الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

حتى لا تتحول قصور الثقافة لـ"التجربة الدنماركية".. الأقاليم حائرة بين التطوير ونشر الوعي وسوء الإدارة والإهمال

الهيئة العامة لقصور
الهيئة العامة لقصور الثقافة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عندما فكّر الأديب الكبير أمين الخولي في أن يتعلم كل المصريين ويحصلّوا المعرفة من خلال "الثقافة الجامعة"، كان يهدف لإيصال المعرفة إلى عامة الشعب بالتعليم. وعبر وزارة المعارف -المعروفة الآن بـ "وزارة التربية والتعليم"- كانت لديه فرصة للانتشار في كافة ربوع المحافظات، والعمل على زيادة حصيلة الشباب والأطفال بالمعرفة والتذوق من الفنون المختلفة في الأدب والشعر وحتى الرياضة، الأمر الذي خلق إيقاظًا للوعي، وصنع حراكًا نقل جميع أنواع النشاط الثقافي والفني في قرى ومدن ومحافظات مصر.
مع الوقت والتجربة، كانت الأهداف التي وضعت وأقيمت من خلالها الثقافة الجامعة تحتاج إلى تطوير، وكذلك عقليات تستطيع تنفيذها واستيعابها جيدًا حتى يتحقق الهدف المنشود. ومع تتابع الأحداث، كان مؤشر الثقافة الجامعة في صعود مع مطلع القرن الماضي نتيجة لانجذاب الطبقات المختلفة من الشعب وتفاعلهم مع الفكرة والأنشطة؛ وكانت الظروف وقتها تساعد على ذلك، وكذلك القائمين على الأمر، والذين اهتموا بقضية تثقيف المواطنين، فكانت تلك الفترة هي المرحلة الأولى لما يمكن أن يُطلق عليه فيما بعد "قصور الثقافة" والتي كانت نبتة طيبة نبتت وترعرعت في زمن لاحق.
وفي عام 1958 كان تثقيف العامة في طريقه إلى القمة، عندما تأسست وزارة الثقافة للمرة الأولى، ليتولى رئاستها الدكتور ثروت عكاشة، ويضع رؤيته في الثقافة الجامعة، فكان أول قراراته بتحويل الثقافة الجامعة إلى مسمى جديد بعنوان "الثقافة الجماهيرية" -والتي صارت في عام 1989 "هيئة قصور الثقافة"- ليحدد مفهوم مضمونها الأساسي، وهو نشر الثقافة بين المواطنين، وكانت له بصمات كبيرة في تطوير الثقافة الجماهيرية، ليرى جموع الشعب تأثير الثقافة الجماهيرية، ودورها البارز في المجتمع وقتها.
ومن القاهرة العريقة إلى أسوان الساحرة، ومن عروسَ البحرِ المتوسطِ إلى الأقصرِ عاصمة الإمبراطورية المصرية القديمة، انتشرت قصور الثقافة كمنارات تضيء دروب المعرفة، وتشعل شمعةَ الإبداع في قلوب كل المصريين.
الآن، وبعد ما يقرب من قرن من السعي إلى نشر الثقافة في المحافظات، تغيرت فيها عشرات الإدارات ومئات القيادات وآلاف الموظفين، ومع تقدم التكنولوجيا ووسائل الاتصال، لن تجد في الجيل الحالي، الجيل Z، من يعرف عن "قصور الثقافة"، ربما الأكثر معرفة من هؤلاء سوف يتذكر لافتة تحمل الاسم قد لمحها في معرض القاهرة للكتاب، أو ربما أحد القصور صار محطة مرتجلة لأحد خطوط الميكروباصات، بينما يتذكرون الأنشطة الفنية عند رؤية إحدى فقرات الفنون الشعبية في التليفزيون. 
في السطور التالية، خاض فريق من مراسلي ومحرري "البوابة نيوز" رحلة عبر الزمان والمكان، انتشروا خلالها في قصور الثقافة المتناثرة في ربوع مصر، وخاضوا بحثًا في تاريخ وأروقة الهيئة العامة لقصور الثقافة، للوقوف على حكاية المشروع الذي صار واقعه في كثير من المواضع هزليًا، أشبه بالمشهد الشهير في فيلم "التجربة الدانماركية"، عندما زار الوزير -الفنان عادل إمام- مركز شباب نائي، فوجد عدة أنشطة لا يتعلق أي منها بالشباب!
إذن، ماذا عن الحلول؟ 
بينما نجد في أكثر من موقع بالهيئة العامة لقصور الثقافة من يسعى جاهدًا للتغيير، ومن يتحدث عن مساعٍ جارية أو خطط مستقبلية للتطوير، نجد من هم خارج الإطار الرسمي يفضلون الصمت. عندما تحدث أحد محرري هذا الملف إلى عدد من المثقفين الكبار أو المسؤولين السابقين في حقل الثقافة، كان الرد صريحًا وصادمًا "لا رغبة في الحديث عن هذا الأمر" أو "لا تعليق" أو "لا جديد". فقط بعضهم قرر الخوض في النقاش، محاولًا اقتراح حلول لإعادة إحياء تلك المباني شبه الفارغة إلا من موظفيها وبعض الحالمين.

