الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

إخوان الأردن وإخواننا !

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حالة من الغرور والافتتان بالنفس، وتزويرأحداث التاريخ المعاصرة، طغت على أحاديث ممثلى حزب  جبهة العمل الإسلامى، الجناح الأردنى لجماعة الإخوان المسلمين فى الأردن، فى وسائل الإعلام العربية والغربية، بعد فوزهم للمرة الأولى منذ نحو ثلاثين عاما، فى الانتخابات التشريعية بما يقارب ربع البرلمان الأردنى. فقد حصلوا على 31 مقعدا من بين 138 العدد الكلى لمقاعد البرلمان، بزيادة عشرة أعضاء عن برلمان 2020. فمن قائل منهم أن النتيجة أمر متوقع بالنسبة لشعبيتهم داخل الأردن، وفى معظم دول المحيط العربى، ومن قائل أن ماجرى لهم فى دول الربيع العربى خاصة مصر وتونس، هو انقلابات عسكرية ومدنية واستبدادية  على ثورات الربيع العربى، وعلى شرعية حكومات جماعة الإخوان المنتخبة، وغير ذلك من الترهات الإخوانية المعروفة، التى ترفع رايات الإسلام، وتتاجر بمقدساته، لكى تحصى غنائمها من شره مجرب  للجماعة فى بلادنا، لجمع الثروة والاستحواذ على السلطة!
أحاديث  إخوان الأردن بعنجهية وصلف، وتضخيم نجاحهم الانتخابى، يتجاهل الأسباب التى أدت إليه. ومن بين تلك الأسباب أنهم الحزب الأكثر تنظيما فى واقع سياسى مأزوم  ومفتت، ومنافسوه أحزاب صغيرة  بلغت نحو 35 حزبا بعضها حديث العهد، وقليل التمويل  والخبرة، وكثير الضعف والحيلة. وتنتمى  تلك الأحزاب بشكل عام ، إلى العشائر التى تلعب دورا مؤثرا فى الحياة السياسية الأردنية، وإلى تيارات مختلفة من اليسار القومى واليسار المستقل واتجاهات الوسط ، فضلا عن عدد من رجال الأعمال والعسكريين المتقاعدين. كما تتجاهل أنها لاتشكل أغلبية المجلس النيابى، ولا تستطيع سوى ممارسة الشوشرة، وتكديرالأجواء العامة، باختلاق قضايا مفتعلة، كما هو معهود عن دورها فى البرلمانات السابقة.
جرت الانتخابات البرلمانيةالأردنية هذه المرة وفقا للنظام الانتخابى المختلط  ،الذى شارك حزب جماعة الأخوان فى وضعه  . وخفض  النظام الجديد سن الترشح من 30إلى 25 عاما، ورفع عدد مقاعد البرلمان  من 130إلى 138 مقعدا، وقضى بتقسيم الدوائر للمرة الأولى  بين النظام النسبى المغلق للقوائم الحزبية، وبين النظام النسبى المفتوح للقوائم المحلية، وهو ما يجعل الناخب الأردنى يحمل صوتين للقائمتين، أحدهما للحزبية والآخر للمحلية.
ومن بين الأدوار المساهمةفى الوصول إلى تلك النتيجة،أن عدد الناخبين يبلغ نحو 5 ملايين ناخب،من بين نحو أحد عشر مليون نسمة، تصل نسبة من هم من أصول فلسطينية منهم إلى أكثر من 40فى المائة،فضلا عن أن نسبة التصويت لم تتجاوز 34%، بما يعنى أن نحو ثلثى الناخبين قاطعوا صندوق الإقتراع  .وجاءت تلك المقاطعة للتصويت لصالح جبهة العمل،إذ هيأت لها أرضية أفضل لحشد المصوتين، بما تملكه من قدرات تنظيمية، وثراء مالي هائل يساعدها على الانفاق على حملتها الانتخابية بإريحية عالية  .
كما لا يمكن إنكار أن  أن تلك النتيجة كانت رغبة ملكية، تجلت ليس فقط فى الحرص على نزاهة العملية الانتخابية، كما شهدت بذلك الجهات الدولية التى راقبتها، بل هى  تستهدف أيضا تجميع أوراق قوة، لمواجهة الضغوط الدولية والإسرائيلية، التى ترمى إلى تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن،بترحيل الفلسطنيين إلى أراضيه.وجلب من قادوا المظاهرات ضد إسرئيل طوال الشهور الماضية،لداخل البرلمان، هو واحدة من تلك الأوراق،للتصدى لخطة الوطن البديل.وخلال ربع قرن من حكمه  نجح الملك "عبدالله"،فى التعامل مع الآعيب ومرواغات جماعة الإخوان، واستطاع دوما أن  يضبط حركتها ويلزمها الحدود المطلوبة بما يحافظ على  استقرار الأردن السياسى.لكن المؤكد أن تلك النتيجة هى واحدة من نتائج حرب الإبادة الجماعية،التى  تشنها إسرئيل ضد الشعب الفلسطينى فى غزة والضفة الغربية، ويمنحها اليمين الإسرائيلى، خطوة بعد أخرى، أبعادا دينية.
والسؤال الذى ينبغى أن يشغلنا الآن، ماهى الآثار المحتملة لهذا التطور السياسى فى الأردن على الأوضاع فى مصر؟ لا يستطيع أحد أن يتجاهل أنه ينعش خلايا جماعة الإخوان النائمة، سواء فى المجتمع المصرى، أو داخل سلطات الدولة التنفيذية. وهو يبعث برسالة للقوى الغربية الأوروبية والأمريكية، التى خططت بدعم، بات معلنا للتنظيم الدولى لجماعة الإخوان، لتفتيت عدد من دول المنطقة بعواصف ما سمى بالربيع العربى، تنطوى على إغراء  بمعاودة المحاولة. وهو أمر لا يجب الاستهانة به،لاسيما وبقاء الديموقراطيين فى السلطة- وهم فلاسفة الربيع العربى وقادته  - أضحى احتمالا واردا. والضغوط العاتية التى مارستها إدارة بايدن وأذنابها الغربيين على الدولة المصرية لتقبل  بتصفية القضية الفلسطينية وبتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، لم تعد تخفى على أحد.
لهذا، ولغيره، فإن ترتيب الجبهة الداخلية، وتخفيف الضغوط الاقتصادية على أبنائها، لم يعد اختيارا، بل  ضرورة وجودية  لحماية الأمن القومى المصرى، لاتتحمل  أى تململ او أى إرجاء.

أمينة النقاش