تناولت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في مقال تحليلي نشر اليوم الثلاثاء، مسألة تباين مواقف الدول الحليفة لأوكرانيا حول مسألة توجيه ضربات ضد أهداف عسكرية داخل الأراضي الروسية.
زيلينسكي يطالب بإزالة القيود على استخدام الأسلحة الغربية
أشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي طالب حلفاء بلاده برفع جميع القيود المفروضة على استخدام الأسلحة الغربية ضد مواقع في روسيا.
هذه المطالبات أثارت انقسامات بين الدول الداعمة لكييف، ففي حين أبدت بريطانيا وفرنسا استعدادًا للسماح لأوكرانيا بتنفيذ هجمات ضد أهداف عسكرية داخل روسيا، تبنت الولايات المتحدة وألمانيا موقفًا معارضًا لهذه الخطوة.
تصاعد الهجمات الروسية يدفع كييف للضغط على حلفائها
تأتي مناشدات زيلينسكي في أعقاب تصعيد روسي عبر شن أكبر غارات صاروخية وهجمات بطائرات بدون طيار على أوكرانيا منذ بدء الحرب في فبراير 2022.
ونتيجة لهذه الهجمات المكثفة، أصبح من أولويات السياسة الدبلوماسية الأوكرانية إقناع واشنطن وعواصم غربية أخرى بالسماح لكييف باستهداف القواعد الجوية والمواقع العسكرية الروسية المستخدمة في شن هجمات على أوكرانيا.
دور الدول الغربية في وقف الهجمات الروسية
أكد زيلينسكي في تصريحاته أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وشركاء آخرين يمتلكون القدرة على مساعدة أوكرانيا في وقف الهجمات الروسية.
هذه التصريحات تأتي في إطار جهود كييف الحثيثة للحصول على دعم أكبر من حلفائها للرد على الهجمات الروسية المتزايدة.
تسليم صواريخ بعيدة المدى لأوكرانيا مع قيود
ذكرت "فاينانشيال تايمز" أن أوكرانيا حصلت على صواريخ يبلغ مداها 300 كيلومتر، ولكن بشروط تمنعها من استهداف مواقع داخل روسيا.
هذه الصواريخ تشمل نسخة مطورة من نظام صواريخ تكتيكي يتم إطلاقه من الأرض والذي قدمته الولايات المتحدة لأوكرانيا في وقت سابق من العام الحالي، بالإضافة إلى صاروخ "ستورم شادو" الفرنسي البريطاني الذي يتم إطلاقه من الطائرات.
رغبة أوكرانيا في صواريخ "تاوروس" الألمانية
تسعى أوكرانيا للحصول على صاروخ "تاوروس" الألماني، الذي يتميز بمدى يصل إلى 500 كيلومتر ورأس حربي أقوى مقارنة بصاروخ "ستورم شادو"، ولكن ألمانيا ترفض حتى الآن توريد هذه الصواريخ لأوكرانيا.
استخدام طائرات "إف-16" لضرب أهداف روسية
كما ترغب أوكرانيا في استخدام طائرات "إف-16" التي حصلت عليها مؤخرًا لضرب مواقع داخل روسيا.
وقد أشار الرئيس الأوكراني زيلينسكي إلى أن بلاده بحاجة إلى القدرة على تنفيذ ضربات بعيدة المدى عبر الحدود لحماية أراضيها من الهجمات الصاروخية الروسية والغارات الجوية الموجهة، وذلك لمنع القوات الروسية من تعزيز مواقعها على خطوط المواجهة الرئيسية.
وتشمل الأهداف المحتملة القواعد الجوية، مراكز القيادة، والقوات المتمركزة.
فعالية الصواريخ الغربية مقارنة بالطائرات بدون طيار
بحسب الصحيفة، نجحت القوات الأوكرانية في تحقيق بعض الإنجازات من خلال استهداف المطارات الروسية، مخازن الأسلحة، ومستودعات الوقود باستخدام طائرات بدون طيار محلية الصنع بمدى يصل إلى ألف كيلومتر، ولكن الصواريخ الغربية تعتبر أسرع وأكثر دقة، كما أنها أصعب على الاعتراض وقادرة على حمل حمولات أكبر بكثير من الطائرات بدون طيار.