عصر القوة في الثقافة الجماهيرية 

عندما تولى الدكتور ثروت عكاشة حقيبة الثقافة المصرية في منتصف الخمسينات من القرن الماضي، كانت أمامه مهمة كبرى تستدعي التوسع في الأنشطة الفنية والثقافية في كل موضع من البلاد. لذا، بدأت الإدارة الثقافية في تهيئة مباني الثقافة الجماهيرية لتتناسب مع تقديم الأنشطة الثقافية. هكذا، صار في كل مبنى من مبانيها مسرحًا لتقديم العروض المسرحية، وقاعة للندوات والمؤتمرات.
ولإدارة تلك المنظومة، تم اختيار القادة المناسبين لإدارة هذه المنشآت التي تخدم الحياة الثقافية، كلها في المكان الذي تتواجد فيه. مثلما تولى إدارة قصر ثقافة كفر الشيخ واحدًا من كبار النقاد التشكيليين وهو الراحل عز الدين نجيب، بينما ترى الكاتب المسرحي الراحل علي سالم مديرا لقصر ثقافة أسوان. وعلى هذا النمط، كانت كل قصور الثقافة في جميع المحافظات، لضمان توزيع ثمار الثقافة في مختلف ربوع مصر، وعاونه في ذلك سعد كامل، الذي كان يشغله هذا المشروع. وانضم لهذا المشروع عدد كبير من الأدباء والفنانين الذين تحمسوا كثيرًا في ذلك الوقت.
هكذا، أنشأ عزالدين نجيب فصولًا لمحو الأمية في القصر الذي كان يرأسه، والذي تفاعل كثيرٌ من الجمهور معه فصار الناس يذهبون للقصر للتعرف على أنشطته، ومشاهدة العروض الفنية التي يقدمها. كانت هذه فترة القوة والازدهار للثقافة الجماهيرية، فكانت واقعًا فعليًا يلمسه الجمهور.
ومنذ الخمسينيات وحتى نهاية الثمانينيات، إذا ما تجولت في قصورِ الثقافة، ستجد نفسك محاطًا بكتب من كل المجالات، تغري بالاطلاع والاستكشاف، سوف تسمع أصوات الموسيقىِ العربية والعالمية تلامس أنين روحك، وتحرر خيالك، وستشاهد أيضًا لوحات فنية تعكس عبقرية الفنان المصري، وتجسد جمال مصر وتاريخها العريق، في بيوت مفتوحة للجميع، تقدم أنشطة وبرامج متنوعة تناسب كل الأعمارِ والاهتمامات، وفيها، كنت تجد ورشًا للفنون، ومحاضرات ثقافية، وعروضًا مسرحية، وفعاليات أدبية، ونشاطات رياضية، وأنشطة ترفيهية للأطفال.

