الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

مصريات

حكاوى الموت بين الغلابة والـvip.. بيزنيس المقابر يجعل الوفاة أغلي من الحياة.. والمصريون القدماء كانوا يكرمون الموتى بالتحنيط والاستعداد للأبدية في عالم الآخر

التحنيط عند قدماء
التحنيط عند قدماء المصريين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يموت البعض مرتين؛ مرة بالموت الطبيعي، ومرة بأسعار قاسية لا ترحم ذويه، تبدأ من غلاء أسعار الأكفان، حتى المقابر ومراسم الدفن وسرادق العزاء. 
ووصلت أسعار الأكفان لما يتجاوز 2000 وربما 3 آلاف جنيه، والمتر في المقابر تجاوز سعره المتر في الشقق السكنية، وأصبحت أسعار المقابر تختلف باختلاف تجهيزاتها، فهذه لوكس وتلك سوبر لوكس، وأخرى دوبلكس، ومقابر بها إنترلوك وواي فاي لدرجة أنه يمكن أن يكون هناك تصنيف فندقي للمقابر من نجمة إلى 5 نجوم. 

فاتورة الموت
في بر مصر، اختلفت فاتورة الموت، فهناك جنازات شاملة من غسل وتكفين ودفن وعزاء تصل إلى نصف مليون جنيه، فهناك أيضًا جنازات مجانية، لكن يبرز هنا الشركات التي أصبحت تتولى مهمة الرحلة إلى الدار الآخرة كاملة وأصبحت تقدم باقات بأسعار مختلفة، ورغم شهرة هذه الشركات، إلا أن خبيرا قانونيا تحدث لـ«البوابة» وشدد على ضرورة التأكد من قانونية هذه الشركات خاصة في جزئية شراء المقابر. 

بيزنس المقابر
«البوابة» تفتح ملف هذا البيزنس لنعرف لماذا توحشت أسعاره؟ ومن المتحكم فيه؟ خاصة أن الرحلة إلى الدار الآخرة أصبحت أغلى من الحياة، فهل يكون الموت لمن استطاع إليه سبيلا. 
  

إكرام الميت

قدماء المصريين.. إكرام الميت تحنيطه 
«الأربعين» عادة فرعونية مستمرة حتى الآن.. والمقابر تطورت إلى الأهرامات والحفر فى الصخور  
مثّلت الحياة بالنسبة لعقيدة المصري القديم، بوابة عبور للدار الآخرة، لذلك نجد الآثار الباقية لقدماء المصريين، عبارة عن مقابر ملكية ضخمة مثل الأهرامات، ومقابر الملوك والملكات في البر الغربي، أو دور عبادة مُتمثلة في المعابد المصرية الممتدة من أقصى جنوب مصر إلى أقصى شمالها، الأمر الذي يُبرهن على أهمية المُعتقد المصري القديم في البعث والخلود والحياة الأخرى. 
قدماء المصريون كرّموا أجساد ملوكهم وذويهم، وحافظوا عليها من التحلّل الذي يؤدي لفناء الإنسان - وفق معتقداتهم - ومن أبرز مظاهر تكريمهم لأسلافهم، الحفاظ على أجسادهم بعد الموت، ليضمنوا لهم الخلود في الحياة الأخرى، ومن هنا جاءت فكرة "التحنيط" التي أضحت أمرًا مُقدسًا، وتكريمًا للمتوفى قبل دفنه. 
في كتابه "مصر أصل الحضارة" يُشير المفكّر المصري سلامة موسى، إلى أن عملية التحنيط بدأت قبل أن يعرف المصريون بناء القبور، ومن المعتقدات المُقدّسة في الثقافة المصرية القديمة أنهم كانوا يُحافظون على تخليد جثّة الميت العظيم، خاصة إن كان كاهنًا أو ملكًا؛ لأنهم يعتقدون أنه هو الذي يزيد المحصول، ويحقق الخصوبة للأرض والنماء للزرع، وما دام جسده باقيًا؛ لن يكون هناك خطر مُتمثّل في نقص الطعام. 


التكفين والتحنيط 
تأثر الأحفاد بعادات وتقاليد الأجداد التي ألقت بظلالها على حاضرنا، لذا نجد مجموعة كبيرة من العادات ما زالت ممتدة حتى الآن، ومنها إحياء مرور أربعين يومًا على وفاة الميت، وهذه الأيام الأربعون كانت تقضيها الجثة قديمًا مغمورة في الماء والملح ثم تخرج بعدها لكي تُعالج وتُحنّط بأنواع أخرى من العقاقير، والراتينجات (تركيبات نباتية عطرية) وتلفف بالأقمشة الكتان قبل أن تُدفن، هكذا قال عالم الآثار أحمد صالح، في كتابه "التحنيط". مضيفًا: رُغم هذا الحفظ لجثّة المُتوفّى لم يثق المصريون القُدماء كل الثقة بأن الروح ستتعرّف على الجثة، لذلك صنعوا صورة تُشبه الأصل بالألوان ووضعوها فوق لفائف المومياء، ولكن هذه الصورة لم تكن كافية بالنسبة لهم؛ فنحتوا تماثيل من الخشب والحجر لتوضع داخل التابوت، ولم يتوقف الأمر عند دفن الميت مع تمثال وصورة لوجهه، لتتعرف الروح على الجسد في الحياة الأبدية، فكان يوضع مع المتوفى مقدار من الذهب اعتقادًا بأن هذا المعدن يُطيل الحياة ويمنع عنه الفساد. 


