صدر حديثًا عن دار صفصافة ترجمة لكتاب "بناء العقل الثاني" للمؤلف ورائد الإنتاجية الأمريكي، تياجو فورتي، وبترجمة الشاعرة حنان شافعي.
يقع الكتاب في حوالي 300 صفحة من القطع المتوسط ويقدم رؤية ومنهجًا مبتكرا في كيفية تنظيم وإدارة العالم الرقمي، كجزء من فن إدارة المعرفة بشكل عام.
وقد سبق لفورتي العمل كمستشار لشركات من عمالقة التكنولوجيا مثل مايكروسوفت وأبل، حيث تأتي خبرته من قلب بيئة العمل في وادي السيليكون المفعم بالجموح نحو التقنية لكنه استطاع الابتعاد والنظر إلى المجال على بعد خطوات عندما شعر بعدم القدرة على التركيز.
ومن هنا جاءت فكرة العمل على برنامج يقدم آليات تساعدنا في تنظيم الأفكار والبيانات، واكتساب مهارات أساسية تمكّننا من استثمار ما نراكمه يوميًا من معلومات.
وتقول شافعي لـ “البوابة نيوز” إن ما دفعها للعمل على هذا الكتاب هو معاناتها شخصيًا من صعوبة في التركيز بسبب الكم الهائل من تدفق المعلومات والتنبيهات والمنشورات عبر منصات التواصل، وأنها لاحظت معاناة الكثيرين من المشكلة نفسها على الرغم من أنه من المفترض أن يؤدي ذلك إلى مزيد من المعرفة والرفاهية بسبب وفرة المعلومة.
كما تؤكد على ضرورة الانتباه لخطورة إدمان الإنترنت التي تؤثر على جودة حياة العديد من الأشخاص وتسبب مشكلات معقدة عند المراهقين والأطفال.
وحول منهج إدارة المعرفة الرقمية الذي يطرحه الكتاب، قالت حنان شافعي "تكمن الفائدة في كتاب فورتي أنه يعلمنا كيفية إدارة ثرواتنا الحقيقية المتمثلة في خبراتنا المعرفية الشخصية وأفكارنا وشغفنا الإبداعي.
فبغض النظر عن العمر ومجال العمل أو الخلفية الثقافية، سيجد القارئ في هذا المنهج وسيلة مفيدة في تنظيم علاقته بمصادر المعرفة والتطبيقات ومنصات التواصل عبر مجموعة من عادات التدوين والتلخيص والأرشفة. كما يوفر آليات عملية للنجاة من طوفان المدخلات الذي يحيطنا من كل اتجاه وبالتالي تحسين قدرتنا على الإنجاز في حياتنا وليس الاستهلاك فقط".
وأضافت المترجمة أن المؤلف قدم تأملات لتجارب إبداعية تاريخية وحديثة مثل تجربة الكاتبة الأمريكية المعروفة أوكتافيا بتلر، وهي الفتاة السوداء اليتيمة التي فازت بجائزة هوجو ونيبولا، أعلى درجات التكريم في مجال كتابة الخيال العلمي.
وكذلك المخرج الأمريكي صاحب ملحمة "الأب الروحي"، فرنسيس كوبولا، الذي واجه تحديا كبيرا عند اختياره لإخراج الفيلم ولم تكن الشركة المنتجة على يقين بأنه سينجح. وهناك أيضاً بيكاسو، الغني عن التعريف، وكيف أبهر العالم بلوحة "الثور" الشهيرة والمعتمدة على أسلوب التكثيف والإبداع التراكمي في تصميم الأهداف، وهو ما يستند إلى مؤلف "بناء العقل الثاني".
ويأتي عنوان الكتاب من فكرة أن العقل البشري لم يعد قادرا على مواكبة التدفق الهائل للمعلومات والمحتوى الرقمي وبالتالي أصبحنا في حاجة إلى عقل ثاني "رقمي" يتعامل مع متطلبات الحياة الرقمية التي فرضت نفسها على كل تفاصيل حياتنا.
ووفقًا للمترجمة فإن أهم ما يميز الكتاب أنه ليس فقط للعاملين في مجال المعلومات أو البرمجة ولكن أيضًا للمستخدم العادي في البيئة الرقمية، حيث نعيش في مجتمع قائم على الخوارزميات والذكاء الاصطناعي والحداثة لكننا "أصبحنا نخوض ألفية جديدة غير واثقين في ذاكرتنا وانتباهنا وقدرتنا على اكتساب المعرفة بسبب ما نعانيه من تشتت".