- ماذا لو أسست الحكومة شركة ذات صلاحيات قانونية لتأجير الوحدات السكنية عبر تطبيق إلكتروني؟
- ورقة بحثية: أكثر من 12.5 مليون وحدة خالية.. و«الاستثمار المستقبلى وعدم قدرة على التشطيب وارتفاع الأسعار وعدم تناسب العرض والطلب» أبرز الأسباب
- حلول خارج الصندوق.. «دخول الدولة كوسيط فى تأجير الوحدات الشاغرة»
قبل 3 شهور ماضية دخل على إبراهيم، 40 عامًا، رب أسرة لولدين وثلاثة بنات فى المراحل التعليمية المختلفة، موظف بإحدى الجهات الحكومية - فى صراع مع صاحب العمارة التى يقطن بها فى منطقة فيصل بحجة رفع القيمة الإيجارية من 3 ألاف إلى 9 آلاف جنية بزيادة 300%، ولم يقتصر الأمر، هدده صاحب العقار أنه فى حالة الرفض سيقوم بتأجيرها لأسر سودانية بقيمة تصل 12 ألف جنيه.
تخوفات من «الفقاعات العقارية»
قرر "علي" مغادرة المنطقة لأنه لا يطيق الأسعار ويبحث فى منطقة أخرى عن "شقة للإيجار" غير مكترث بالمشكلات التابعة الخاصة فى نقل المدارس للأولاد، ويرفع شعار "أريد شقة للإيجار" من ملايين الشقق الشاغرة فى مصر.
لم يكن "علي" وحده يعانى تهديده بالطرد من مسكنه بل آلاف القاطنين بمنطقة فيصل يتعرضوا لهذه الأزمة، وهنا تطرح “البوابة التساؤلات من وراء الأزمة، وما سبب تفاقم الوحدات السكنية الشاغرة ؟ وهل قدوم السودانيين فاقم الأزمة أم فشل التسويق العقاري في مصر أم ضعف وهشاشة القوانين تدفع بالمالكين في العزوف عن التأجير.
"هى مشكلة سلوك بالأساس" لأنه يعتمد على المزايدة فى القيم الايجارية واستغلال تراجع قيمة الجنية أمام العملات الأخرى ونجد معظم الوافدين من السودان ذات قدرة اقتصادية عالية ويتعامل بالدولار فلا يجد غضاضة فى تأجير الشقق السكنية بقيم ١٠ إلى ١٥ ألف جنية وهنا يمكن تأصيل المشكلة إلى "عدم التكافؤ" وسلوك غير سوي ولكن فى حالة وجود حلول للوحدات الشاغرة التي تزيد عن ١٢ مليون وحدة، ما كان ظهور لهذه المشكلات إلى جانب ضرورة دخول الإعلام فى مسألة توطين الوعى والقيم لأن منظومة السلوك يشوبها الكثير من علامات الاستفهام " بحسب ما قاله الدكتور محمد إبراهيم جبر، أستاذ التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة.
جدير بالذكر فقد تداولت وسائل الإعلام خلال الآونة الأخيرة، نفى وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية عن نيتها عن الدخول كوسيط عبر تأسيس شركة لتأجير الوحدات السكنية الشاغرة فى السوق المحلية المطروحة للإيجار من جانب ملاكها، فماذا ماذا لو تم تأسيس الشركة بالفعل عبر تعديلات تشريعية وتطبيق إلكتروني يمسح كل الوحدات بجميع مناطق الجمهورية كما تشمل الوحدات السياحية.
١٢.٥ مليون وحدة سكنية خارج الخدمة
ما يزيد عن ١٢.٥ مليون وحدة سكنية فى الخدمة بأنواعها سواء" بالمناطق الجديدة تحت التشطيب" والخاضعة للإيجار القديم والجاهزة فعليا للتأجير، وأضافوا بأنها حل سحرى يعمل على زيادة المعروض ما يُخفض القيمة الإيجارى وتحقيق رواج للنشاط العقارى الذى سيتبعه نشاط اقتصادى تالى على مثل الإسراع فى تشطيب الوحدات السكنية غير الجاهزة ما يسهم النشاط فى إعادة قلب القطاع العقارى بصورة كاملة "رأسًا على عقب"، كما طالبوا بتدخلات تشريعية.
