تعد ذكرى مولد حبيبي وشفيعي يوم القيامة، سيدنا وسيد العالمين، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين، هي أعظم حدث في تاريخ البشرية جمعاء، وهذا الكلام لا يختلف عليه اثنان من البشر، فهو صلى الله عليه وسلم أعظم مخلوق على وجه الأرض، وكانت ولادته صلى الله عليه وسلم بمنزلة نور أضاء الكون وأخرج البشرية من الظلمات إلى النور، كما أن ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم في 12 ربيع الأول هو أعظم حدث، فقد كان نموذجًا للبشرية وقدوة حسنة للجميع، وتجسيدا لمعاني الإنسانية السامية والرحمة.
أشكر الله عز وجل على نعمه الكثيرة التي لا تُعد ولا تُحصى، ونشكره على نعمة ميلاد سيدنا محمد خير البشرية والسراج المنير، الذي لولا وجوده ورسالته العظيمة لظلت البشرية تغوص في بحور الظلمات والجهل والضياع، فمولده الشريف نعمة كبيرة لا ينبغي أن نحتفل بها بحلاوة المولد فقط، وإنما لابد أن يكون هذا اليوم عيد، في الذكر لله وقراءة القرآن الكريم وذكر السيرة النبوية ومواقفه الشريفة، وهو عيد للمسلمين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم، ويتم فيه توزيع الأطعمة علي الفقراء وتقديم المساعدات على مستوى الجمهورية والدول المجاورة مثل إخواننا في فلسطين وغزة، مثلما كانت تفعل ولا تزال مصر مع أشقائنا في غزة وأماكن أخرى كثيرة تعرضت لحوادث شتى، على كل حال فهذا اليوم العظيم لا ينبغي أن يمر مرور الكرام علينا وكأنه يوم عادي نشتري فيه الحلاوة ونعطيها لأطفالنا وإنما ينبغي أن نجلس معهم ونعطيهم دروس حول النبي العظيم ورسالته وأخلاقه وسماته وقوته وعظمته وحكمته وبلاغته وسيرته العطرة لكي يتعلموا منها ما ينفعهم في حياتهم.. ونكثر من الصلاة علي النبي وذكر الله وقراءة القرآن الكريم والصلاة المكتوبة في أوقاتها والنوافل وإخراج الصدقات أن أمكن، وحضور مجالس ذكر ومساعدة الفقراء من الأقارب.
فشكر الله على نعمة المولد والرسالة يجب شكر الله تعالى علينا بأن أكرمنا برسوله -صلى الله عليه وسلم- ولا يمكن حصره ولا بلوغه، وإن أولى مقامات هذا الشكر والمحبة هو مقام الامتثال والانقياد لأمر الله -تعالى- وأمر رسوله، واجتناب نواهيه والحذر من معصيته.
كما في قوله تعالي: "قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ".
ونعمة مولد النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تقارنها نعمة. محبة النبي في الكتاب والسنة إنّ محبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصل من أصول الإيمان؛ لأن المحبة القلبية هي أُولى علامات الإقرار والاعتراف بفضل المحبوب ودليل على مكانته في قلب المُحب.
ومن هنا جاء قول الرسول الكريم: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ).
وهذه المحبّة ما هي إلا ردٌّ لبعض الجميل، نقابل به فضلَ رسول -صلى الله عليه وسلم- علينا؛ لأنه بذل من جهده وراحته ما يعجز عنه أصبر الرجال، وحرص على مصير أمته وتبليغها رسالة ربها، قال سبحانه وتعالى-: (لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيهِ ما عَنِتُّم حَريصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحيمٌ).
ولابد في هذا اليوم من التصدُّق والإحسان إلى الفُقراء لعموم جواز هذا الأصل في قوله -تعالى- في مدح عباده المقربين: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا).
توزيع الحلوى وإظهار بعض شعارات الاحتفال بالمولد؛ لاندراجها تحت الدليل العام لتعظيم شعائر الله، والفرح برسوله -صلى الله عليه وسلم.
ولا ننسي إنشاد أشعار المديح والتوقير والمحبة لرسول الله ثبت عن حسان بن ثابت -رضي الله عنه- قال: (مَرَّ عُمَرُ في المَسْجِدِ وحَسَّانُ يُنْشِدُ فَقالَ: كُنْتُ أُنْشِدُ فِيهِ، وفيهِ مَن هو خَيْرٌ مِنْكَ، ثُمَّ التَفَتَ إلى أبِي هُرَيْرَةَ، فَقالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، أسَمِعْتَ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يقولُ: (أجِبْ عَنِّي، اللَّهُمَّ أيِّدْهُ برُوحِ القُدُسِ؟) قالَ: نَعَمْ).
وهناك العديد من الفوائد في إحياء ذكرى مولد النبي -صلى الله عليه وسلم،مثل تثبيت الإيمان وترسيخه في القلوب لقوله -تعالى-: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِن أَنباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ في هـذِهِ الحَقُّ وَمَوعِظَةٌ وَذِكرى لِلمُؤمِنينَ).
فاللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد،حبيبي وشفيعي وافضل عندي من نفسي،وعلى اله وصحبه اجمعين في الاولين وفي الاخرين وفي الملا الاعلي الي يوم الدين.