مؤشر الهبوط 
 مع حلول عام 1989، وعقب تحول "الثقافة الجماهيرية" إلى اسمها الجديد "الهيئة العامة لقصور الثقافة"، بدأ المؤشر يهبط بطريقة كبيرة، لتنسى قصور الثقافة دورها الذي بُنيَت وأُسست من أجله، وصارت معظم القصور الثقافة التي يتم بناؤها لا تصلح لأن تقام فيها الأنشطة الثقافية، وأصبح الجمهور يعزف عن أنشطة الهيئة، إلى أن أصبح في الوقت الحالي قليلا وبلا اهتمام من الجمهور المستهدف، بل أصبح نادرا جدًا من يسمع عن الهيئة العامة لقصور الثقافة. 
ماذا حدث؟ أغلب القياديين لا يملكون الكفاءة التامة، المباني لا تصلح لإقامة الأنشطة، والجمهور لا يحضر، والعلاقات بين وزارة الثقافة والوزارات الأخرى تكاد تكون منقطعة، إضافة إلى ضعف ميزانية قصور الثقافة، التي لا تكفي لتنظيم الأنشطة الثقافية بالشكل المطلوب، وتدنى رواتب العاملين بقصور الثقافة، وتكدس بعض الموظفين في قصر من القصور، في حين نجد قصرا آخر يعاني من قلة موظفيه.
مع مرور السنوات، بدأ الحماس لتحقيق الهدف الكبير المتمثل في نشر الثقافة والفنون في التراجع، ولم تعد قصور الثقافة تؤدى أدنى واجباتها، فصارت خاوية إلا من بعض الموظفين والقليل من الأنشطة، وتجمد مشروع "النشر الإقليمي" الذي كان يفرز أدباء حقيقيين بعيدًا عن مركزية العاصمة وسيطرة المدن الكبرى، رغم الميزانية التي تضعها الدولة كل عام رهنًا لتحقيق هذا الهدف، وتسيد المشروع عقول ثابتة لا تعرف لماذا توقفت بها الأفكار عند حد معين، فأصبحت الجهة المنوط بها نشر الثقافة في القرى والنجوع والأماكن والأحياء الشعبية والبسيطة. صارت قصور الثقافة مجرد مصلحة حكومية أخرى، على القائمين عليها التوقيع في دفاتر الحضور والانصراف، وتجاهل أي محاولة حقيقية لتحقيق الهدف الأساسي.


أين الحلول؟

محمد عبد الحافظ ناصف القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة 



 عبد الحافظ ناصف: نتمنى الاهتمام بفعاليات قصور الثقافة 

عن مشكلات قصور الثقافة ومحاولات التطوير، وبين الادعاءات والحقائق، تواصلت "البوابة" مع محمد عبد الحافظ ناصف القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة لسؤاله فيما يخص ما آلت إليه بعضا من قصور الثقافة من نقص في إقامة الفعاليات أو سوء للإدارة وتقف أعمال الصيانة في البعض الآخر أو إغلاق القصر لتدهور حالته حتى يتم الإصلاح.
قال: الأنشطة الثقافية والفنية موجودة ربما الإعلام لا يتابع ما يتم، وقد زرت الفيوم فجأة، ووجدت بروفة لنوادي المسرح في المكتبة العامة وورشة كتابة نمر للاراجوز لأميل الفونس لأكثر من 15 طفلا وورشة لفنون الأداء المسرحي بإشراف المخرج أحمد السلاموني بمجلس المدينة لأكثر من 40 طفلا، سيتم عمل منفذ لبيع الكتب ومنتجات الحرف اليدوية حين يتم الانتهاء من تجديد قصر الفيوم وسيتواصل العمل قريبا في الموقع حسب نسب الانجاز.
وأضاف أن ما أُثير حول أن الموظفون غير موجودين بالقصر ليس صحيحا ولم يهجر أحدا عمله لأنه ببساطة سيتم رفده وهناك تعاون مع بعض الأدباء والكتاب وخاصة اتحاد كتاب الفيوم على سبيل المثال وقد حضرت أحد الفعاليات منذ عدة أشهر وكنت خارج الهيئة وكان مؤتمرا عن دراما الطفل وشاركت فيه، وتم إعداد عدة أنشطة وفعاليات وبرامج سيتم تنفيذها في الفترة القادمة دفعا للنشاط.
وأوضح أن ما قيل عن ان هناك نقص في إقامة الفعاليات والأنشطة أو أنها محدودة وتوقف المسرح عن عمله في محافظة المنيا ليس صحيحا أيضا فعلى سبيل المثال هناك نشاطا واحدا يتم في 44 قرية وهو برنامج المواطنة ويتم تحت رعاية الرئيس محمد عبد الفتاح السيسي، كما أُقيم في المنيا في المنيا احتفالات 23 يوليو وبحضور نائب المحافظ، وسيتم الانتهاء من قصر ثقافة المنيا خلال العام المالي الحالي من أعمال صيانة وتطوير للقصر.
وتابع ناصف أما بالنسبة لقصر ثقافة دمياط فسيبدأ العمل في إحلال وتجديد قصر دمياط خلال هذا العام، ويقام في دمياط مهرجان "صيف بلدنا "في رأس البر وفي دمياط الجديدة يوميا، إضافة لمعرض رأس البر للكتاب وتشارك فيه الهيئة.
ونوه ناصف إلى أن الهيئة العامة لقصور الثقافة تسير وفقا خطة معينة فهناك أولويات هامة لابد من تنفيذها وبعد ذلك الأهم فالمهم تباعا لكن تحكمنا قوانين وميزانيات محددة.

