الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

البابا فرنسيس يختتم زيارته الرسولية إلى بلجيكا

ارشيف
ارشيف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 قال البابا فرنسيس في ختام زيارته الرسولية الى بلجيكا اثناء ترأسه القداس الإلهي في استاد الملك بودوان ببروكسيل، اليوم الأحد،: "من كان حجر عثرة لهؤلاء الصغار المؤمنين، فأولى به أن تعلق الرحى في عنقه ويلقى في البحر" بهذه الكلمات التي وجّهها إلى التلاميذ، يحذر يسوع من خطر أن نكون حجر عثرة، أي أن نعرقل مسيرة "الصغار". إنه تحذير قوي وشديد يجب أن نتوقف ونتأمل فيه. أود أن أفعل ذلك معكم، أيضًا في ضوء النصوص المقدسة الأخرى، من خلال ثلاث كلمات رئيسية: الانفتاح، الشركة، والشهادة".

تابع البابا فرنسيس يقول في البداية الانفتاح. تخبرنا عنه القراءة الأولى والإنجيل، وتظهران لنا العمل الحر للروح القدس الذي، في قصة الخروج، يملأ بموهبة النبوءة ليس فقط الشيوخ الذين ذهبوا مع موسى إلى خيمة الموعد، بل أيضًا رجلان كانا قد بقيا في المخيم. 

وهذا الأمر يجعلنا نفكر، لأنه إذا كان غيابهما عن جماعة المختارين قد شكّل حجر عثرة في البداية، أصبح بعد عطية الروح حجر عثرة أن يتمَّ منعهم من القيام بالرسالة التي قبلوها رغم ذلك. وقد فهم ذلك جيدًا موسى، الرجل المتواضع والحكيم، الذي قال بعقل وقلب منفتحين: "لَيتَ جَميعُ أُمَّةِ الرَّبِّ أَنبِياء، يَجْعَلُ الرَّبُّ روحَهُ علَيهم". أمنية رائعة!

أضاف البابا يقول إنها كلمات حكيمة، تسبق ما يقوله المسيح في الإنجيل. هنا يحدث المشهد في كفرناحوم، والتلاميذ بدورهم يريدون أن يمنعوا رجلاً من إخراج الشياطين باسم المعلم، لأنه - كما يقولون - "لا يتبعنا". هكذا يفكرون: "من لا يتبعنا، وليس منا، لا يمكنه أن يصنع المعجزات، وليس له الحق في ذلك". لكن يسوع يفاجئهم - كما هو الحال دائمًا - ويوبخهم، ويدعوهم لكي يذهبوا أبعد من أنماطهم، ولكي لا "يتشكّكوا" من حرية الله، ويقول لهم: "لا تمنعوه... من لم يكن علينا كان معنا".

تابع البابا يقول لنلاحظ بعناية هذين المشهدين، مشهد موسى ويسوع، لأنهما يعنياننا نحن أيضًا ويعنيان حياتنا المسيحية. في الواقع، بالمعمودية، نلنا جميعًا رسالة في الكنيسة. لكنها عطيّة وليست عنوان فخر. إن جماعة المؤمنين ليست دائرة من الأشخاص المميزين، بل هي عائلة من المُخلَّصين، ونحن لم نُرسل لكي نحمل الإنجيل إلى العالم لأجل استحقاقاتنا الخاصة، وإنما بنعمة الله ورحمته وبالثقة التي، على الرغم من كل محدودياتنا وخطايانا، يستمر في وضعها فينا بمحبة أب، ويرى فينا ما لا نستطيع أن نراه بأنفسنا. ولهذا السبب يدعونا ويرسلنا ويرافقنا بصبر يومًا بعد يوم. وهكذا، إذا أردنا أن نتعاون، بمحبة منفتحة ومهتمة، في العمل الحر للروح القدس بدون أن نكون حجر عثرة أو عائقًا أمام أي شخص بادعاءاتنا وقساوتنا، نحتاج إلى أن نقوم برسالتنا بتواضع وامتنان وفرح. لا يجب أن نستاء، بل يجب أن نفرح بحقيقة أن الآخرين يمكنهم أيضًا أن يفعلوا ما نفعله، لكي ينمو ملكوت الله، ولكي نجد أنفسنا جميعًا متحدين، يومًا ما، بين ذراعي الآب.

أضاف يقول وهذا يقودنا إلى الكلمة الثانية: الشركة. ويحدثنا عنها القديس يعقوب في القراءة الثانية بصورتين قويتين: الثروة التي فسدت، وصراخ الحصادين الذي بلغ أذُنَي رب القوات. ويذكرنا هكذا بأن الدرب الوحيد للحياة هو درب العطاء، ودرب الحب الذي يوحِّد في المشاركة. إنَّ درب الأنانية لا يولِّد سوى انغلاقات وجدران وعقبات - "أحجار عثرة" في الواقع - تقيدنا بالأشياء وتبعدنا عن الله وعن الإخوة. إنَّ الأنانية، مثل كل ما يمنع المحبة، هي "حجر عثرة" لأنها تسحق الصغار، وتهين كرامة الأشخاص، وتخنق صرخة الفقراء. 

وهذا الأمر كان صحيحًا في زمن القديس بولس كما هو صحيح بالنسبة لنا اليوم. لنفكر، على سبيل المثال، فيما يحدث عندما تعتمد حياة الأفراد والجماعات فقط على مبادئ المصلحة ومنطق السوق. يُخلق عالم لا يوجد فيه مكان للذين يعيشون في صعوبات، ولا رحمة لمن يخطئ، ولا شفقة تجاه من يتألّم ولا يستطيع المضي قدمًا في الحياة. 

لنفكر فيما يحدث عندما يتشكك الصغار ويتعرضون للاستغلال والإساءة من قبل الذين يجب أن يعتنوا بهم، وفي جراح الألم والعجز لاسيما في الضحايا، ولكن أيضًا في عائلاتهم وفي الجماعة.

 أعود بعقلي وقلبي إلى قصص بعض هؤلاء الصغار الذين التقيتهم أول أمس. سمعتهم، وشعرت بمعاناتهم كأشخاص تعرّضوا للانتهاكات والاستغلال، وأكرر ذلك هنا: في الكنيسة هناك مكان للجميع، ولكننا جميعًا سنُدان، وليس هناك مكان للانتهاكات، ولا لتغطية الانتهاكات، وأطلب من الجميع: لا تستروا على الانتهاكات وأطلب من الأساقفة: لا تستروا على الانتهاكات! يجب محاكمة مرتكبي هذه الانتهاكات ومساعدتهم على الشفاء من مرضهم هذا.

 لا يمكن إخفاء الشر: يجب إظهار الشر إلى العلن، لكي يُعرف، كما فعل بعض الأشخاص الذين تعرضوا للانتهاكات والاستغلال، وبشجاعة. يجب أن يُعرف وأن تتمّ محاكمة مرتكب هذه الانتهاكات سواء كانت علمانية، أو علماني، أو كاهنًا أو أسقفًا: يجب أن تتمّ محاكمته.