ورقة بحثية: ١٩.١٪ من الثروة العقارية مُعطلة
وبحسب ورقة بحثية حديثة صادرة على كلية التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة أن نحو ٣٠٪ من الوحدات السكنية فى شاغرة غير مستخدمة، ما يشير إلى ارتفاع ظاهرة تضخم الوحدات السكنية بالمدن الجديدة لتصل إلى ٣٠٪
وبحسب الدكتورة غادة محمود أحمد، بكلية التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة، يعتبر الاستثمار العقارى هو الأكثر جذبا للمضاربين واعتباره الأكثر ربحية من الودائع فى البنوك فى ظل ارتفاع مستويات التضخم. كما تنتشر الوحدات السكنية الشاغرة فى كل من "المدن الجديدة والمناطق غير الرسمية والحضرية القديمة" فقد ارتفعت نسبة الوحدات المغلقة ١٢.٨٪ عام ١٩٨٦ ثم وصلت لـ١٩.١٠٪ عام ١٩٩٦ واستأثرت القاهرة بنحو ٤٠٪ الوحدات الشاغرة ثم قفزت إلى ٣٣.٢٠٪ ٢٠٠٦ فيما كشف التعداد السكانى الأخير ٢٠١٧ وجود نحو ١٢.٥ مليون وحدة سكنية مغلقة بنجو ١٩.١٪ من إجمالي الوحدات فى مصر ما يشير وجود ثروة عقارية تقدر بمئات المليارات معطلة. فيما تم إنشاء الوحدات السكنية بالمناطق الجديدة لجذب قرابة ١٢ مليون شخصًا للانتقال والعيش بها.
وأضافت "الورقة البحثية": بلغ متوسط الوحدات الشاغرة على مستوى الجمهورية للمدن الجديدة عام
٢٠١٧ نحو ٦٩٪ بدلا من ٦١٪ فى ٢٠٠٦ كما بلغت نحو ٨٦٪ بإقليم الصعيد فى ٢٠١٧. كما قفزت نسبة الوحدات الشاغرة بالمدن الجديدة بدون قاعدة اقتصادية بين ٧٢:٩٣٪. كما وارتفعت نسبة الوحدات الشاغرة فى الشيخ زايد والمنيا الجديدة. كما تهدف فلسفة الوحدات السكنية الجديدة لإنشاء مراكز حضارية جديدة وإعادة توزيع السكان بعيدا عن الشريط الضيق لوادى النيل ومد محاور التنمية إلى الصحراء والحد من الزحف العمرانى على الأراضى الزراعية إلى جانب توفير وحدات سكنية بأسعار مقبولة لمحدودى الدخل.
نشأة المدن الجديدة
بدأت فكرة بناء المدن المستقلة والجديدة فى الصحراء منذ خمسينيات القرن الماضى ولكن الدفعة القوية جاءت بعد انتصار عام ١٩٧٣ وبدء سياسات الانفتاح وكانت الفلسفة هى تنمية الفراغات الاستراتيجية فى مصر بهدف رسم خريطة جديدة لمصر وبحلول ١٩٧٧ تم إنشاء مدينة العاشر من رمضان وكان من المقرر أن تتمتع بقاعدة اقتصادية مستقلة تعتمد على المنشآت الصناعية والإسكان الذي تقيمه الحكومة وكان المستهدف تسكين ٥٠٠ ألف نسمة آنذاك.
تكثيف الإعلام يحرك الاستجابة لدى المصريين
بدوره يعلق الدكتور عبدالله العريان، أستاذ التخطيط بجامعة القاهرة، عن القيمة الايجارية للوحدات السكنية؛ بأن الأسعار تحمل مغالاة كبيرة وهناك عرض أكبر من الطلب بقدر كبير بفعل التضخم، علاوة عن تراجع القوة الشرائية.
وبالنظر إلى الطرح حول تأسيس شركة حكومية تستخدم تطبيق إلكتروني يمسح كل الوحدات بجميع مناطق الجمهورية كما تشمل الوحدات السياحية، وفى ذات الوقت تلتزم بوضع التشريعات القانونية التى تنظم عملية التأجير، يقول "العريان": المشروع فرصة هامة لتقليل الأسعار للجمهور ويرفع من قدرتهم على عمليات التأجير، ويبقى الرهان حول المصداقية خاصة أن الشعب المصرى بطىء فى رد الفعل وهنا لن يكتب النجاح للمشروع إلا من خلال الدعاية الإعلامية القوية والحديث فى وسائل الاعلام وعرض نماذج ناجحة وخاضت التجربة لكسر حاجز الخوف.