روشتة للتطوير

الدكتور حسين حمودة استاذ اللغة العربية بجامعة القاهرة 


حول رؤية تطوير الهيئة العامة لقصور الثقافة قال الدكتور حسين حمودة أستاذ اللغة العربية بجامعة القاهرة أنه بعيدا عن توصيف أداء الهيئة العامة لقصور الثقافة بالتراجع أو بالتدهور وما إلى ذلك، فالمؤكد أن أداء هذه الهيئة خلال العقود الماضية لا يتناسب مع الإمكانيات التي لديها فهذا العدد الكبير من قصور الثقافة المنتشرة في المحافظات المصرية، وهذا العدد الكبير جدا من الموظفين والموظفات أصحاب وصاحبات الخبرة، بالإضافة إلى المقترحات والتصورات المتاحة حول سبل تطوير هذه الهيئة والتي تم تقديمها من قبل.
وتابع حمودة: يمكن تطوير أداء الهيئة عن طريق مجموعة من النقاط تتكامل وتتزامن معا، على المدى القريب والبعيد فبعضها تم البدء فيه بالفعل خلال الفترات الماضية، ومن هذه النقاط ما يتصل بتطوير قصور الثقافة نفسها، إصلاحها وترميمها ومدها بالأدوات والوسائل المناسبة أو اللازمة للقيام بعملها،ومن هذه النقاط تحديث المكتبات في هذه القصور على مستويات متعددة وتغذيتها بالكتب الحديثة الورقية والإليكترونية، ومدّها بالأجهزة اللازمة للتنظيم والبحث، والعمل على "رقمنتها" بوجه عام.
وأوضح حمودة أيضا إلى أنه لابد من تنظيم برامج الأنشطة الثقافية والفنية المتنوعة، في الأدب والموسيقي والفنون التشكيلية والمسرح، العمل على تطوير برنامج "سينما الشعب" والعمل على انتظامه بدرجة أكبر، فهو بأسعاره المعقولة يمثل وسيلة فعالة جدا لتزايد إقبال الناس على قصور الثقافة، تشجيع الأنشطة الإبداعية المتعددة التي تنتج أعمالا ومشغولات فنية شعبية، منسوجات وخزف وحلي، مرتبطة ببيئات مصر المتنوعة، وتنظيم عمليات توزيعها وتسويقها محليا وعالميا، بما يوفر فرصا مهمة لكثيرين وكثيرات للحصول على دخل معقول، وبما يعبر عن الإبداع المصري المحلي. ويتصل بهذا تنظيم ورش عمل لتدريب أجيال جديدة على إتقان هذه الأعمال والأشكال الفنية والإبداعية الشعبية فمثل هذه المقترحات، وما يستكملها، يمكن أن تجعل أداء الهيئة العامة لقصور الثقافة أفضل وأكثر فعالية في المجتمع المصري بوجه عام.
 