مخاوف الحلفاء من التصعيد مع روسيا
تطرقت الصحيفة البريطانية إلى الأسباب التي تجعل حلفاء أوكرانيا يترددون في السماح لها باستهداف مواقع داخل العمق الروسي، حيث أبدى كل من الرئيس الأمريكي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتز قلقهما من احتمالية تصعيد النزاع في حال استخدمت كييف الأسلحة الغربية لضرب روسيا.
المواقف المتشددة تجاه استخدام الأسلحة الغربية
أوكرانيا وحلفاؤها الأكثر تشددًا يعتقدون أن الولايات المتحدة وألمانيا كثيرًا ما تستخدمان خطر استفزاز روسيا كحجة لتبرير عدم تزويد أوكرانيا بأسلحة دقيقة وصواريخ طويلة المدى، وكذلك الدبابات والطائرات الحربية.
وفي هذا السياق، صرحت نائبة المتحدث باسم البنتاغون سابرينا سينج أن القلق من التصعيد ما زال قائمًا، وأن عدم رد روسيا في الوقت الحالي لا يعني أنها لن ترد في المستقبل.
الجدل حول صواريخ "ستورم شادو" البريطانية
تواصل لندن منذ عدة أشهر الضغط على واشنطن بضرورة السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ "ستورم شادو" البريطانية لضرب أهداف داخل روسيا.
وشددت الحكومة البريطانية على أهمية الوصول إلى توافق بين الحلفاء الغربيين حول هذه المسألة الحساسة، مؤكدة أن العمل يجب أن يكون جماعيًا.
دعم فرنسا للضربات الأوكرانية المحدودة
في مايو الماضي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تأييده لاستهداف أوكرانيا لمواقع عسكرية روسية باستخدام الصواريخ الفرنسية.
وأوضح أن السماح لأوكرانيا بضرب المواقع العسكرية الروسية التي تستهدفها أمر ضروري، مع التأكيد على عدم السماح لها بضرب أهداف أو منشآت مدنية أخرى.
احتمال السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ طويلة المدى
أشارت الصحيفة البريطانية إلى وجود احتمال كبير بالسماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى داخل روسيا، ففي مرات سابقة، اتخذت بريطانيا وفرنسا زمام المبادرة عندما كانت الولايات المتحدة مترددة، حيث كانتا أول من قدم دبابات غربية لأوكرانيا وزودتاها بصواريخ كروز العام الماضي.
دعم بريطانيا لاستهداف القوات الروسية في القرم
اتخذت بريطانيا خطوة منفردة بالسماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ "ستورم شادو" لضرب السفن والمنشآت البحرية الروسية في شبه جزيرة القرم.
ومع ذلك، قامت واشنطن مؤخرًا بتغيير موقفها فيما يخص استهداف مواقع روسية داخل روسيا نفسها، خاصة بعد هجوم القوات الروسية على منطقة خاركيف.
وفي هذا السياق، اشتكت أوكرانيا من القيود المفروضة عليها فيما يتعلق باستخدام الأسلحة الغربية لضرب القوات الروسية أو مراكز القيادة والسيطرة على الجانب الروسي من الحدود، مما دفع الولايات المتحدة لتعديل سياستها والسماح بضرب أهداف قريبة من الحدود تستخدم لدعم الهجمات الروسية.
استخدام أوكرانيا للأسلحة الغربية في الهجوم على روسيا
وخلال التوغل الأوكراني الأخير في منطقة كورسك غرب روسيا، استخدمت القوات الأوكرانية صواريخ "هيمارس" الأمريكية الموجهة بدقة والمدرعات الغربية. وشملت هذه العملية أيضًا استخدام مركبات قتالية ألمانية، أمريكية، وبريطانية.
وأكدت كل من برلين وواشنطن أن استخدام هذه المعدات الغربية تم وفقًا للشروط المتفق عليها مسبقًا.