اشتهرت محافظة المنيا عبر العصور بصناعة السكر والعسل الاسود منذ عصر الفاطميين و المماليك حيث تعد صناعة السكر في محافظة المنيا ، من الصناعات الحيوية التي تلعب دورًا مهمًا في دعم الإقتصاد المحلي والوطني، كما تحتل مصر المركز الثاني عشر على مستوى العالم في تصنيع السكر كما تعد مصدرًا رئيسيًا للقصب الذي يصدر إلى العديد من دول العالم.
وتعتمد هذه الصناعة بشكل كبير على زراعة قصب السكر، وهو المحصول الرئيسي المستخدم في إنتاج السكر حيث تتميز المنيا ، بمناخها الملائم لزراعة هذا النوع من المحاصيل وبفضل اهتمام الدولة بتطوير الزراعة والصناعات التحويلية،اصبحت صناعة السكر في المنيا واحدة من الركائز الأساسية للنمو الإقتصادي المستدام في المنطقة حيث تزرع محافظة المنيا نحو 38 ألف فدان قصب، وتتركز في الزراعات بمركز ملوي وأبو قرقاص في أكثر من 70 قرية تقريباً.
تاريح صناعة السكر بالمنيا
بدأت صناعة السكر من القصب في مصر منذ عام 710 ميلادية وكانت طرق صناعته بدائية. ومنذ عام 1818 ميلادية بدأت صناعة السكر الحديثة في مصر على يد محمد علي باشا الكبير حيث قرر إنشاء معمل (مصنع) لتصنيع سكر القصب في إحدى القرى التابعة لمحافظة المنيا حيث كان يمتلك مساحات كبيرة منزرعة بالقصب في مزراعه الخاصة.
في عام 1834 تم إنشاء معملين أخرين في محافظة المنيا وقد استعان محمد على باشا في عام 1846 بعدد من الفنيين الفرنسيين لتشغيل وإدارة هذه المعامل وفي عام 1848 تم انشاء عدد 4 معامل اخرى لانتاج السكر توزعت في الجيزة والمنيا وقنا ويعتبر ما تم انشاؤه من مصانع حتى هذا التاريخ انجازا يحسب لمحمد علي باشا.
وخلال فترة حكم الخديوي إسماعيل باشا، ابدى اهتمام خاص بصناعة السكر. فقد اتخذ الخديوي قرارًا بتحويل السكر إلى سلعة استراتيجية للاقتصاد المصري تنافس القطن. ونتيجة لذلك، تم إنشاء 18 مصنعًا للسكر في عدة أقاليم في مصر، بدءًا من محافظة بني سويف وحتى محافظة قنا جنوبًا.
وبدأت صناعة السكر في المنيا منذ عدة عقود ، مع تأسيس مصانع لإنتاج السكر من قصب الذي يزرع محليًا تعمل هذه المصانع على تحويل قصب السكر إلى سكر خام وسكر مكرر، مع الإستفادة من التكنولوجيا الحديثة ، لزيادة كفاءة الإنتاج وتقليل الفاقد.
قلعة صناعة السكر بأبوقرقاص جنوب المنيا
ويعد مصنع سكر أبو قرقاص بالمنيا، أحد أعرق مصانع السكر في الشرق الأوسط، حيث أمر الخديوي إسماعيل بإنشائه عام 1871 ضمن 19 مصنعا في البلاد للتوقف عن إستيراد السكر المكرر من الخارج، ويضم العديد من الصناعات التحويلية التي تجعله في صدارة مصانع الصعيد.
ويعمل المصنع بطاقة إنتاجية 110 ألف طن خلال موسمي عصير القصب والبنجر منها 40 ألف طن سكر خلال موسم عصير القصب و70 ألف طن خلال موسم عصير البنجر، ويستقبل المصنع 400 ألف طن قصب خلال موسمه وحوالي 650 ألف طن بنجر .وينتج مصنع «أبوقرقاص»، 6 آلاف طن يومياً، وذلك بعد إنشاء خط إنتاج عملاق للبنجر فى تسعينات القرن الماضى، بينما يعود إنشاء المصنع إلى عام 1871، ويضم أيضاً الكثير من الصناعات التحويلية الأخرى، منها الكحول الإثيلى النقى من المولاس.
وتعد شركة السكر والصناعات التكاملية بابو قرقاص جنوب المنيا، أحد اهم الشركات العملاقة التى تضم أكثر من 7 مصانع مختلفة والمقامة على 84 فدان وبقوة 1600 عامل ومهندس، تنتج السكر والعطور ومستحضرات التجميل وجميع انواع الخمائر ومكسبات الطعم والرائحة والاعلاف والخل الطبيعى والكحول النقى والمولاس والفيناس والعصائر والمربات.
