تسبب الصراع بين إيران ووكلائها من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، في تأجيل الإعلان عن موعد انتهاء مهمة التحالف الدولي في العراق، حيث ساهمت التطورات في إصرار واشنطن على عدم الانسحاب حتى لا يفسر بالهزيمة أمام إيران والفصائل المرتبطة بها، وفق ما قاله خبراء عسكريون واستراتيجيون عراقيون في تصريحات خاصة. وأعلنت وزارة الخارجية العراقية مؤخرا تأجيل موعد إعلان انتهاء مهمة التحالف الدولي، الذى تقوده الولايات المتحدة في البلاد، بسبب ما وصفتها بالتطورات الأخيرة، والتي لم تحددها.
ووفق بيان الخارجية العراقية، فإن اللجنة العسكرية العليا الأمريكية العراقية التي تضم مسئولين من البلدين ناقشت تفاصيل سحب المستشارين من المواقع العسكرية.
وبحسب البيان: «فقد ركزت أعمال اللجنة خلال الأشهر الماضية على تقييم خطر تنظيم داعش بهدف الوصول إلى موعد نهائي لإنهاء المهمة العسكرية لعملية العزم الصلب».
وأضاف البيان: «على هذا الأساس سيتم إنهاء وجود مستشاري التحالف الدولي بكل جنسياتهم على أرض العراق وشملت هذه النقاشات تفاصيل تراتبية انسحاب المستشارين من المواقع».
وفى أول رد من وكلاء إيران في العراق؛ أعلنت فصائل عراقية انتهاء الهدنة مع القوات العسكرية الأمريكية، متهمة الولايات المتحدة بالمماطلة في الانسحاب من العراق، مؤكدة أن جميع الخيارات متاحة لديها لاستهداف الوجود العسكري الأمريكي داخل البلاد. وتسعى الحكومة العراقية إلى التهدئة بين الفصائل والقوات الأمريكية الموجودة في العراق، حيث قالت الخارجية العراقية إنها نجحت بإيقاف هجوم أمريكي ضد الفصائل العراقية ردًا على هجوم هذه الفصائل الأخير على قاعدة عين الأسد الجوية غرب البلاد. وقال تقرير صادر عن مستشارية الأمن القومي العراقي برئاسة قاسم الأعرجي. تقرير مهم جدًا أشار بوضوح إلى أن هذه المواجهة بين الفصائل العراقية والقوات الأمريكية محكومة بثلاثة عوامل: الأول يتعلق بتواجد القوات الأمريكية في العراق، يعنى أن هذه الفصائل تعتبر القوات الأمريكية قوات احتلال، وبالتالي هناك دائما هناك احتمال استمرار الهجمات ضد القوات الأمريكية. ووفق التقرير فإن العامل الثاني يتعلق بحرب غزة وتداعياتها والصراع الموجود حاليا بين إيران وحزب الله اللبناني من جهة وإسرائيل من جهة ثانية، أما العامل الثالث المهم جدًا الذى أشار إليه تقرير مستشارية الأمن القومي العراقي فيقول إن هناك تنافسًا أو خلافًا داخل هيئة الحشد الشعبي التي تضم فصائل شيعية مسلحة بينها فصائل المقاومة الإسلامية العراقية. هناك تنافس بين أن تتولى شخصية عسكرية قيادة هيئة الحشد أو أن تبقى تحت قيادة شخصية سياسية، وحاليا فالح الفياض هو شخصية سياسية.
حماية إسرائيل من الرد الإيراني
الخبير العسكري العراقي اللواء ماجد القيسي، رئيس برنامج الأمن والدفاع بمركز صنع السياسات الدولية، قال في تصريحات خاصة، إن التطورات الأخيرة بين إيران ووكلائها وإسرائيل ساهمت في إصرار واشنطن على عدم الانسحاب من العراق. وبحسب «القيسي»، فإن إصرار واشنطن على بقاء التحالف ضمن أهدافه الحفاظ على أمن إسرائيل، حيث إن وجود مثل هذه القواعد لها دور فى حماية إسرائيل مثلما حدث في شهر أبريل الماضي عندما تصدت أمريكا وحلفاؤها للصواريخ الإيرانية والمسيرات، وهى تحاول أيضًا حماية تل أبيب من الرد الإيراني المرتقب.
وأشار الخبير العسكري العراقي، إلى أن واشنطن أيضًا لا تريد تكرار سيناريو أفغانستان بالانسحاب أو الظهور في مظهر الهزيمة من قبل فصائل مسلحة، حيث إن الانسحاب الأمريكي الآن قد يفسر بأنه نصر لإيران والفصائل، وهو الأمر الذى يؤثر بالطبع على الانتخابات الأمريكية المرتقبة. وعن قدرة قوات التحالف على تحييد الجبهة العراقية فى ظل الصراع الحالى يرى «القيسي»، أن الفصائل المسلحة العراقية ترتبط بإيران وهى التى تقوم بإدارتها، لكن الانسحاب فى الوقت الحالى يعنى زيادة نفوذ إيران، كما أن العراق ما زال بحاجة إلى وجود التحالف الدولى والقيام بمهام التدريب والتسليح والتجهيز والدعم الاستخباراتي، إضافة إلى المصالح الأمريكية التى تتمثل فى الطاقة وتدفقاتها.
ووفق رئيس برنامج الأمن والدفاع بمركز صنع السياسات الدولية، فإن واشنطن كانت واضحة بأن جميع المفاوضات قبل ٣ سنوات مع بغداد لم تتطرق للانسحاب من العراق، وواشنطن لم تغير موقفها وأكدت أنها مفاوضات لترتيب شراكة أمنية جديدة وليس انسحابا.
الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي، الدكتور علاء النشوع، قال في تصريحات خاصة، إن الممارسات الإيرانية في المنطقة سواء أعمال عسكرية وسياسية ساهمت ف شرعنة بقاء التحالف؛ مشيرًا إلى أن هذه الممارسات ضمن قواعد اللعبة فهي من تقوم بالفوضى برعاية أمريكية سواء أكان بقصد أو دون قصد فكل قواعد اللعبة وخيوطها بيد الولايات المتحدة.
ووفق «النشوع» فإن إيران في حقيقتها لا تريد أي مواجهة مع أمريكا وإسرائيل بقدر ما تحققه هي من إنجازات لنفسها على حساب المنطقة وشعوبها التي خسرت قدرات المواجهة مع إيران، مما جعل أمريكا تحقق ما تريده في استراتيجيتها في الشرق الأوسط وهي المحافظة على أمن إسرائيل والسيطرة على كل مقدرات المنطقة.
واعتبر الخبير الاستراتيجي العراقي، أن وكلاء إيران في العراق في ورطة أمنية وعسكرية بعد التصعيد الأخير لها مع الأمريكان وما حدث في عين الأسد فكثير من قادة الفصائل أدركوا أنهم أصبحوا أهدافا مباشرة للأمريكان، وأن إيران لا يمكن لها أن تؤمن حمايتهم وخاصة بعد اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران.
ووفق الخبير العسكري العراقي فإن الدعوة لإخراج التحالف الدولي أصبحت عبارة عن مزيدات سياسية لبعض الشخصيات السياسية التي تتحكم بالقرار السياسىي وخاصة الموالية لإيران ولها أجنحة عسكرية مدعومة منها.
كما أن حكومة الكاظمي وحكومة السوداني قد تعرضت لمواقف محرجة بسبب بعض القوى السياسية الموالية لإيران وترتفع وتيرة التهديدات كلما زاد الصراع ما بين واشنطن وطهران.