الراحل عز الدين نجيب : يجب تربية كوادر تستطيع قيادة قصور الثقافة 

الراحل الفنان التشكيلي عز الدين نجيب 

ولا نغفل ما قاله الراحل الفنان التشكيلي عز الدين نجيب، أحد المؤسسين للثقافة الجماهيرية حول رؤيته لتطوير قصور الثقافة فقد قال: إن الهيئة العامة لقصور الثقافة تحتاج إلى تغيير كامل الاستراتيجية التي تحكمها، مشيرا إلى أن الثقافة كانت على رأس أولويات نظام ثورة يوليو بشقيها الرأسي والأفقي والرأسي وهو يتمثل في الاهتمام بمجالات الإبداع الرفيعة كالأدب، والموسيقى، والباليه، والسينما، والمسرح، والفنون التشكيلية، وغيرها ورعاية المبدعين فيها وبناء المعاهد والمؤسسات الحاضنة لها.
بيّن نجيب أن قصور الثقافة الآن لا تمتلك كوادر فى المجالات المختلفة إلا عدد قليل جدًا لا يذكر فأغلب الموجودين بالهيئة هم موظفون غير أكفاء، كما أن هناك فى الهيئة قصور ثقافة كبيرة لا يوجد بها إلا 4 أو 5 موظفين فى الفرع كاملا وتحتاج إلى موظفين آخرين لإدارة المكان، فى حين تجد فى فرع آخر صغير كما هائلا من الموظفين لا قيمة لهم فلا توجد عدالة في التوزيع.
وتابع: يبرر الكثير تراجع دور قصور الثقافة لأن ميزانيتها ضعيفة، لكنني أرى أن الميزانية ليست العائق الوحيد أمام التطوير فهي أحد الأسباب لكن ليست كل شيء، ولذا علينا في البداية أن نربى كوادر تستطيع أن تقود الهيئة وليس مجرد موظفين لا يقدمون شيئا.
وأوضح أن النشر الإقليمي بالهيئة مثلا يكلف الهيئة ميزانية ضخمة فى حين أننا لا نجد قارئ لهذه الكتب التى ينفق عليها بالملايين، فلو تم توفير هذه الميزانية لتنفق على الأنشطة والتدريب والتعليم فى الهيئة لكان أفضل، إلى جانب أن يتم النظر فى التوصيات والمقترحات التى تقدم فى مؤتمرات الأدباء وألا تكون حبيسة الأدراج لا يعرف عنها أحد شيئا، فالأدباء يبحثون وينظرون ويجتهدون ليخرجوا فى آخر كل مؤتمر ببعض التوصيات لكن لا تنفذ على أرض الواقع وهذا ما تسبب فى تدهور وتراجع الهيئة.
وشدد على ضرورة عمل قصر ثقافة نموذجى فى كل منطقة ليكون بمثابة الورشة التدريبية للمتدربين والعاملين بالهيئة أنفسهم ليكونوا على قدر المهمة التى يعملون بها.

 