هذا وتسهم هذه الصناعة في توفير فرص عمل لآلاف المواطنين في المنيا، سواء في مراحل الزراعة أو الإنتاج الصناعي ، كما تلعب دورًا مهمًا في تحسين الاقتصاد المحلي، حيث ترتبط بها صناعات أخرى مثل صناعة الأعلاف من بقايا القصب.
صناعة العسل الاسود
كما يشتهر مركز ملوى بانتاجه من محصول قصب السكر يتجاوز المليون طن سنوياً، ويضم نحو 140 عصارة عسل أسود، وهى من ضمن التكتلات الاقتصادية التى تحظى باهتمام برنامج تنمية الصعيد، وفى الجوار من ملوى يقع مركز ديرمواس، وينتج أيضاً كميات كبيرة من قصب السكر تتجاوز النصف مليون طن، ويضم عشرات من عصارات العسل الأسود.
تعتمد صناعة السكر في مصر على محصولين رئيسيين: هما قصب السكر وبنجر السكر. بدأ الاعتماد على محصول القصب في مصر في القرن السابع الميلادي، واستمر الوضع على هذا الحال حتى سبعينيات القرن الماضي. في ذلك الوقت، تزايد الاستهلاك المحلي للسكر بشكل كبير، وبدأ الاستيراد. دفع ذلك الدولة المصرية إلى التوجه لتصنيع السكر من البنجر أيضًا. تبلغ المساحة المنزرعة من محصول القصب في مصر حوالي 275 ألف فدان.
مراحل صناعة السكر
تمر صناعة السكر بسبع مراحل رئيسية بداية من توريد القصب من المزارع إلى المصانع، ثم عصر القصب لاستخلاص العصير، ثم معالجة عصير السكر من خلال التسخين ثم الترشيح، ثم التبخير لزيادة تركيز العصير، ثم الطبخ لبلورة السكر، ثم النفض والتي يتم فيها نفض البلورات عن الأرض، ثم التجفيف والتعبئة والتغليف ليصبح جاهزًا للاستهلاك
هذا ويصل متوسط إنتاج السكر من طن البنجر يصل لـ13% ، أما متوسط إنتاج السكر من طن القصب يصل لـ10.5% هذا من ناحية استخلاص السكر، أما متوسط حجم الإنتاج من فدان البنجر يصل لـ 21 طناً، ومتوسط إنتاج فدان القصب يصل لـ 31 طناً، فضلاً عن الطريقة الحديثة فى زراعة القصب بواسطة الشتلات يصل متوسط إنتاج الفدان لـ 57 طناً.
اكبر مصنع لانتاج السكر فى العالم
وأطلقت مصر أكبر مصنع لإنتاج السكر فى العالم، وبدأت عمليات تشغيل مصنع القناة للسكر بمحافظة المنيا، باستثمارات تصل مليار دولار، ويعد المصنع هو الأكبر من نوعه لصناعة سكر البنجر فى العالم، وينتج 900 ألف طن سنويًا، ويهدف المشروع إلى تنمية واستصلاح 181 ألف فدان من الأراضى الصحراوية باستخدام المياه الجوفية لإنتاج 2.5 مليون طن من بنجر السكر بالسنة ومحاصيل استراتيجية أخرى مثل القمح والذرة والحمص.
يسهم المشروع فى سد 75% من الفجوة بين إنتاج السكر واستهلاكه التى تبلغ حاليا 1.1 مليون طن سنويًا، وسيسهم المشروع فى إحلال واردات بقيمة 900 مليون دولار سنويا، كما أنه سيصدر منتجات ثانوية تصل إلى 120 مليون طن سنويا.
التحديات التى تواجة صناعة السكر
وتواجه صناعة السكر في المنيا، بعض التحديات مثل الحاجة إلى تطوير تقنيات الري ، وتحسين جودة المحاصيل لزيادة الإنتاجية ، و تبني استراتيجيات تسويقية وإنتاجية ، تهدف إلى تعزيز مكانة هذه الصناعة والحفاظ على تنافسيتها.
واستخدام التقنيات الحديث في هذا زراعة قصب السكر للتغلب على مشاكل الزراعة التقليدية، وذلك من خلال ترشيد استخدام الأسمدة والبذور، وسهولة استخدام نظم الري الحديثة لترشيد استخدام المياه، وتيسير تطبيقات الميكنة في الزراعة لتقليل تكاليف الإنتاج والحد من الفاقد الناتج من الحصاد، بالإضافة إلى زيادة الإنتاجية الفدانية من ناحية الكم والنوع الأمر الذي ينعكس على زيادة دخل المزارع و استنباط انواع جديدة من شتلات قصب السكر مع تغير انماط الزراعة من التقليدية إلى الحديثة باستخدام التكنولوجيا الحديثة من أجل زيادة معدلات الانتاجية في الفدان، و انشاء محطات الشتلات وزراعة مساحات كبيرة من قصب السكر وبنجر السكر.