تخيم على المنطقة مخاوف عدة بعد عملية اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، فى استهداف تعرض له فى طهران، فهى خطوة تهدد مفاوضات الهدنة الجارية بين دولة الاحتلال والفصائل الفلسطينية لوقف العدوان الإسرائيلى على غزة، إلى جانب زيادة التوترات الأمنية فى المنطقة واتساع رقعتها، وهو ما دأبت مصر على التحذير منه منذ اندلاع الأزمة فى أكتوبر الماضي.
شهدت المنطقة تصاعدا للأحداث الخطيرة، فبينما استهدفت إسرائيل القيادى البارز فى حزب الله فؤاد شكر ومعه مستشار عسكرى إيرانى فى هجوم بضاحية بيروت الجنوبية، وبعدها بساعات جرى اغتيال إسماعيل هنية فى هجوم صاروخى استهدف مقر إقامته فى إيران، وبعدها نفذت دولة الاحتلال هجوما فى قطاع غزة أدى لمقتل صحفيين، وذلك بالتزامن مع غارة شنتها طائرات عسكرية أمريكية فى العراق على مقرات أمنية لقوات الحشد الشعبي.
خلقت هذه الاغتيالات المتزامنة حالة من الترقب والانتظار لما يمكن أن تكون عليه المنطقة لاحقا، وهو تصعيد خطير ينذر باتساع رقعة الصراع وانفلات السيطرة وضبط الأمور بين جميع الأطراف.
باتت التنظيمات المسلحة الموالية لإيران فى حالة استنفار تامة، ويرى المراقبون أن الأمور ربما تنسحب لحرب فى المنطقة وهو ما تستبعده الولايات المتحدة الأمريكية التى نفت علاقتها باغتيال هنية وأوضحت أنها تركز فقط على ملف وقف إطلاق النار فى غزة، بينما قلل البعض الآخر من المراقبين من خطورة عملية الاغتيال مستشهدا بعملية اغتيال قاسم سليماني، القائد العسكرى الإيرانى الأبرز، وأن الوعيد الذى أطلقته إيران عقب اغتياله لم يكن إلا مجرد كلام فى الهواء.
وتعقيبا على الهجوم الإسرائيلى على ضاحية بيروت الجنوبية واغتيال هنية، أدانت مصر فى بيان صادر عن وزارة الخارجية، سياسة التصعيد الإسرائيلية الخطيرة، واعتبرت أن هذا التصعيد الخطير، ينذر بمخاطر إشعال المواجهة فى المنطقة بشكل يؤدى إلى عواقب أمنية وخيمة، محذرة من مغبة سياسة الاغتيالات، وانتهاك سيادة الدول الأخرى، وتأجيج الصراع فى المنطقة.
بدورها، اعتبرت حركة حماس أن اغتيال هنية عمل إرهابى مكتمل الأركان وانتهاك للسيادة الإيرانية وتصعيد خطير وتوسيع لدائرة العدوان الإسرائيلى ضد الشعب الفلسطيني.
وكلاء إيران فى سوريا
وتنذر خطوة اغتيال هنية بخطورة تصعيد حدة التوترات الأمنية، وأن التنظيمات المسلحة التابعة لإيران فى المنطقة، وخاصة فى سوريا سوف تتأهب لاتخاذ أى رد تضامنا مع حركة حماس.
وأفاد المرصد السورى لحقوق الإنسان، فى بيان اليوم، أن القوات الأمريكية استنفرت فى القواعد العسكرية بسوريا، بالتوازى مع تحركات الميليشيات الإيرانية المتمركزة فى غرب الفرات، حيث شهدت كل من القواعد المتمركزة بحقل العمر النفطى ومعمل كونيكو للغاز وخراب الجير والشدادي، استنفارا كبيرا، إضافة إلى قاعدة التنف، ورصدت القوات سربا من الطائرات المسيرة كانت فى طريقها لاختراق أجواء منطقة الـ٥٥، فى حين عادت الطائرات باتجاه الأجواء العراقية.
وأضاف البيان، أن مناطق نفوذ الميليشيات الإيرانية شهدت استنفارا أمنيا مشددا، وإزالة للرايات من على المقرات، وإخفاء للآليات فى بعض النقاط المكشوفة ابتداء من البوكمال عند الحدود السورية- العراقية وصولا إلى مدينة دير الزور مرورا بالميادين، إضافة إلى المواقع فى البادية السورية والقريبة من قاعدة التنف الأمريكية. وجاءت عملية الاستنفار بالتوازى مع نشاط طائرات الاستطلاع المجهولة فى سماء المنطقة.