الشاعر والكاتب المسرحي أشرف أبو جليل 


كما يشير الكاتب أشرف أبو جليل، الرئيس السابق لإقليم شرق الدلتا الثقافي، إلى أن أبرز المشكلات التي تواجه هيئة قصور الثقافة هو قصور هيكلها التنظيمي واللائحي والوظيفي.
يقول: يبدو القصور التنظيمي في تغول الإدارات المعاونة على الإدارات الأساسية المنوط بها العمل الثقافي فمثلا نجد الهيكل قد حدد مدير إدارة واحدا في كل إقليم ليقوم بعمل أكثر من عشر إدارات فنية وثقافية (مدير إدارة تخطيط ومتابعة تنفيذ أنشطة (المسرح، الفنون الشعبية، الفرق الموسيقية، الفنون التشكيلية، أندية الادب، المؤتمرات، النشر الإقليمي، المسابقات، المكتبات، الموهوبين، القدرات الخاصة، الطفل، المرأة، الشباب، العمال).
يضيف: كل هذه الأنشطة يتولاها في كل إقليم مدير إدارة وسطى بدرجة (سوبر مان) ليقوم بتخطيط ومتابعة تنفيذ كل الأنشطة السابقة في أربع او خمس محافظات حسب حجم الإقليم   معه موظفان أو ثلاثة وهذا يؤدي إلى كل القصور في الأداء وتأخر كل شيء عن موعده. بينما نفس الدرجة الوظيفية (مدير إدارة وسطى) تمنح لموظفين العلاقات العامة والإعلام والامن والتدريب وغيرها من الوظائف المعاونة ذات العمل الموسمي المحدود لأن الذي نظم هذا الهيكل المعيب إداريون ربما لا علاقة لهم بالثقافة.
أما السبب الثاني الذي يعرقل نشاط الهيئة، كما يرى أبو جليل، هي فصامها عن الجماهير لصالح النخب الثقافية والفنية فنجد الميزانيات المخصصة للمرأة (نصف المجتمع) والطفل الشباب (أكثر من نصف الشعب) والفلاحين والعمال (أكثر من نصف الشعب) كل هذه الإدارات مجتمعة لا تحصل على 10% من ميزانية النشر او الثقافة العامة وهذا أدي بالطبع إلى انقطاع صلة الهيئة عن هذه الفئات أكثر من 75% من المجتمع الا أنشطة شكلية بسبب قلة الميزانية.
يبدأ تطوير الهيئة بإنشاء هيئة قصور الثقافة الجديدة التي لا يدخلها من الموظفين الا مبدع متمكن من توصيل افكاره على وسائل التواصل الحديثة والتكنولوجيا وتصل الى الملايين بضغطة على الكمبيوتر وتقدم لهم الثقافة والفنون بشكل عصري وبشكل تفاعلي ويمكن رصد مدي وصوله وفاعليته.
ويمكن تطوير الهيئة القديمة (الحالية) بمضاعفة ميزانيتها خاصة إذا علمنا أن الإنشاءات والصيانات والأجور التي تأكل ما يقرب من 80% من ميزانية الهيئة.
 

رئيس إقليم شرق الدلتا الثقافي الأسبق محمد عبد المنعم 

قال محمد عبد المنعم رئيس إقليم شرق الدلتا الثقافي الأسبق إنه في العقود الأخيرة تدهورت أحوال الثقافة الجماهيرية تدهورا شديدا في جميع المجالات وأبرز مظاهر هذا التدهور تنحصر في تراجع كفاءة بنيتها التحتية وتدهور حالة مقراتها المخصصة للنشاط التي افتقرت إلي سياسة محددة لتطويرها لمواكبة التطور الذي شهدته الوسائل الثقافية علي مستوى الوطن والعالم ، وفي نفس الوقت شهدت الثقافة الجماهيرية تدهورا مماثلا في قدرات قادتها وكوادرها بعد تآكل وانقراض قياداتها المدربة التي قامت بفعل نهضة هذا الجهاز وترسيخ وجوده في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وعلي الرغم من تضاعف الميزانيات المالية التي تخصصها الدولة لوزارة الثقافة عامة والثقافة الجماهيرية علي نحو خاص إلا أن حجم الإنفاق الفعلي علي النشاط الثقافي والفني قد تراجع وفي نفس الوقت تضاعف حجم الإنفاق علي الشئون الإدارية ومن العام إلي الخاص نري الأنشطة الثقافية والفنية 

