الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

انفجار الجواسيس الصغار في لبنان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شبكة اتصالات حزب الله هي المرفق الأهم في بنيانه التنظيمي، من أجلها خاض صراعات مريرة منذ 2006 حتى الآن، الحزب لم يتجه في بناء شبكة الاتصالات نحو الأحدث تكنولوجيا، ولكنه قاوم الحداثة التكنولوجية التي تمتلكها إسرائيل بالعودة إلى الأجهزة التي لا تعتمد على الإنترنت في تشغيلها، لذلك كانت شبكة التليفون الأرضي التي يمتلكها حزب الله عصية على الإختراق من العدو الاسرائيلي.
وسمعنا خلال الأسابيع الماضية في كلمة حسن نصرالله الأمين العام للحزب تحذيرا واضحا لأعضاء الحزب من استخدام التليفون المحمول واعتبر المحمول جاسوسا عليهم، بل زاد الحزب من تشدده في هذا الإتجاه بأن أعلن أن أي مقاتل من أعضاء الحزب يتم ضبط تليفون محمول معه يفصل فورا من الحزب، وعالج حزب الله مشكلة تحرك المقاتل وثبات التليفون الأرضي بجهاز معروف قبل اختراع الموبايل اسمه "البيجر" وكان منتشرا في دول الخليج مطلع التسعينات، وهو جهاز صغير له شاشة صغيرة يظهر عليها رقم المتصل مع جرس للتنبيه في حال كنت بعيدا عن التليفون الأرضي، ومن ثم تتحرك نحو التليفون الثابت للتواصل مع من يطلبك. 
البيجر ليس ستايل موحد ولكنه أجيال متعددة، ومن باب الحرص الزائد، قرر الحزب قبل شهرين إبرام صفقة جديدة من الآلاف قطع البيحر وتوزيعها على منتسبيه، وذلك في إطار الإستعداد لأي مفاجآت تصنعها إسرائيل لحزب الله، تحديث أجهزة البيحر بالحزب لا يتم اعتباطا ولكن وفق إجراءات سرية مشددة، وكذلك التعامل مع موردين محل ثقة مطلقة والطبيعي هو أن تقود إيران مثل تلك الصفقات في العلن.
أجهزة البيجر القديمة الخاصة بحزب الله كانت من ماركة "سوني" وسوف نعرف في الساعات القادمة ماركة بيجر الصفقة القاتلة، تلك الصفقة التي تفجرت بشكل متزامن في أيادي المقاتلين لدرجة إصابة حوالي 2800 بينهم عشرات في حالات حرجة، التفجير الذي هز لبنان لا يقل في أهميته وخطورته عن تفجيرات الميناء في لبنان أو خطورة 7 أكتوبر وما فعلته حماس في مستوطنات غلاف غزة.
لذلك جاءت الصدمة والتفسيرات المتنوعة لهذا الحدث الجلل، باعتباره التفجير السيبراني الأقوى في تاريخ الحروب السيبرانية. 
طبعا أصابع الاتهام أشارت بوضوح إلى ضلوع إسرائيل في هذا العملية خاصة أنها تمت في ذات التوقيت الذي كان فيه نتنياهو يجتمع مع كبار القادة العسكريين في إسرائيل، ربما كان ينتظر خبر مصرع حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله وذلك لاستخدامه نفس البيجر الجديد، وهو الأمر الذي لم يحدث حيث أكد أحد قادة حزب الله أن الأمين العام بخير.
هنا نقول أنه برغم تحذير نصرالله من استخدام الموبايل باعتباره جاسوس إلا أنه لسوء الحظ قد استبدله ب الآلاف من الجواسيس الصغار في صورة البيجر بطل الحدث الصادم، وكأن الحزب قد عالج جراحه التي تنزف منذ السابع من أكتوبر والتي أسفرت عن استشهاد ما يقرب من 600 عنصر من منتسبي الحزب على رأسهم القائد العسكري الكبير فؤاد شكر، وكأن الحزب قد عالج جراحه حتى تأتي غزوة البيجر لتزيد الجرح عمقا. 
لن نسبق الأحداث ونخمن عن الثغرة التي دخلت فيها إسرائيل على خط صفقة شراء البيجر، لأن السيناريوهات متنوعة، ولكن المتفق عليه هو أن اختراقا رفيع المستوى قد تم في خط سير الصفقة في رحلة التصنيع أو التوريد والمتفق عليه أيضا أن هذه العملية هي ثمرة تحالف العمل الاستخباراتي مع التقدم التكنولوجي لمشهد نوعية جديدة من الحروب يتم إدارتها من على اللاب توب في الغرف المكيفة بينما يدفع الضحايا الثمن غاليا من دمائهم.