قبل أيام قليلة، أكد رامى عبدالرحمن مدير المرصد السورى لحقوق الإنسان، فى تصريحات تلفزيونية، أن الميليشيات الإيرانية موجودة فى مناطق دير الزور وريف الرقة وريف حلب، وهو أمر لا تغفله قوات التحالف الدولى والولايات المتحدة الأمريكية، حيث زادت من حشودها العسكرية داخل الأراضى السورية، ومعها مضادات للدفاع الجوى خوفا من تكرار الهجوم على قواعدها العسكرية مجددا.
الحوثيون يتوعدون بالرد
وتوعدت حركة أنصار الله الحوثية برد وصفته أنه سيكون على قدر المستوى من الخطورة، حيث أكد حزام الأسد عضو المكتب السياسى للحركة، أن التنسيق جار فى مسار الرد، الذى سيكون شافيا وكبيرا وبحجم الحدث، وبحجم الاستهداف"، كما حذر دولة الاحتلال الإسرائيلى بأنها ستدفع الثمن، وأنها فتحت القبر على نفسها.
العراق يستنكر اختراق سيادته
بدورها حذرت العراق على لسان عباس كاظم عبيد ممثلها فى مجلس الأمن الدولي، من خطر التصعيد وتوسعة ساحة الحرب وامتداداتها وانعكاساتها على السلم والأمن الإقليمى والدولى والذى سيزيد من حالة عدم الاستقرار فى المنطقة ويديم حالة التوتر فيها".
وأضاف "عبيد" بحسب ما نقلته وكالة أنباء العراق، أن الكيان الصهيونى بسلوكه العدوانى المستمر واستهتاره بالقرارات الدولية عبر ارتكاب الجرائم يسعى إلى إشعال فتيل الأزمات وتوسعة الصراع، ما يدفع إلى تداعيات خطيرة فى المنطقة يصعب السيطرة عليها.
وفي السياق، زار المهندس محمد شياع السوداني، رئيس مجلس الوزراء العراقي، القائد العام للقوات المسلحة، أمس الخميس، مقرّ قيادة عمليات بغداد، حيث اطلع على تفاصيل الخطط الأمنية، وسير العمل الأمني، مشددا على ضرورة اليقظة والجاهزية الدائمة للمستجدات الأمنية الطارئة
وفى بيان للناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، يحيى رسول عبدالله، أكد مجددا رفض العراق للهجمات الأمريكية لأنها اختراق للسيادة، وهجمات غير مبررة، مؤكدا التوصل لمرحلة متقدمة فى ملف إنهاء تواجد قوات التحالف الدولى بقيادة واشنطن.
وجاء فى البيان، أنه على الرغم من كل الجهود عبر القنوات السياسية والدبلوماسية، والجهود المبذولة من اللجان الفنية العسكرية العليا، والتوصّل إلى مراحل متقدمة من إنهاء ملف تواجد وعمل قوات التحالف الدولى لمحاربة داعش بالعراق، والتحوّل إلى علاقة أمنية ثنائية مبنية على الاحترام المتبادل وتأكيد سيادة العراق وأمنه.
إلّا أن قوات التحالف الدولى أقدمت على جريمة نكراء واعتداءٍ سافر بعد أن استهدفت، وبطائرات مقاتلة قادمة من خلف الحدود، مواقعَ عراقية تابعة للأجهزة الأمنية فى شمال محافظة بابل، فى الساعة ٢٢٤٥ من يوم الثلاثاء ٣٠ يوليو الجاري، مما أدى إلى استشهاد عدد من منتسبى قواتنا الأمنية فى الحشد الشعبي، وجرح عدد آخر منهم دون أى مبرر لهذا الفعل العدوانى المتهوّر غير المسئول.
ووصف البيان الهجمات بأنها تجاوزات خطيرة وغير محسوبة النتائج من شأنها أن تقوّض، وبدرجة كبيرة، كل الجهود وآليات وسياقات العمل الأمنى المشترك لمحاربة داعش فى العراق وسوريا، كما من شأنها أن تجرّ العراق والمنطقة برمتها إلى صراعات وحروب وتداعيات خطيرة، لهذا نحمّل قوات التحالف الدولى المسئولية الكاملة لهذه التداعيات بعد أن أقدَمت على هذا العدوان الغاشم.
وأضاف، أن التحالف الدولى لمحاربة داعش موجود ويعمل فى العراق ضمن تفويض محدد، ولمهمة محددة وعدو مشترك متفق عليه، وإنّ هذه الاستهدافات تمثل خرقا خطيرا لهذه المهمة والتفويض، وسيتخذ العراق الإجراءات القانونية والدبلوماسية المناسبة لحفظ حقوقه، وكل ما من شأنه أن يؤكد أمنه وسيادته على أراضيه وحمايتها، وما يكفل الأخذ بحق الشهداء الأبطال، ومحاسبة المسئولين عن الاعتداء.