أسباب الشغور فى المدن الجديدة
وبحسب الورقة البحثية فقد حددت عدة أسباب لزيادة حالات الشغور فى الوحدات السكنية وفق مسح المرصد الحضرى الوطنى ٢٠١٠ عينة من ٧ مدن فيكون الاستثمار العقارى بهدف الاستخدام المستقبلي ٥٤.١٪ والاستثمار فى المستقبل بنسبة ٢٣.٥٪ ويرجع ذلك لأن الإسكان آلية ادخار لدى المصريين لانعدام الثقة فى الاقتصاد لذا يحمي المصريون مدخراتهم فى صورة وحدات سكنية مجمدة تماشى زيادتها مع معدلات التضخم كما أشار "المرصد" إلى أسباب أخرى مثل عدم وجود مال للتشطيب وعدم وجود تصاريح بناء وعدم توافر بنية تحتية ونقص الخدمات وعدم توفر مواصلات ونزاع المواريث.
وبحسب تقرير مشروع الدعم الفنى "الوكالة الدولية للتنمية ٢٠٠٧" عدم وجود أية عقوبات على الاحتفاظ بالوحدات السكنية خالية "ضرائب العقارات بسيطة "علاوة إنتاج مساكن بمساحات كبيرة فاقت طلب شريحة الدخول المتوسطة بأغراض التملك أو الإيجار ما ساهم فى بقائها خالية.كما ساهمت برامج دعم الإسكان غير الموجهة بشكل جيد علاوة عن ارتفاع قيمة مقدم الحجز ونسب الفوائد على القروض وارتفاع قيمة الوحدات نفسها.
وليد جاب الله: فكرة مفيدة للمالك والمستأجر والشركة الوسيطة
يقول الدكتور وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للإحصاء، مصر لديها أكثر من ١٢ مليون وحدة سكنية شاغرة ولكنها تتنوع لأقسام عدة، والجانب الأكبر يقع فى المدن الجديدة وأغلبها غير مشطبة وغير جاهزة للسكن قام شرائها مالكيها بغرض الاستثمار فى العقارات ولكنها لازالت لن تستكمل بعد وتحتاج لتكلفة لتشطبيها قبل طرحها للسوق الإيجاري. أما النوع الثانى يختص بقرابة مليونى وحدة سكنية تتبع الإيجار القديم وهى جاهزة للطرح شريطة صدور تشريع يعيد الوحدات لأصحابها حتى يستطيعوا إعادة طرحها فى السوق لأن مستأجريها انتقلوا لوحدات جديدة وأغلقوها لزهد القيمة الإيجارى. أما الثالث، وجود شريحة لديها هواجس وتخوفات من مسألة التأجير ولا ترغب لادخارها لأبنائهم بدون التعرض للتلف لقلة صيانة المستأجرين أو الدخول فى مشكلات قانونية ؛ وهنا تنسدل خيوط الأزمة
وأضاف جاب الله لـ"البوابة": فكرة إنشاء شركة تتولى الوساطة فى عملية التأجير جيدة بحيث يقوم الملاك بتسليم وحداتهم للشركة بشكل قانونى وفترة محددة مع ضمان الحالة الانشائية السلمية وقت استردادها، وحتى يتحقق ذلك يلزمه وجود تنظيم تشريعى يكفل للشركة سلطة فى مجال الوساطة القانونية الملزمة عبر جهاز فاعل لعودة الوحدات لأصحابها وإلزام المستأجر بتكاليف الصيانة.
ويواصل "جاب الله": سيبدأ التأثير بسيط فى البداية حتى يشاهد المواطن حالات عملية على أرض الواقع وبمجرد كسب الثقة ستسارع الملاك فى تقديم وحداتهم الجاهزة والإسراع فى تشطيب الوحدات غير الجاهزة ما ينعش العمل العقارى ويساهم فى توفير الوحدات السكنية بقيمة إيجاريه مقبولة وتتحقق الفائدة لكل الأطراف الثلاثة وهم المالك والمستأجر والشركة الوسيطة.
وأكدت وزارة الإسكان، أنها تعمل من خلال الجهات التابعة لها، وتنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، على توفير مختلف الوحدات السكنية بأنماطها المتنوعة، بما يتلاءم مع احتياجات مختلف شرائح المجتمع، وهناك أدوات معلومة ومعروفة للحصول على تلك الوحدات، والتى استفاد منها مئات الآلاف من المواطنين.
وأضاف أنه جارٍ حاليا دراسة مستفيضة لآلية عمل الشركة، والتى ستكون وسيطا بين مالك الوحدة السكنية والمستأجر، حيث ستتعاقد الشركة مباشرة مع مالك الوحدة لتأجير وحدته مقابل عائد مادى لعدة سنوات.
