أنهى فريق الأمم المتحدة للتحقيق فى جرائم تنظيم داعش الإرهابى "يونيتاد"، مهمته الرسمية فى العراق، الثلاثاء الماضي، وذلك بناء على طلب من الحكومة العراقية التى أعلنت فى وقت سابق عدم رغبتها فى بقاء الفريق، وذلك "لأن الفريق لم يتعاون بنجاح مع السلطات العراقية، وأنه لم يرد على الطلبات المتكررة من الحكومة بشأن مشاركة الأدلة التى تدين التنظيم الإرهابي"؛ وفقا لما أعلنه فرهاد علاء الدين، مستشار رئيس الوزراء للشئون الخارجية بالحكومة العراقية، فى مارس الماضي.
كانت الخطوة التى أعلنتها الحكومة العراقية قد أثارت مخاوف المراقبين لتعزيز مساءلة التنظيم الإرهابي، والتأكيد على محاسبة أفراده وعناصره على تهم بعينها، مثل القتل والتفجير والاغتصاب وغيرها، حيث تظل التهم التى تلاحق عناصر التنظيم هى الانضمام لتنظيم إرهابى فقط، بينما لن تكون هناك طريقة لإثبات التهم على مرتكبيها.
وأصدر الفريق الأممى بيانا موسعا حول عمل الفريق ونتائجه، حيث ركز الفريق على أنه قدم ١٩ تقييما أمنيا، وأنه شارك الأدلة مع السلطات القضائية العراقية، وذلك رغم اتهام الجهات الحكومية العراقية على أن الفريق أحجم عن مشاركة بعض الأدلة التى تدين أفراد التنظيم، خوفا من مواجهة هذه العناصر لعقوبة الإعدام التى لا تقرها الولايات المتحدة الأمريكية.
بيان الفريق الأممي
فى ختام عمله، أعلنت آنا بييرو يوبيس، القائمة بأعمال المستشار الخاص ورئيسة فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة، أن الفريق الأممى قد توقف عن العمل ولم يعد له وجود فى العراق، بعدما عمل الفريق دون كلل لإنهاء الولاية بشكل إيجابى ومنظم، بالتعاون مع السلطات العراقية.
وأضافت: "أعتقد أنّه من المهم أن نتوقف قبل أن ننهى مهمتنا للنظر إلى السنوات الست الماضية، فثمّة العديد من النتائج والإنجازات الملموسة التى يجب تسليط الضوء عليها والتى نأمل أن تستمر فى إفادة العراق وجميع أصحاب المصلحة بعد انتهاء الولاية على أثر العمل الذى تم إنجازه".
نتائج الفريق
وتحدثت رئيسة الفريق فى ختام عملها عن نتائج الفريق، قائلة: أصدر الفريق ١٩ تقييما للقضايا وتقريرا تحليليا، بمئات الصفحات، تُغطّى أفعالا محددة قد ترقى إلى جرائم ضدّ الإنسانية وجرائم حرب وجرائم إبادة جماعية ارتكبها تنظيم داعش ضد المسيحيين والكاكائيين والشبك والشيعة والتركمان والسنة والأيزيديين.
وأكدت أنه قد تمت مشاركة نتائج العمل هذه مع السلطات العراقية المختصة إلى جانب الأدلة الأساسية التى أصدرها فريق التحقيق يونيتاد. وقُدّم موجزا للنتائج الوقائعية والقانونية إلى مجلس الأمن فى شهر يونيو الماضى فى تقريرنا الثانى عشر والأخير، وسيتاح الكثير من هذه المواد للجمهور قريبا على موقعنا الإلكترونى الجديد الذى يعرض فيه إرث الفريق.
ولفتت إلى أنه وُضعت مبادئ توجيهية فى المجالات المتعلقة باستخدام التكنولوجيا والتحقيقات الملمة بالصدمات وتم نشرها على الإنترنت أيضا، وكذلك نتائج بعض مسارات التحقيق، بما فى ذلك التقرير عن تدمير التراث الثقافى والتقرير عن العنف الجنسي.
وأشارت رئيسة الفريق إلى أن نتيجة هذا العمل التحقيقى تستند إلى ملايين الأجزاء من المعلومات التى جمعها الفريق وأنتجها على مر السنين، وتحديدًا المعلومات التى قدمتها السلطات العراقية، لا سيما القضاء العراقي.
