الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

حوادث وقضايا

مأساة بشارع العشرين.. حكاية مقتل "اليتيم" على يد شقيقين بسبب خلافات الجيرة

الضحية
الضحية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عاش "محمد سعيد حافظ"، شاب في مقتبل العمر، حياة مليئة بالتحديات منذ نعومة أظافره، فقد والده وهو صغير، ووجد نفسه مضطرًا لتحمل أعباء أكبر من سنه، كبر محمد بين شوارع الحي الشعبي بمنطقة بولاق الدكرور، وبالتحديد في شارع العشرين المتفرع من شارع الملك فيصل في محافظة الجيزة، رغم قسوة الحياة، كان محمد يسعى جاهدًا لأن يكون الشخص الذي يعتمد عليه الجميع، ملهمًا بحب جيرانه ومعروفًا بهدوئه وحسن تعامله.

كان محمد، رغم ظروفه الصعبة، محبوبًا في منطقته، عرفه الناس بشخصيته الودودة، دائمًا حاضر لمد يد العون، حريصًا على نشر السلم والألفة بين جيرانه، لم يكن ممن يسعون وراء المشاحنات، بل كان دائمًا يحاول تهدئة النفوس المتوترة من حوله.

 

اللحظات الأخيرة

في يوم من الأيام، بينما كان محمد يتجول كعادته في شارع العشرين، شهد موقفًا غير مألوف، حيث رأي "عمر م ا"، المعروف ب"الليبي"، شابا من نفس المنطقة، كان غارقًا في موجة من الغضب، يسب ويشتم كل من يمر أمامه، تصرفاته العنيفة أزعجت المارة، ولكن لم يجرؤ أحد على التدخل.

رأى محمد الموقف وأحس بواجبه في محاولة تهدئة ذلك الثائر حيث اقترب منه وبدأ محادثته بلطف لكن عمر، بدلاً من أن يستمع إليه انهال عليه بالسباب، حاول محمد مرة أخرى تهدئة الأمور، إلا أن عمر لم يتحمل ذلك، فأمسك بحجر خرساني وضرب به محمد على رأسه، مسببًا له جرحًا عميقًا.

 

عنف بلا مبرر

نزف محمد، لكنه لم يستسلم، محاولًا الدفاع عن نفسه. لم يكن يعلم أن هذا التدخل البسيط سيشعل نار الغضب في قلب عمر، الذي قرر أن يطلب دعمًا من أخيه "ناصر"، الشهير ب"السماك" نزل ناصر إلى الشارع حاملاً عصا خشبية مليئة بالمسامير، وعلى وجهه تعبير يملؤه الحقد.

لم يرحم السماك ضحيته "محمد" وجه إليه عدة ضربات قاسية على رأسه بالعصا حتى تحطمت العصا من شدة الضرب، سقط "محمد" على الأرض، فاقدًا للوعي تقريبًا، لكن هذا لم يكن كافيًا لإطفاء غضب الأخوين لم يكن أمامهما سوى مواصلة الجريمة.

قام بالامساك بضحيتهما وسحبه أمام سوبر ماركت قريب، أمام أعين المارة الذين تجمدوا من الخوف، كان الجو مليئًا بالصمت المرعب، لم يكتفوا بما فعلوه، بل أمسكا أسلحة بيضاء سكاكين من جزار قريب وبدآ في طعن المجني عليه بجنون، تجاوز عدد الطعنات الـ48 طعنة، كل واحدة منها أكثر وحشية من سابقتها، وكأنهما كانا يفرغان كل غضبهما في جسد ذلك المسكين.

صرخات في الظلام

محمد كان مستلقيًا، ودماؤه تسيل، وصوته يضعف شيئًا فشيئًا، يصارع الموت، لكنه استمر في محاولة طلب النجدة، كانت كلماته الأخيرة صدى مؤلمًا في الشارع المهجور من كل رحمة لكن "الشقيقين" لم يباليا، بل استمرا في طعنه بلا شفقة، حتى تأكدا من مفارقته للحياة.

تركا محمد جثة هامدة على الأرض، وسط الشارع، ثم غادرا وكأن شيئًا لم يحدث، لم يجرؤ أحد من الجيران على الاقتراب من جسده إلا بعد مرور دقائق طويلة، حين كان الوقت قد فات لإنقاذه، رحل محمد عن هذا العالم، تاركًا وراءه أمًا ثكلى وجيرانًا مليئين بالذنب والعار.

نهاية مأساوية

حياة محمد سعيد حافظ، التي كانت مليئة بالأمل رغم كل الصعاب، انتهت بشكل مأساوي وغير متوقع  لم يكن فقط ضحية لأيدٍ مجرمة، بل كان أيضًا ضحية لصمت أهالي الشارع الذين لم يتحرك لإنقاذه. رحل محمد، لكن قصته ستظل باقية وسط أهليته وعشيرته.

البداية بتلقي المقدم أحمد عصام رئيس مباحث قسم شرطة بولاق الدكرور بمديرية أمن الجيزة إشارة من غرفة عمليات النجدة مفادها نشوب مشاجرة ووجود قتيل بشارع العشرين المتفرع من شارع الملك فيصل بدائرة القسم.

وعلي الفور انتقلت الأجهزة الأمنية إلي محل البلاغ، وبالفحص تبين قيام شقيقين يدعيان "عمر" وشهرته الليبي، و"ناصر" وشهرته السماك، بالتعدي بالضرب على المجني عليه "محمد سعيد حافظ" 25 سنة، حتي لفظ أنفاسه الأخيرة بسبب خلافات بين الطرفين، جري نقل الجثة إلي ثلاجة المستشفي تحت تصرف النيابة العامة.

وعقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن مسبق من النيابة العامة أمكن ضبط المتهمين واقتيادهما إلي ديوان القسم وتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة.

وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات والتي أمرت بانتداب طبيب شرعي لتشريح جثة المجني عليه وإعداد تقرير وافٍ عن كيفية وأسباب الوفاة وصرحت بالدفن عقب بيان الصفة التشريحة لها وتسليم الجثمان لذويه لاستكمال إجراءات الدفن.

وأمرت النيابة بحبس المتهمين 4 أيام احتياطيا على ذمة التحقيقات واصطحب فريقا من النيابة العامة المتهمين إلي مسرح الجريمة لإجراء معاينة تصويرية وتمثيل جريمتهما وطلبت النيابة تحريات المباحث التكميلية حول الواقعة ولا تزال التحقيقات مستمرة.