العمارة الجنائزية 
اعتمدت العمارة الجنائزية في مصر القديمة، منذ عصور ما قبل الأسرات على مواد أولية، مثل سيقان البردي وأعواد البوص وجذوع الأشجار، وسرعان ما استعمل طمي النيل في تغطية جدران المباني الجنائزية، وصولًا إلى عام ٢٧٠٠ ق.م تقريبًا، حيث بدأ استخدام الحجر عن طريق المهندس "إيم حتب" مهندس الملك "زوسر" الأسرة الثالثة بسقارة. 
احتفظ البناء بالحجر بنفس طرز العمارة اللبنية بالطين، واستمرت العمارة الجنائزية الحجرية في تقدمها مع نهاية الأسرة الثالثة وبداية الرابعة ببناء الأهرامات لسنفر وخوفو وخفرع ومنكاورع وكانت قمة عمارة الأهرامات تتركز في الهرم الأكبر للملك خوفو، وقد احتفظ البناء بالحجر بنفس طرز العمارة اللبنية بالطين، واستمرت العمارة الحجرية في تقدمها مع نهاية الأسرة الثالثة وبداية الرابعة ببناء الأهرامات لسنفر وخوفو وخفرع ومنكاورع. 


تطور بناء المقابر 
ورث المصريون عن أجدادهم إكرام موتاهم في بيوتهم الأبدية، حيث برع القدماء في تطوير الهندسة المعمارية الضخمة التي تناقلها الصناع والحرفيون عبر الزمن، لتطوير أشكال وأحجام وطرق بناء المقابر بما يليق بملوك ووجهاء وأعيان مصر القديمة. "مرت المقبرة الملكية بالعديد من مراحل التطور من الحفرة البسيطة إلي أن وصلت إلي الهرم الكامل، ثم عادت من جديد لتحفر في الصخر بعيدا عن أعين القوم"، هكذا يقول الدكتور عبدالباسط رياض، في بحث بعنوان "تطور عمارة القبر الملكي في مصر القديمة". مضيفًا: أن مقابر عصور ما قبل التاريخ وكانت عبارة عن حفر بيضاوية أو مستطيلة، وكان المُتوفى يُدفن في وضع القرفصاء ومعه متاعه الجنزي، ويتم تغطية هذه الحُفرات بركام من الحصي والأحجار بهدف الإشارة إلي مكان القبر وحمايته من العوامل الجوية والحيوانات الضارة، وتضمنت المقبرة متاع المُتوفى أدوات زينة وقدور تحوي طعامًا وبعض الأدوات التي كانت تستخدم في عمله، بالإضافة لدفن بعض الحيوانات معه مثل الثور والشاة والكلب والماعز وغيرها، وكان المصري القديم في مصر العليا يدفن موتاه في أرض خاصة بالدفن خارج أماكن السكن، أما في الوجه البحري فكان يدفن أسفل منازلهم أو بين طرقات قريتهم حتى يواصلوا حياتهم معه. 
تطورت طريقة الدفن في الأسرتين الأولى والثانية، ليتحول المصري لنظام المصطبة في الدفن، وتحديدًا في مدينتي أبيدوس في جنوب مصر، وسقارة في الشمال، ويرجع ذلك إلى طبيعة مصر السياسية بعد توحيد القطرين، فكان على الملك أن يصنع لنفسه قبرين، أحدهما في الشمال والآخر في الجنوب، باعتباره ملك الشمال والجنوب، وكانت المصطبة عبارة عن بناء ضخم مستطيل الشكل تنحدر جوانبه بعض الشيء بما يجعل قاعدته أكبر من قمّته، وغالبًا نشأ من كومة التراب التي كانت فوق الحفرة المستطيلة الشكل المعروفة في حضارة البداري. مع مرور الوقت انتقلت المصاطب من شكلها التقليدي، وتحولت إلى مصاطب تحوي أسفلها بئر دفن على طريقة اللحد المعروفة حاليًا، وسرعان ما تطورت لتصبح مقبرة ذات سلّم يؤدي إليها من الأعلى إلى باطن الأرض، مثل مقبرة الملك أوديمو بسقارة، وأبيدوس، وهي إحدى مقابر الأسرة الأولى في مصر القديمة. ومع تطور المعمار الجنائزي ظهرت الأحجار بدلًا من الطوب اللبن المُستخدم في بناء المصاطب، ويعود استخدام الأحجار في أول قبر ملكي إلى الملك "خع سخموي" من الأسرة الثانية، حيث قام بتبطين حجرة الدفن بالكامل بكتل من الحجر الجيري، ثم تطور البناء الحجري للمقابر الملكية على شكل الهرم المُدرج والذي يمثله هرم سقارة المدرّج، ثم تطور الأمر ليصل إلى الشكل الذي ظهرت عليه أهرامات الجيزة. 
لم يتوقف تطوير المقابر الملكية عند بناء الأهرامات، ففي العصور المُتقدّمة، شيّد قدماء المصريين مجموعة من المقابر الملكية المنحوتة في الصخور مثل مقابر وادي الملوك بالبر الغربي، والتي تعد شاهدًا حيًا على تقديس المصري القديم للحياة الأخرى نظرًا لبراعة تصميمها وقيمة المتاع والأثاث المدفون بداخلها مع المتوف، ولعل مقبرة الملك توت عنخ آمون أكبر وأبرز مثال على ذلك. 
 

Screenshot_2
Screenshot_2
16877648570
16877648570