جمع الأدلة وحفظها
قالت رئيسة الريق الأممي، إن هذه الملايين من الأجزاء من المعلومات تشكل إنجازًا هامًا آخر للفريق، الذى جمع أرشيفًا للمواد المتعلقة بتنظيم داعش، أرشيف يديره ويحلله الفريق باستخدام أنظمة وأدوات متطورة ويحتوى على معلومات يمكن استخدامها كدليل فى الإجراءات الجنائية المستقبلية.
حيث يتضمن هذا الأرشيف مواد أهمها مقابلات أجراها الفريق مباشرة من الناجين والشهود الذين تقدّموا لسرد رواياتهم من جميع أنحاء العراق. ويشمل أيضًا معلومات أخرى جّمعت من عدّة مصادر والتى أنتجها الفريق أيضًا، مثل تقارير الطب الشرعي.
وأكدت أن الفريق سلّم جزءا مهما من هذا الأرشيف إلى السلطات العراقية وفقًا لوثيقة اختصاصاته، أمّا المحفوظات الأكثر شمولًا، التى تتضمن جميع سجلات الفريق، فإنّها مخزنة الآن بأمان داخل مقرّ الأمم المتحدة على أمل أن يتاح الوصول إليها فى المستقبل لأغراض المساءلة.
وقالت رئيسة الفريق: أود أن أشدد على هذه النقطة، يحتوى أرشيف الفريق على معلومات ذات صلة لأغراض المساءلة، ومعلومات تربط الأعمال التى ارتكبها تنظيم داعش فى العراق بارتكاب جرائم دولية والأفراد المسئولين عن هذه الجرائم.
بناء القدرات
وأوضحت رئيسة الفريق أن فريقها جمع الكثير من المعلومات بالتعاون مع السلطات العراقية، وغالبًا لغرض بناء قدراتها فى مجالات مثل أعمال الحفر والتنقيب عن المقابر الجماعية والرقمنة والأرشفة والطب الشرعى الرقمي.
وتشمل نتائج هذا التعاون حفر ٦٨ مقبرة جماعية ذات صلة بتنظيم داعش وإعادة رفات الضحايا الذين تم تحديد هوياتهم من هذه الحفريات إلى أسرهم، ورقمنة وحفظ ٢٠ مليون سجل ورقى متعلق بتنظيم داعش والحصول على البيانات من عدد كبير من الأجهزة الرقمية (مثل: الأقراص الصلبة والهواتف المحمولة) التى صادرتها السلطات العراقية من تنظيم داعش.
دعم الضحايا
وبخصوص دعم الضحايا، شرحت رئيسة الفريق أن كل عملنا يركز على الضحايا، مدفوعًا بحماية الشهود الخبراء وقدرة الدّعم النفسى والاجتماعي. وقد خدمت هذه القدرة جهودنا فى مجال التحقيق وجمع الأدلة بينما ساعدت أيضًا فى بناء القدرات فى هذا المجال بين السلطات العراقية المختصة والنظراء الآخرين فى العراق من خلال تقديم ورش العمل والدورات التدريبية.
وأضافت أنه لم يكن لأى من النتائج والإنجازات المذكورة أن يتحقق بدون الدّعم الدؤوب من أقسام الأمن والمالية والموارد البشرية وخدمات اللغات ودعم البعثات وإدارة البرامج داخل الفريق، بما فى ذلك أولئك الذين يعملون على تأمين مبانينا، وقيادة المركبات، وأولئك الذين يعملون على تقديم الطعام والحفاظ على صحتنا ومكاتبنا آمنة ونظيفة.
وشددت فى بيانها بأن هذه النتائج ما كانت لتكون ممكنة لولا مساعدة العراقيين الذين جلبوا الخبرة الأساسية للفريق إلى جانب المنظور المحلي. وفى نهاية المطاف، كان نصف الموظفين هم من الموظفين المحليين قبل إنهاء الفريق وتصفيته.
وأخيرا هناك أيضًا تعاون ممتاز من السلطات العراقية، ولا سيما قواتها الأمنية التى سهلت تحركاتنا، فضلًا عن الدعم من كيانات الأمم المتحدة الأخرى فى العراق والخارج.