وأضاف عبدالمنعم الثقافة الجماهيرية بمحافظة دمياط قد تراجعت تراجعا كبيرا وكادت أن تتلاشي لأسباب كثيرة منها : تآكل الكوادر الفنية المدربة علي العمل مما جعل مقرات الثقافة الجماهيرية بالمحافظة تتدهور ويتراجع نشاطها بشكل خطير فنجد معظم قصور الثقافة بالمحافظة تعاني من الإهمال ومن انعدام الصيانة فتدهور حالها تدهورا كبيرا إلي توقف قصر ثقافة دمياط عاصمة المحافظة قد تحول بفعل ذلك إلي خرابة رغم الإنفاق الكبير علي عمليات تطوير فاشلة وفاسدة أزكمت رائحتها الأنوف وتوقف المبنى تماما عن أداء دوره منذ أكثر من عشر سنوات ولا يعلم إلا الله إلي متى ؟ 
وتابع : قصر ثقافة مدينة دمياط الجديدة الذى كان يطلق عليه أوبرا الدلتا قد تدهور هو الآخر بفعل انعدام الصيانة والإهمال الجسيم ويكاد أن يلحق بقصر عاصمة المحافظة أما قصور الثقافة الأحدث معماريا في فارسكور وكفر سعد فليست أسعد حالا من قصري دمياط ودمياط الجديدة؛ والأخطر من كل ذلك أن كافة المواقع تعاني من فقر الكوادر الفنية المدربة المؤهلة للقيام بالعمل فيها فمن خرج للمعاش أو توفاه الله لم يتم تعويضه من بين العاملين ولكن أن تتصور حجم المشكلة عندما تعلم أن قصر ثقافة مدينة كفر سعد لم يعد به عاملون سوي المديرة فقط التي تفتحه وتقوم بكل المهام الإدارية والفنية فكيف ينتظر منها أن تقدم عملا ذا قيمة ونفس الحال في باقي القصور والمواقع حتى أن هناك بالفعل 4 مكتبات فرعية قد أغلقت تماما لإحالة العاملين بها للمعاش أو الوفاة ولم يتم تعيين من يحل محلها رضوخا للمؤامرة الدولية التي يقودها صندوق النقد الدولي بتقليص عدد العاملين بالجهاز الحكومي ووقف التعيينات الجديدة فلا يوجد إحلال وتجديد وتواصل ما بين الأجيال الإدارية .
وأوضح عبد المنعم أنه من ناحية أخري فقد غابت الرؤي الاستراتيجية لإدارة العمل الثقافي علي مستوي الدولة وأصبحت العشوائية والأنشطة الموسمية هي شعار كافة المراحل التي يبحث فيها قادتها عن الشو والظهور الإعلامي والتصوير علي المواقع الألكترونية دون ما تفكير ولو محدود في تطوير وتوسيع مردود تلك الأنشطة بين الجماهير صاحبة الحق الاصيل في الاستمتاع وممارسة النشاط وأصبحت الأقاليم  الثقافية عبئا علي الفروع الثقافية لا تعطيها بل تعوقها ماليا وإداريا لأن فاقد الشيء لا يعطيه فالقائمين عليها أصلا معاقين ثقافيا جاءت بهم الوساطة والمحسوبية ولم يعدوا أو يدربوا كما كان يفعل سعد وهبة مع القيادات التي أناط بها إحداث ثورة ثقافية في كل ربوع مصر ؛ تلك أهم المشكلات التي تعاني منها الثقافة الجماهيرية ويكمن الحل السريع والعاجل في وضع استراتيجية ثقافية تحكم  العمل في منظومة الثقافة المصرية بشكل عام إلي جانب التخلص تماما من الرضوخ المخل لصندوق النقد الدولي وتعويض النقص العددي الفعلي في كل المواقع الثقافية وفق دراسة علمية مقننة وإعادة الحياة إلي مركز إعداد الرواد الثقافيين على مستوى الدولة ووضع سياسة ثابتة ومقننة علميا لصيانة المقرات الثقافية والحفاظ عليها فتلك ثروة قومية وأصول رأسمالية يمتلكها الشعب كله مع العمل علي إعادة هيكلة الثقافة الجماهيرية كلها وإعادة تنظيم هيكلها الإداري والمالي والفتي وفق أساليب علمية حديثة تواكب الرقمنة والميكنة العلمية لكافة المواقع 
وأشار عبد المنعم الى أنه في ذات الوقت يجب تفعيل رؤية رئيس الجمهورية ووضع سياسة عملية للوزارة تلزم المحافظين بها ومحاسبتهم دوريا علي حجم ما يقومون به من عمل في إطارها لأن أغلب المحافظين ورؤساء المدن للأسف الشديد لا يؤمنون بجدوي تلك القوة الناعمة بل علي العكس يرونها مضيعة للوقت والجهد والمال.