في عالم يتسم بسرعة التغيير والصدف الغريبة، تأتي قصة الموظف البسيط "حسن سيد حسن"، الرجل الذي عاش حياة هادئة على المعاش، لتثبت أن المفاجآت الجميلة قد تأتي من أبسط الأمور، فقد عاش حياته بعيدا عن الأضواء، لم يكن يتخيل أن صورة عادية سينشرها نجله على مواقع التواصل الاجتماعي ستغير مسار حياته بشكل غير متوقع.
بدأت القصة عندما نشر الشاب "حسام" صورة لوالده يهنئه بعيد ميلاده عبر حسابه الشخصي بموقع "فيسبوك"، وقد لفتت الصورة انتباه العديد من المتابعين بأنه يوجد شبه بين والده وبين زعيم الأمة الراحل "سعد زغلول" ولكنه لم يكترث لهذه التعليقات كثيرًا وقد مرت عليه مرور الكرام كتعليقات مرحة بينه وبين أصدقائه، ولكن المفاجأة الأكبر كانت في تصرف أحد المتابعين، الذي لاحظ التشابه الكبير بين "حسن سيد حسن" وبين الزعيم التاريخي سعد زغلول، وبعثها إلى مساعد المخرج "مروان حامد"، منذ أربع سنوات، والذي كان يبحث حينها عن شبيه يؤدى دورا صغيرا لـ"زغلول" في فيلم "كيرة والجن"، ووقع اختياره على ذلك الموظف المتقاعد حيث إنه لم يكن هذا التشابه مجرد ملاحظة عابرة؛ بل أصبح نقطة تحول في حياته.
ويروي "حسام" للبوابة، أن الصدفة لم تنتهِ هنا فقط، فقد نجح الدور الثاني لوالده ولاقى استحسان النقاد والمخرجين والجمهور على حد سواء، بعدما كان إقناعه بالتمثيل أمر شبه مستحيل فيقول إن والده قد رفض بشدة في البداية، مؤكدًا أنه يحب الهدوء والبساطة والبعد عن حياة الصخب والأضواء حتى وإن كان الدور ثانويًا، مضيفا تعليقًا طريفًا لوالده، أنه لم يكن يعف طبيعة السوشيال ميديا أو انتشار الصورة وصرح حينها لنجله "تطلع إيه السوشيال دي"، فقد اعتاد والده طيلة سنوات عمله أن يستقيظ متوجهًا إلى عمله ويعود لمنزله ويعيش على راتبه الشهري فقط، ولم يلاحظ الشبه بينه وبين سعد زغلول، مؤكدًا أنه لم يتلقى طيلة حياته تعليقات على هذا الأمر إلا مرات قليلة تكاد تحصى على أصابع اليد الواحدة، ولكنه أضاف أنه ربما الملابس الرسمية والطربوش والشارب وزوايا التصوير وتقنيات الكاميرات الحديثة قد أبرزت هذا الشبه بشدة مؤخرًا.
وللمرة الثانية، فقد وقع الاختيار على شبيه سعد زغلول للقيام ببطولة فيلم يحكي قصة الزعيم الراحل، ضمن الجزء الثاني من السلسلة الوثائقية التي تسمى "الأعيان"، والتي ينتجها قطاع الإنتاج الوثائقي في الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وتوثق سيرة رجال قد أحدثوا تأثيرًا عظيمًا في المجتمع المصري في النصف الأول من القرن العشرين، على الصعيد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، كما تلقي السلسلة الوثائقية الضوء على واقع الحياة المصرية آنذاك ومعالمها على كافة الأصعدة، من خلال شهادات تاريخية موثقة تظهر للمرة الأولى إلى الجمهور، ومن خلال دمجها بمشاهد درامية لتعزيزها وقد أنتجت خصيصًا لهذه السلسلة، كما أن قرار إنتاج جزء ثانٍ من تلك السلسلة الوثائقية قد أتى بعد نجاح الأولى واستحسان الجمهور لها بفضل تقديمها في شكل مزيج بين الشهادات التاريخية واللقطات النادرة والمشاهد الدرامية.
وأضاف "سيد حسن" أنه في لحظة غير متوقعة، قد وجد نفسه في قلب عالم الأضواء والشهرة، بعدما أدهش المخرجين بتشابه لافت بينه وبين الزعيم سعد زغلول، مؤكدًا أنه كان يعيش حياة تقاعدية خالية من التعقيدات، لكن القدر كان له رأي آخر، وجاءت الفرصة في شكل عرض فني نادر، عندما اكتشف المخرجون الشبه الكبير بين سيد حسن وسعد زغلول، قرروا التواصل معه وعرض فرصة فريدة لتجسيد شخصية الزعيم في فيلم سينمائي، رغم أنه لم يسبق له أن خاض تجربة التمثيل، ولكنه وافق على التحدي، مؤكدًا عدم نيته لتقديم أدوار أخرى أو المضي قدمًا في عالم الفن، وأنه يعتبر أن تلك التجربة هي محطة عابرة في حياته ورحلة مميزة ولكنها مؤقتة حيث يفضل عالم الهدوء والراحة بعد سنوات العمل والشقاء، ولكنه أوضح أن تلك الصدفة هي تذكير جميل للجميع بأن الحياة مليئة بالفرص التي قد تبدو عادية ولكنها تحمل في طياتها إمكانيات هائلة، ومن خلال المثابرة واستعداد القبول بالتحديات، يمكن لأي شخص أن يجد نفسه في مسار جديد ومثير، حتى وإن بدا في البداية غير متوقع.
