شهدت الصومال في الفترة الأخيرة عمليات عنف وارهاب بشكل كبير بسبب انتشار الأسلحة الغير مرخصة في البلاد، ولهذا السبب اتخذت الحكومة عدة إجراءات هدفها مكافحة انتشار السلاح غير المرخص في، والذي يستخدم في جرائم ومواجهات تشهدها البلاد.
وكان قد أعلن مجلس الأمن القومي الصومالي، نهاية يوليو الماضي، فرض حظر شامل على تجارة الأسلحة وتهريبها في الصومال، وذلك لأول مرة بعد اندلاع الحرب الأهلية، منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي.
وجاء قرار الحظر الحكومي بعد ضبط أسلحة مهربة منتصف يوليو الماضي، في منطقة شيل مدو بإقليم غلغدود بالقرب من الحدود الإثيوبية.
وبحسب خبراء صوماليين فإن هدف هذا القانون حصر السلاح ليكون بيد السلطة الصومالية فقط، وتفاديًا لأي ضغوط دولية وأممية على الحكومة بسبب فشلها في ضبط السلاح المنفلت، وايضا حفاظًا على إنجازاتها السياسية.
وهذا القرار يهدف إلى منع سقوط أسلحة الجيش وذخائره ومواد تصنيع القنابل في أيدي حركة الشباب الصومالية المرتبطة بتنظيم القاعدة.
كما شدد بيان مجلس الأمن القومي الصومالي، منتصف يوليو الماضي، على أهمية تنفيذ قوانين صارمة لمراقبة الأسلحة والذخائر في الصومال.
وأشار، إلى أن النجاح في رفع حظر الأسلحة كان يعتمد أساسًا على المراقبة الفعالة لإدارة الإمدادات العسكرية والأسلحة لقوات الأمن الوطنية الصومالية.
تهريب السلاح
في يوم 18 يوليو الماضي، شهدت منطقة شيل مدو المتاخمة للحدود الإثيوبية، مواجهات عنيفة للغاية بين القوات الحكومية، التي ضبطت سيارتين كانتا تنقلان أسلحة غير مشروعة عبرتا الحدود الإثيوبية، وبين مليشيات قبلية كانت تحاول نهب الأسلحة.
وأدت حينها تلك المواجهات إلى مقتل ما يقرب من 12 شخصًا، بينهم عناصر في القوات الحكومية.
و عقب هذه الواقعة شكل رئيس البرلمان الصومالي، أحمد مدوبي، لجنة برلمانية لتقصي الحقائق عن حادثة محاولة نهب الأسلحة المهربة، للوقوف عن كثب على حقيقة الجهات المتورطة فيها.
وتباينت حينها آراء النواب في جلسة النقاش، الأسبوع الماضي، حول موضوع الأسلحة المهربة التي ضبطتها الأجهزة الأمنية الصومالية في إقليم غلغدود، فهناك من رأى أنها أكبر محاولة من السلطات الإثيوبية لتهريب الأسلحة إلى عمق الصومال لضرب أمنه واستقراره، مع تأجيج الصراعات القبلية، وهناك من اعتبرها محاولة حكومية فاشلة لممارسة ضغط على بعض رؤساء الولايات الفيدرالية لإطاحتهم قبل الانتخابات المحلية القادمة.
و للرد على ذلك يقول النائب الصومالي عبد الرحمن محمد، في تصريحات إعلامية، إن الأسلحة المهربة الآتية من إثيوبيا تشكل أكبر محاولة إثيوبية لضرب أمن البلاد وتأجيج الصراعات القبلية فيها والتي تجددت في الصومال.
وأوضح، أنها تقوم بذلك لإشغال الحكومة الحالية في خلافات وصراعات داخلية وصرف انتباهها عن الأزمة العالقة بين البلدين.
واضاف، أن الحكومة الصومالية تدرك ما تدبره أديس أبابا ضد مقديشو من خطط وسياسات، ولذلك السلطات الأمنية مستعدة للتعامل فيما يخص الأسلحة المهربة عبر حدود البلاد، ولذلك فرضت إجراءات صارمة ضد المتورطين في تهريب الأسلحة.
الحكومة متورطة
فيما اعتبر النائب في مجلس الشعب، يوسف حسن أحمد، إن الحكومة الصومالية متورطة في هذا الأمر، لأنها لم تنشر معلومات صحيحة وكافية بشأن ملكية الأسلحة المهربة.
واعتبرها في تقرير له على مركز أبحاث مقديشو للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أن الحكومة متورطة في توريد تلك الأسلحة وبطريقة غير قانونية، وأنها تسعى لاستخدامها ضد الولايات الفيدرالية والسياسيين المعارضين لها خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة في بعض الولايات، لكنها فشلت في تحقيق ما تسعى إليه
غياب الثقة
وفي السياق ذاته قلل محللون سياسيون صوماليين، من قرار فرض حظر شامل على تجارة الأسلحة وتهريبها داخل البلاد.
معتبرين قرار فرض حظر شامل على تجارة الأسلحة ربما طرحته الحكومة قبل أن يحين أوانه، لان هناك عوامل كثيرة تعيق تنفيذه على أرض الواقع، مثل تعدد نظام السلطة في البلاد وضعف المؤسسات الأمنية، إلى جانب محدودية نفوذ الحكومة الفيدرالية في محيط العاصمة مقديشو.
معتبرين قرار فرض حظر شامل على تجارة السلاح في الصومال يعاني منذ عقود من الانفلات الأمني وانتشار الأسلحة، قد لا يؤدي إلى نتائج ملموسة، لذلك القرار لا يحتاج إلى استعجال، ويتطلب خطة حكومية مدروسة وسلطة قوية لمواجهة تجار الأسلحة.