تخطيط عمراني: الاستثمار العقارى فى المرتبة الثانية بعد الذهب ونحتاج لتشريعات قوية وطرح المشروع لحوار مجتمعى
وفى السياق ذاته، يقول الدكتور محمد إبراهيم جبر، أستاذ التخطيط بجامعة القاهرة: للأسف حركة العمران خلال العقود الماضية لم تكن مرتبطة بسياسة العرض والطلب وذلك يرجع لأن الشخصية المصرية تعتبر أن العقارات هى الاستثمار الآمن وبالتالى يمكن أن يتم بناء عقار مكون من ١٣ دور بدون أن يعرضه للبيع أو الإيجار، ما يزيد من حجم الوحدات الشاغرة.
وأضاف «جبر» لـ"البوابة": مشكلة الثروة العقارية فى مصر غير مستغلة عبر عقود خاصة أن الأمر يرتبط بثقافة المصريين بأن الاستثمار الذى يأتى بعد الذهب يأتى ملكية الأرض أو العقار بغض النظر عن العرض والطلب وحركة العمران كانت متنامية بشكل كبير خلال العقود السابقة، وبالتجول فى محافظات الجمهورية ستفاجئ بأن معدلات الإشغال لا تتجاوز ١٥ إلى ٣٠٪ خاصة أن ا مناطق الضواحي بعيد المناطق المزدحمة.
كما تأتي حلول المشكلة من خلال مواجهة الثقافة لحل أزمة الثروة العقارية فى مصر ويرجع السبب أن المتاح لدى الدولة فى العمران يتجاوز حدود الطلب ويوجد نوع من تباين أو خلل فى الاحتياجات والمتاح فيمكن أن تجد وحدات سكنية كبيرة جدا متاحة ومغلقة ولا تلبى احتياجات الشرائح المجتمعية البسيطة سواء فى التملك أو الإيجار.
ويواصل "جبر": كما تتراجع معدلات الاشغال فى المدن الساحلية أو اسكان المصايف ولا تحقق هامش ربح لشركات القطاع الخاص أو مشروعات الدولة الأخيرة فى مسألة الاستثمار فى السوق العقارى وهناك تخوفات كثيرة من الإنزلاق فى ما يسمى "الفقاعات العقارية".
ونسبة كبيرة من الوحدات السكنية تكون خاوية التى يمكن إرجاعها بسبب هشاشة القوانين فى عدم قدرة حصول الملك على استحقاقاته المالية ولا يستطيع طرد السكان وهنا يفكر كثيرا فى عملية التأجير وهنا يأتى دور الدولة فى أهمية وضع أطر تشريعية وقانونية تحافظ من خلالها على حقوق الملكية وخاصة أن فى فترة من الفترات كان يتحول المستأجر إلى مالك وهنا تأتى المخاطرة، فالدولة من المفترض تبنى وجهات نظر تخدم الطرفين مع العلم أن الأكثر تضرر فى كثير من الأحيان يكون المالك الذى قد بفقد مليكته ومعالجة كل النصوص الذى قد يتغول منها المستأجر على المالك .
ويختتم "جبر" فى كيفية إدارة ملايين الوحدات الشاغرة عبر شركات من قبل الدولة أو القطاع الخاص التى تعمل على توفير العرض والطلب والإتاحة خاصة للطبقات الاجتماعية غير القادرة على تملك الوحدات ما يزيد الإتاحة وييسر على الشباب فى الزواج ونحتاج لطرحها فى مجلس النواب مع أهمية المشاركة المجتمعية ومناقشة كافة الأطراف لتكون صياغة القانون فى شكلها النهائى تتوافق مع رؤية المالك احتياج المستأجر.
«الإدريسي» يشترط تميز الشركة بإدارة فندقية عالية المستوى
وفى السياق ذاته، يقول الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي: بسبب ارتفاع مؤشرات التضخم يسارع أصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار فى النشاط العقاري باعتباره أكثر ربحية من الودائع فى البنك، وتوجد ملايين الوحدات السكنية وتقوم بـ"تصقيعها" وتأتى فكرة الشركة لتحقق رواج فى السوق العقارى وتعظم الاستفادة من تقديرات تشير بـ أكثر من ١٢ مليون وحدة سكنية التى لن تقتصر على المدن الجديدة أو الخاضعة للإيجار القديم ولماذا لا تشمل الوحدات السياحية بالساحل الشمالى والعلمين وغيرها.
يضيف «الإدريسي» لـ«البوابة»: الشركة ستخلق نوع من المنافسة التى تسهم فى خفض القيم الإيجارية مع ضرورة وجود شركة على مستوى عالي بإدارة فندقية على مستوى عال وتراعى فيها كل الشرائح ما بين الإيجار لسنة أو شهر أو أسبوع حتى تلبى كل الفئات واحتياجاتها. وبمجرد نجاح الفكرة ستسارع القطاع الخاص فى المنافسة وهنا تزيد الإتاحة والمعروض وتقل القيمة الإيجارية.