تشهد مصر تطورًا ملحوظًا في مجال الأمن السيبراني على مدار السنوات الأخيرة، بفضل جهود الدولة ومبادراتها الشاملة التي تهدف إلى تعزيز الأمن الرقمي على مستوى القطاعات المختلفة، تصدرت مصر الفئة الأولى في المؤشر العالمي للأمن السيبراني لعامي 2023-2024.
وتشير الإحصائيات إلى تقدم مصر الملحوظ في المؤشر العالمي للأمن السيبراني منذ عام 2020، في ذلك العام سجلت مصر 95.48 نقطة في التقييم العالمي، وهو ما وضعها في مكانة متقدمة على مستوى الدول النامية، ومع تلك الجهود المستمرة ارتفعت النقاط إلى 100 نقطة في 2024، مما جعل مصر تحتل الصدارة في الفئة الأولى.
وتعكس تلك النتيجة نجاح السياسات الوطنية والاستراتيجيات و المبادرات التي تبنتها الدولة لضمان حماية الشبكات والمعلومات الوطنية، وكان أهمها:
إنشاء المركز الوطني للاستعداد لطوارئ الحاسبات والشبكات (EG-CERT)
تعتبر مصر من الدول الرائدة في إنشاء مركز متخصص للاستجابة للطوارئ السيبرانية، حيث تأسس المركز الوطني للاستعداد لطوارئ الحاسبات والشبكات (EG-CERT) التابع للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، يلعب هذا المركز دورًا رئيسيًا في حماية البنية التحتية الرقمية الوطنية من التهديدات السيبرانية المتزايدة، حيث يقوم EG-CERT بمراقبة الشبكات وتحليل الهجمات السيبرانية المحتملة، كما يعمل على تقديم الدعم الفني واللوجستي للمؤسسات المختلفة للتصدي للتهديدات الرقمية بشكل فوري، ووفقًا لتقرير نشرته وزارة الاتصالات العام الماضي ان المركز تمكن من التعامل مع آلاف التهديدات السيبرانية خلال العام الماضي، مما عزز مكانة مصر كدولة رائدة في هذا المجال.
الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني (2023-2027)
وتهدف هذة الاستراتيجية الوطنية لتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية، وتطوير التشريعات اللازمة لمواكبة التطورات التكنولوجية، وبناء القدرات الفنية والبشرية لمواجهة التهديدات السيبرانية، كما تشمل الاستراتيجية برامج لتدريب الكوادر الحكومية والخاصة على أحدث التقنيات المستخدمة في مجال الأمن السيبراني، وكذلك رفع الوعي المجتمعي بأهمية حماية البيانات الشخصية والمؤسسية، لتعتمد على رؤية شاملة لتعزيز أمن المعلومات وضمان سلامة النظام الرقمي الوطني.
التعاون الدولي وتطوير التشريعات
تسعى مصر دائما لتعزيز التعاون الدولي في مجال الأمن السيبراني من خلال الشراكات مع دول ومنظمات دولية، ووفقًا لتقارير الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU)هذا العام حصلت مصر على أعلى التقييمات فيما يتعلق بالتعاون مع المنظمات العالمية وتبادل الخبرات والمعلومات في مجال مكافحة الجرائم السيبرانية، هذا التعاون الدولي يأتي بالتوازي مع تطوير التشريعات المحلية التي تهدف لتأمين البيانات والمعلومات الحيوية، وتحديث القوانين المتعلقة بمكافحة الجرائم الإلكترونية، وتشمل هذه التشريعات قوانين حماية البيانات الشخصية، وقوانين مكافحة القرصنة الإلكترونية والهجمات على البنية التحتية. كل هذه الجهود تأتي ضمن إطار عمل عالمي يهدف لتأمين الفضاء السيبراني وتعزيز مرونة الأنظمة الحكومية في مواجهة التهديدات.
بناء القدرات البشرية والتقنية
وذكرت وزارة الاتصالات هذا العام ان مصر تعتبر من الدول التي تولي اهتمامًا كبيرًا لبناء القدرات البشرية والتقنية في مجال الأمن السيبراني، من خلال سلسلة من البرامج التدريبية والمبادرات التعليمية، كما تسعى الدولة لتأهيل كوادر بشرية مؤهلة وقادرة على مواجهة التحديات السيبرانية المعاصرة، كما ذكرت ان المركز الوطني لتأمين المعلومات والحاسبات يُعد أحد الركائز الأساسية في هذا المجال، حيث يقوم بتدريب الموظفين الحكوميين والمختصين في القطاع الخاص على أحدث تقنيات الدفاع السيبراني، كما يعمل على تقديم برامج توعوية للجمهور لتعريفهم بمخاطر الهجمات السيبرانية وأهمية تأمين بياناتهم الشخصية.
تعزيز البنية التحتية السيبرانية وحماية القطاعات الحيوية
ووفقا لتقرير وزارة الاتصالات في 2023 ان مصر تعتمد في رؤيتها للأمن السيبراني على حماية القطاعات الحيوية مثل الطاقة، والنقل، والاتصالات، والخدمات المالية من خلال مشروعات وطنية موسعة تهدف لتأمين هذه القطاعات ضد أي هجمات إلكترونية محتملة، تقوم الدولة بتركيب نظم حماية متقدمة، وتطوير أنظمة مراقبة مستمرة لتحديد أي تهديدات سيبرانية قبل حدوثها، كما تم تأمين أكثر من 95% من البنية التحتية الحيوية في مصر خلال السنوات الثلاث الماضية، مع وجود خطط لتأمين الباقي في المستقبل القريب.
