل على غزة وتوسع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، تعاني إسرائيل على عدة أصعدة: دبلوماسيًا وثقافيًا واقتصاديًا وشعبيًا وداخليًا.
ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن العديد في إسرائيل يشعر بالعزلة الدبلوماسية حيث يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تحديات دبلوماسية جسيمة.
فلقد عانت إسرائيل من تراجع ملحوظ في الدعم الدولي، خاصة بعد العمليات العسكرية في غزة. وبدأت العديد من الدول التي كانت تُعتبر حلفاء لإسرائيل تبني مواقف أكثر انتقادًا. فعلى سبيل المثال، حذر سياسيون بارزون في الولايات المتحدة مثل تشاك شومر من أن القيادة الإسرائيلية تحت حكم نتنياهو تضعف الأسس السياسية والأخلاقية للدولة. وحتى شخصيات مثل دونالد ترامب، التي كانت تعتبر داعمة لإسرائيل، أبدت قلقها من فقدان الدعم الإسرائيلي.
وأشارت الصحيفة إلى أن التحولات في السياسة العالمية تجاه إسرائيل كانت جلية. فإن العديد من الحكومات الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا، أعربت عن عدم دعمها للسياسات الإسرائيلية في غزة، مشيرة إلى أن العمليات العسكرية يمكن أن تؤدي إلى انتهاكات لحقوق الإنسان. وهذه التحولات تعكس قلقًا أكبر بشأن الطريقة التي تُمارس بها إسرائيل سلطتها.
وتتجاوز العزلة الإسرائيلية الحدود السياسية لتصل إلى مجالات ثقافية. فعلى سبيل المثال، واجهت إسرائيل انتقادات واسعة النطاق في مهرجان يوروفيجن، حيث قوبلت وفودها بعزوف من قبل دول أخرى. وشهدت الرياضة موقفًا مشابهًا، حيث قام مشجعو كرة القدم في إيطاليا بتحويل ظهورهم أثناء عزف النشيد الوطني الإسرائيلي. وهذه التصرفات تعكس موقفًا ثقافيًا معاديًا يمكن أن يعزز العزلة الدبلوماسية.
وتتزايد الآثار الاقتصادية السلبية، حيث توقع بنك إسرائيل انخفاضًا في النمو إلى 1.5%، بعد أن كانت التوقعات في السابق 2.8%. كما شهدت السياحة الوافدة انخفاضًا حادًا بلغ 76% مقارنة بالعام السابق، مما يعكس تداعيات العزلة الاقتصادية على إسرائيل.
وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل تفقد الدعم الشعبي بشكل ملحوظ. فوفقًا لاستطلاعات الرأي، انخفضت نسبة التأييد لإسرائيل في العديد من الدول، حيث أظهر استطلاع أن 62% من البريطانيين لا يثقون في تصرفات إسرائيل. كما أظهرت الأرقام أن الدعم بين الأمريكيين، وخاصة بين الشباب، بدأ يتراجع بشكل ملحوظ، مما يشير إلى تحول في النظرة العالمية تجاه إسرائيل.
وتتعرض إسرائيل لانتقادات متزايدة من حلفائها السابقين، حيث حذر شخصيات بارزة من أن القيادة الحالية تهدد بقاء إسرائيل كدولة ديمقراطية.
وقد تؤدي العزلة الدبلوماسية إلى تأثيرات سياسية بعيدة المدى. حيث من الممكن أن تنشأ دعوات متزايدة للتغيير في السياسات الإسرائيلية، سواء من داخل البلاد أو من الخارج، مما قد يؤدي إلى إعادة التفكير في الاستراتيجيات الحالية والتوجهات السياسية.
ويواجه الشعب الإسرائيلي حالة من القلق والضغوط النفسية نتيجة الأوضاع الراهنة. حيث تزايدت معدلات الاكتئاب والقلق بين السكان، خاصة بين الشباب، الذين يشعرون بأن مستقبلهم غامض في ظل تصاعد التوترات. وهذه الضغوط النفسية يمكن أن تؤثر على الروح المعنوية العامة، مما يؤدي إلى انقسام مجتمعي عميق حول كيفية التعامل مع الوضع الراهن.
وتؤثر العزلة الدبلوماسية على الأمن الداخلي لإسرائيل أيضا، حيث تتزايد المخاوف من التصعيد الداخلي. وقد تشتد التوترات بين مختلف المجموعات السكانية، مما يؤدي إلى مظاهرات وأعمال شغب. وفي هذا السياق، يواجه المسؤولون تحديًا مزدوجًا، يتمثل في الحفاظ على الأمن في مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية على حد سواء.